كمال عوض يكتب: عبد الله الأزرق .. أيقونة الدبلوماسية والفكر والأدب

قضايا وآراء

كمال عوض

عبد الله الأزرق .. أيقونة الدبلوماسية والفكر والأدب

+ اليوم هو يوم جمعة من شهر ابريل 2013.. مضت عجلى أيام دورة تدريبية في لندن.. أعددنا العدة للقاء سفير السودان في المملكة المتحدة الدكتور عبد الله حمد الأزرق، الذي أقام مأدبة عشاء فاخر على شرف المجموعة..
+ في تلك الليلة تحدث الأزرق، عن ضرورة تأهيل وتدريب الكادر الإعلامي السوداني، لمجابهة الهجمات الشرسة التي تواجه الوطن من قبل الإعلام الغربي.
+ كان ينظر برؤى ثاقبة لما يجري من أحداث ويرصد مشعلي الفتن والدسائس ضد السودان بعيني خبير، لذلك كان مهتمًا بالمجموعة التي اعتبرها نواة لتكوين خط الدفاع الإعلامي في مواجهة أعاصير الغرب.
+ كانت تلك بداية معرفتي بالراحل السفير والدبلوماسي والشاعر عبد الله الأزرق الذي توطدت علاقتي به بعد بقائي لفترة أطول في لندن.
+ تعددت اللقاءات الرسمية والخاصة مع الأزرق، وكانت أجملها تلك التي تضمنا في الأمسيات ببهو منزله. كنت محظوظًا لكوني حظيت بجلسات مع كنز معرفي وخزانة أسرار وشاهد عيان على فترات عصيبة في تاريخ السودان.
+ عندما يهدأ صخب لندن، ينثر الأزرق الدرر وينساب صوته وطريقته الجاذبة في إلقاء قصائد وأشعار غاية في الروعة، ورغم كل ذلك الألق كان يقرأ ويختلس النظر ليرى وقع كلماته، ثم ننغمس في تفاصيل الشعر وبحوره ويسرقنا الوقت، ونفترق على وعد بلقاء جديد.
+ لم يمنعني سحر لندن من لقاء الأزرق، فكنت في صبيحة كل يوم أحضر مراسم تغيير الحرس الملكي لقصر باكنجهام وأتسكع في الهايد بارك وأندس وسط مرتادي (Speakers Corner) ثم أذهب بإتجاه بحيرة البط والنوافير المنتشرة إنتظارًا لهاتف السفير الذي لا يتأخر كثيرًا.

+ تخللت جلساتي مع الراحل الأزرق النقاش حول بعض الملفات الحساسة، فتحفظ على القليل وتحدث كثيرًا بمعلومات غاية في الأهمية ربما أنشر بعضها إن كان في العمر بقية. ومن أبرز تلك الملفات حديثه حول بيع بيت السودان بلندن وخط هيثرو وعملية شريان الحياة، وغيرها.

+ لم تنقطع علاقتي بعبد الله، وكنت من أوائل الذين أطلعوا على كتابه الذي أحدث ضجة عالمية وأختار له عنوان: (تنظيم داعش – ادارة التوحش)، وكان يرسل مقالاته بإستمرار، ولكنه توقف في الآونة الأخيرة.

+ قبل أيام كنت أتحدث لأستاذنا حسين خوجلي في قضايا مختلفة، وفجأة قفز إسم عبد الله الأزرق، قلت لأستاذ حسين أين أختفى؟ أخبرني بأن الأزرق مريض، ورغم عزيمته التي لا تلين ومقاومته وجلده، إلا أنه يمر بأيام صعبة وامتحان سيجتازه بالصبر والإيمان واليقين.

+ بالأمس نعى الناعي السفير عبد الله الأزرق ليرتاح أخيرًا هذا الجسد من رهق المرض ويجف مداد القلم الذي ملأ المكتبات والدواوين بالفكر والأدب والسياسة، وتبقى ذكراه وأعماله وتضحياته وما قدمه من رؤى وأفكار تمشي بين الناس، سيرة عطرة وعمل صالح يرفع درجاته في أعلى الجنان في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
إنا لله وإنا إليه راجعون.