الأمين علي سليمان .. الفنان المنسي

الأمين علي سليمان .. الفنان المنسي

كتب: أمير أحمد حمد

المطرب الراحل الأمين علي سليمان من العيلفون، وهو من كبار الفنانين الذين لم يجدوا حظهم من الإنتشار. وأعتزل الغناء لسنوات قبل وفاته. من أغنياته (نجوى) التي تغنى بها عام ١٩٥٩ والتي صاغ كلماتها قرشي محمد حسن ولحنها الراحل خليل أحمد. وأغنية جرحي وآلامي كلمات الياس محمد أحمد وأيضاً تغنى بها محمود عبد العزيز. بالاضافة لـ حبيب الروح، أرض الجزيرة، ربيع الجمال، حرام تظلمني، تحية العيد، أماني العيد، وصد عني حبيب.

عاش الأمين في بيئة دينية محافظة، ووالده الحاج علي سليمان كان ملتزماً بهذا الجانب الديني. وحرصت أسرته على إبعاده من دائرة الفن بالعمل في المشاريع التجارية مع شقيقه في ود الحداد بالجزيرة النيل الأبيض، وقضى فيها جزء من حياته، وطاب له هناك المقام وتزوج وأنجب فيها .
للأسف لاتوجد له أية تسجيلات تلفزيونية في المكتبة السودانية توثق سيرته سوى حلقة واحدة قدمها الأستاذ عمر الجزلي في برنامج أسماء في حياتنا، سُجلت قبل سنوات قليلة من رحيله. و سجلت له إذاعة ركن السودان بالقاهرة عدداً من الأغاني في بداية مشواره الفني وهي التي حفظت جزء من تراثه العريض .
كان الأمين مولعاً بقراءة الصحف اليومية والنظافة، وتزوج من زينب محمد علي، وكان يعشق شرب الشاي كأنه برمكي، ويقضي معظم وقته مهندماً بالحُلة الأفرنجية. وله ثنائية مع الشاعر قرشي محمد حسن في أعمال وأشهرها (أنا إن أقبل الليل).. وقد أعجِبَ بها محمد يوسف موسى جداً:

أنا إن أقبل الليل
وأغفت فيه عيناك
وطاف الحُلم خفاقاً
وطنب في مُحياك
وهبت نسمة الفجر
تداعب خُصلة الشعر
وتُوقظ جفنك الخمري
سكبت إليك من شعري
أغاريد الهوي الباكي
وماج العطر الواناً
يزف أريجك الزاكي
عزفت الشعر الحاناً
وهمت إليك ظمآن

من أوائل الأغاني التي تغني بها الأمين أغنية في سبيل نظرة من عيونك كم تحملت جور عهودك وتجرعت من وعودك خمرة كأسها صدودك أيها الناسي وعدنا هل تجاهلت أمرنا كيف لا تدري حبنا.
وكان الأمين يكتب الشعر من سنين باكرة في حياته ولكن للأسف ضاع أغلب هذا التراث الذي تركه، كتب الشعر والمشهور عنه أنه فنان فقط، وقيل أنه كتب في فتاة من شمال السودان وأهدى القصيدة إلى الفنان علي ابراهيم اللحو:

ما دام نسى العشرة
واختار سوانا حبيب
خلينا لي الأيام
لو لي ضميره حسيب
جرحي والآمي
كلو يا ظالم من عيونك ديل
في عيونك ديل لحظك القاتل
والجمال والذوق فيك محيرني
انت يا الفاتن حبك الساكن
في قلوبنا لهيب شوف صُبرنا عليه
كل الناس تهواك يا الرفيع معناك
كيف أفور برضاك تسعد أيامي

نسمات الحجاز واحدة من الأناشيد الدينية التي أبدع في أدائها الأمين علي سليمان وهي لصاحب البرنامج الإذاعي أدب المدائح قرشي محمد حسن. وما بين قصيدة نسمات الحجاز التي سُجلت في خمسينات القرن الماضي ومستشفى الأنصار في العام 2005م ، كانت رحلة البداية مع الحياة، ورحلة النهاية مع الموت، وهو في عمر الثمانين أكتحلت عيناه برؤية مدينة الرسول الأعظم، وكأن الأقدار كانت تخبئ له هذا الموت السعيد، كانت آخر أنفاسه تتصاعد وهو علي بعد خطوات من المسجد النبوي الشريف، نسمات الحجاز كانت يومها تحمل روحه الطاهرة إلى أعالي السموات.
نعم توفي الأمين علي سليمان في المدينة المنورة في 2005، دون أي ضوضاء ودون أن يحفل به أحد. وتلقى إبنه الدكتور علي الأمين العزاء من قلة قليلة من عارفي فضله وفنه. رحمة الله على الأمين.