وهل يصلح الحزن بيدرا للمؤانسة؟

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
وهل يصلح الحزن بيدرا للمؤانسة؟
* اختصاراً للزمن ماذا لو صعد أحد الرؤساء العرب الى منصة الجامعة العربية وقالها بالمختصر المفيد: أيها الملوك والرؤساء والأمراء العرب يسود العبد بأربعة الأدب والعلم والصدق والأمانة. فانظروا ماذا فقدت منها حتى صرتم في الدرك الأسفل من الحكام والبلدان.. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم. وأرجو أن تكون الأحداث والليالي الحوالك والجراح التي ضربت الجسد الواهن قد إرتفعت إلى العقل والمشاعر فقرر الشعب وقررت القيادات العربية حقها في التوبة والإنعتاق والتغيير فالمؤامرة التي تحيط بمصر الحبيبة وفلسطين السليبة والخليج الذي يتعرض للتخويف والإبتزاز والمغرب الكبير الذي يقف على فوهة بندقية وصفيح ساخن والسودان الذي غستفرد به الإعداء والشام تلك الأرض العريقة التي تكسرت فيها النصال على النصال مع العراق الذي إعادوه إلى العصر الحجري واليمن التي يدكون فيها البشر والحجر والشجر كل هذا يستوجب النهضة والعقلانية والواقعية وإلا فالسقوط في الهاوية أقرب مما نخاف نحن ويأملون هم وهم هذه تعني كل الإعداء الذين يتربصون بنا سرا وجهرا.
* فريق أممي يبحث عن مصادر التسليح في دارفور ومصادر الجوع والمجاعة والمعادن الدفينة.. انتهى الخط. هذه الفرق المتعددة الجنسيات لا تعرف الخوف ولا الحياء.. ولكن من حقنا أن نلاحقها بأمثالنا أن لم نستطع أن نلاحقها بأنفالنا (ديل ناس حيازتو بكتلو الكتيل ويمشوا في جنازتو).
* كم عدد الجيوش في بلادنا؟
سؤال في الهواء الطلق.. ولا أتوقع إجابة.. لأن لا أحد يستطيع الإجابة أما أقربها للحقيقة (إنه جيوش واحدة) لأن أي جيش من عشرات الجيوش التي نشاهدها يعتقد أنه هو الأوحد والشرعي، فهل في هذا درس للجيش الوطني الكبير الذي يتوجب عليه الفلاح والصلاح والإحاطة والهيبة وعقيدة الوحدة والتوحيد فنحن في عالم لا يحتفي بالصغار والتنمية الجديدة تبدأ وتنهي بالجيش الجرار المدعوم من الشعب والأحرار.
* المعسكرات في دارفور بعد أن ظلت طوال عمرها تطالب بالسلام والحماية الدولية, أصبحت الآن تطالب بالبطاطين والعدس الساخن، ويتواضع الناس في بلادي ولا يتواضع الساسة ولا البندقية. ذهب الجميع فلا المعسكرات بقيت ولا العدس بقي ولا البطاطين في زمان أصبحت طواحين القتل والإبادة هي المشروعات الوحيدة للإستثمار في دارفور الخلاء الذي لا زراعة فيه بعد أن سادت البربرية والوضاعة.
* أنا أحب غناء الستينيات الجميل والكورة في عصرها الذهبي والنفاج وقعدات العصاري.. والجنيه السوداني عندما كان يساوي ثلاثة دولارات.. نعم أحب كل هذه المفردات ولكنني أحب ذكرياتي أكثر.
لو كانت الذكريات السودانية رجلاً لقتلته..!! ولكنني أحب الحزن النبيل على كل هذه المفرادات الفقيدة والمفقودة ولكنني أصارع كل هذا القبح الذي يحيط بنا ولو كان القبح رجلاً لقتلته..
* عندنا ولنا صديق مثقف ومتابع ومهتم بكل جديد.. ولكن مواقع الصرافات الآلية لم تهزه.. لأنه لا يحلم باستعمالها حتى يوم الموقف العظيم لو وجد له رصيد من رزق طيب أو حسنات تذكره بالمكافأة بين الديبت والكريدت. قال الشاهد: ما عاد هناك مثقف على الأرض ولا صراف فالجميع (أنصرفوا إلى المنافي) وتوصيلة الكهرباء للمصارف قد إحرقت وأصبحت تلالاً من النحاس المعد للتصدي في بطاح تشاد وأفريقيا الوسطي.
* بعض احترامي القديم للدكتور المعارض يجعلني أتساءل (أليس في عمر كل سودان 56 ما يستحق الاشادة أو المناصحة)؟!
