المليشيات الإثيوبية .. أعمال عدائية داخل الأراضي السودانية

المليشيات الإثيوبية .. أعمال عدائية داخل الأراضي السودانية

 

أمدرمان: الهضيبي يس

توغلت مليشيات إثيوبية داخل الأراضي السودانية خلال الأيام الماضية، وقامت بالاعتداء على مزارعين بمنطقة الفشقة عند ولاية القضارف المتاخمة لدولة إثيوبيا. بينما لم تكتف تلك الجماعات بتهديد وطرد المزارعين مع حلول فصل الخريف ودخول موسم الزراعة، بل قامت بالاعتداء عليهم أيضًا، مما تسبب في إصابة البعض إصابات متفاوته نقلوا على إثرها للمستشفى. كذلك لم تكن هي المرة الأولى التي تقوم فيها هذه المليشيات المسلحة بالتوغل داخل الأراضي السودانية، مستغلة طابع الأوضاع والظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان من حيث دخول الجيش في حرب منذ منتصف شهر أبريل لعام 2023. وكان الجيش السوداني قد قاد حملة عسكرية بحلول العام 2020 على الحدود السودانية – الإثيوبية، أسفرت عن دحر تلك المليشيات ومجموعة العصابات المصاحبة لها وبسط سيطرته الكاملة على منطقتي الفشقة الصغرى والكبرى التي تصر إثيوبيا بأنها منطقة نزاع حدودي يستوجب التفاوض عليها.

+ شد الأطراف

ويرى مراقبون في هذا الشأن بأن هناك محاولة من إثيوبيا لجر الجيش نحو مستطيل ما يعرف بعملية شد الأطراف، مما يسهم في إنفاذ مخطط الإنهاك والاستنزاف ما بين الحدود الشرقية (إثيوبيا) والغربية مجموعة تحالف دول غرب الصحراء، وشمالًا ليبيا، حتى يكون الجيش مجهدًا ومشتت الأطراف ويسهل الانقضاض عليه والتحكم من ثم في موارد الدولة. بالمقابل، كان قد زار رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان خلال شهر يوليو الماضي، أجرى عبرها مباحثات مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان حول مجمل تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية وعملية إحلال السلام بالسودان، وهو ما يثير التساؤلات بشأن الموقف الإثيوبي الذي يحاول ترميم العلاقات من جهة ويمارس الاعتداء على الاراضي السودانية من جهة أخرى.

+ انتهاك للسيادة

ويقول النائب السابق بالبرلمان عن دائرة الفشقة مبارك النور: إن المليشيات وتحت حماية وغطاء الجيش الإثيوبي أضحت تقوم بعمليات الاعتداء على المواطنين السودانيين بمنطقة الفشقة وتتوغل بشكل داخل أراضينا. وأضاف “النور” أن ما تقوم به إثيوبيا يعد اعتداءً على الأراضي السودانية وانتهاكًا لسيادتنا بشكل يشير إلى النوايا الإثيوبية أنها تقوم بذلكم الفعل مستغلة الأوضاع الداخلية للسودان بخوض الحرب ضد مليشيا الدعم السريع. واتهم النور “أديس أبابا” بأنها تقوم بلعب دور إقليمي الهدف منه جر السودان إلى مربع المواجهة العسكرية. وبعث “النور” برسالة مفادها أن المواجهة ما بين تلك المليشيات الإثيوبية المسلحة ستكون معنا نحن أصحاب الأرض التي سندافع عنها بكل ما نملك وبشتى السبل.

+ مشروع توسعي

ويؤكد الباحث في الشؤون العسكرية اللواء بشير خالد أن إثيوبيا لديها مشروع توسعي، فهي تظل تبحث عن أرض بعد ضمان استكمال سد النهضة بواقع يفوق 95% وتحقيق ما يعرف بالاكتفاء الذاتي من الطاقة. بينما هناك مخاوف تظل تتولد وتزداد من داخل إثيوبيا نفسها، خاصة مع تضاعف حجم السكان وتقلص مساحات الأراضي الزراعية وواقع التضاريس والمناخ وما تتسم به طبيعة الأرض الحجرية في الدولة، كل تلك العوامل تدفع “أديس أبابا” للبحث عن مشروع بديل يحقق لها الاكتفاء بصورة غذائية. ويمضي اللواء بشير قائلا: أيضًا التوغل داخل الأراضي الإثيوبية باستمرار والزحف المتكرر بغض الطرف عن الجماعات الخارجة عن القانون دون أي رد فعل اتجاهها أمر يشير إلى تخطيط مسبق من قبل إثيوبيا بأنها ترغب في تطبيق عملية إعادة تموضع داخل الأراضي السودانية، مما يهيئ الأجواء مستقبلًا للتفاوض متى ما استقرت الأوضاع السياسية الداخلية في السودان. وقال بشير أنه وبصورة “عسكرية”، فإن مجمل العصابات الإجرامية الحاملة للسلاح وتقوم الآن بتنفيذ أعمال عدائية بحق السودانيين ما هي إلا نتيجة لحالة الخلافات بين القوميات الإثيوبية داخليًا، مما ترتب عليه انتشار السلاح بأقاليم التقراي والأورومو والعفر وغيرها من المناطق التي باتت تشهد مواجهات عسكرية من وقت لآخر. وعليه، فإن السودان بحاجة لتبرير واضح من قبل الحكومة الإثيوبية، ليس فقط بصورة دبلوماسية، وإنما يكون الأمر مصحوبًا بتعهدات عملية تكفل حماية هؤلاء المدنيين من أي اعتداء مستقبلًا.