أما الانتقاد المر فهو من شجاعة الدكتور حين يكتب.. ومن شجاعة سودان 56 حين يرد أو حين يصمت.. والأولى أشرف عند الله والناس.. تري هل من أصوات وأقلام تدافع عن سودان الاستقلال الذي أصبح في هذه الإيام البائسة جريمة يحاكم ويقاضي عليها القانون.
* هاتفني أحد الأصدقاء (الاماراتيين) وهو صاحب ثروة ونفوذ وثقافة ولطف، لتأسيس مجلة عربية أسبوعية وقناة فضائية ومشروع نشر، بشرط أن يكون أصل المشروع بمدينة الشارقة.. فقلت له إن العرض لا يرد وشكراً على الثقة.. ولكنني أعجب كيف يعيش الناس خارج السودان خاصة في هذا المنعطف الخطير اننا لن نضيق واسعا (ولكن أخلاق الرجال تضيق).
سقط العرض لكنني تنازلت عن الاسم فما رايكم في قناة (سمراء الفضائية)، ذلك الأسم الذي يجمع بتلقائيته العرب والعجم والسمر من هؤلاء وهؤلاء في أفريقيا القديمة الجديدة، و(ألوان) تعاود الصدور يومياً على الميديا تخطئ وتصيب.. ونحن على ضفاف المعافاة بصبر مخالفينا واحتمال أصدقائنا لكل الكلمات الشوارد والقاسيات، أما الورق الذي كانت تطبع عليه الصحافة القديمة فقد أصبح لا يكفي لتغطية الجراح وقد إستحال الحبر إلى دم والحروف إلى خناجر.
* إنها مبارزة الأعين المرهقة والتلفزيون المجهد والانتظار الطويل وحصيلة إعياء (7X24) ساعة, وآخر دعوانا أن التراجع وتمديد الإجازة من الثلاثاء حتى الجمعة (ردة)..!! هذه كلمات في زمان الإجازات أما ما بعد النكبة فقد دخل السودان كله في أجازة بلا راتب.
* كان الطفل يقول لأنداده إن أبي كان يحرص على أن أحفظ قول الحكيم:
إذا أراد الله بعبد خيرا:
1- ألهمه الطاعة.
2- وألزمه القناعة.
3- وفقهه في الدين.
4- وعضده باليقين.
5- فاكتفى بالكفاف.
6- وأكتسى بالعفاف.
وإذا أراد به شراً:
1- حبب إليه المال.
2- وبسط منه الآمال.
3- وشغله بدنياه.
4- ووكله الى هواه.
فركب الفساد فظلم العباد، وأكملها لهم وهو رجل : (والله قد صدقت في تنمية المال وجمعه فأربى وزاد.. ولكنني والله لم أجده يوماً في قلبي) لأن ربي وأبي وقول الحكيم لم يفارقني، وقد شوهد هذا الرجل الأن يدير التكايا ويقيم على الأبار مشروعات الطاقة الشمسية الصغيرة فتنبجس من بين يديه الأضاءة والماء والحكمة وياله من رجل ويالها من ثلاثية.
* ومن صادق الشعر والحكمة والحكاية.. خرج فتى في طلب الرزق، فبينما هو يمشي فاعيا فآوى الى خراب يستريح فيه.. فبينما هو يدير بصره إذ وقعت عيناه على أسطر مكتوبة على حائط فتأملها فاذا هي:
إني رأيتك قاعداً مستقبلي
فعلمت أنك للهموم قرين
هون عليك وكن بربك واثقاً
فأخو التوكل شأنه التهوين
طرح الأذى عن نفسه في رزقه
لما تيقن أنه مضمون
قال: فرجع الفتى الى بيته ولزم العمل والتوكل، وظل يدعو اللهم أدبنا أنت لا عبادك.
* كان الشوق والهيام بالحبيب سبب دوام الإلفة والزواج قديماً.. واليوم برودة الشوق والتلهي عن الحبيب والفقر والمنافى وقلت اليقين سببا في إعلانات الطلاق التي ملأت الصحف.. وهؤلاء قطعاً لم تتوافر لهم رائعة:
حبيب الروح الى ما
تعود يا نور عيوني
ويعود للعين مناما
يا الخاتي الملاما
وفي اسمك سلاما
ميم محيك مضيئة
ونون خدك علامة
أبعث ليك تحية وارفع ليك ظلامة
يا سيد روحي مالك وفيم الصد علاما!
يا العالي وتسامى
يا الطفل المدلل موصوف بالوسامة
أشرح ليك حالي وآلامي الجساما
وعاديات الليالي شاهرة علي حسامه
هل يا روحي أحظى بنظرة وابتسامة
ويا القسمونا قسمة وما راعوا انقساما
وقال ظريف المدينة معلقاً حتى في العلاقات الخاصة يترصدنا رصاص الشتات بالانفصال والتقسيم (يا القسمونا قسمة وما راعوا إنقساما)!.