حي العرب .. الدنيا باسمة والأيام طرب

حي العرب .. الدنيا باسمة والأيام طرب (2)

بقلم: أمير أحمد حمد

في مقال سابق تحدثنا عن حي العرب أو فريق العرب كما يحلو لأهله تسميته بهذا الاسم، وتعرفنا فيه على مكوناته الاجتماعية وحدوده الجغرافية وثقافاته المتعددة التي اتسم بها هذا الحي ورموزه الرياضية والسياسية. ولكن في هذا المقال نتطرق إلى الجانب الغنائي والشعر والفن عمومًا، وهي من أهم سمات هذا الحي التي جعلت شاعر حي العرب وأم درمان على محمود التنقاري يفتخر به في شعره الغنائي حينما قال: “تلقى الدنيا باسمه والايام طرب هنا في حي العرب”. حقًا وصدقًا، كانت ليالي الأفراح في هذا الحي تتميز بالجمال والروعة عن بقية أحياء أم درمان.
احتشد هذا الحي في شماله وجنوبه ووسطه وشرقه وغربه بمبدعين وضعوا بصماتهم في خارطة الفن السوداني في مختلف عصوره، منذ أيام الطنبرة والدوبيت والحقيبة ومرورًا بالعصر الوتري الحديث. وإذا بدأنا بالحقيبة لا بد أن نتعرض للشاعرين سيد عبد العزيز ورفيق دربه الشاعر عبيد عبد الرحمن، وقد اشتركا في ديوان شعري واحد بإيعاز من صديقهما خالد آدم ابن الخياط.
ولا يخفى على المتابع للفن السوداني تأثير هذين الشاعرين على فترة حقيبة الفن، ويُعدان من شعراء الجيل الثاني لحقيبة الفن. وساهما مساهمة كبيرة في مسيرة الفنان إبراهيم الكاشف، وأكثر من 90% من أغنياته تأليف هذين الشاعرين. وحاولا من خلال هذه المساهمة الكبيرة تغيير الكثير من نمط الحقيبة كما ذكر عبيد نفسه.
ومن شعراء الحي الأستاذ وبروفيسور الأغنية السودانية عبد الرحمن الريح، ويعتبر من آخر شعراء الحقيبة هو وعلي التنقاري. وعبد الرحمن الريح شاعر مخضرم عاصر فترة الحقيبة والعصر الوتري، وقد اشتهر بأنه ملحن لمعظم كلماته، واكتشف عددًا من نجوم الفن أمثال إبراهيم عوض ورمضان حسن وصلاح محمد عيسى وصالح سعد والفاتح حاج سعد، والقائمة تطول. وقد يذاع له عبر الإذاعة السودانية في اليوم أكثر من 15 أغنية.
ومن شعراء الحقيبة الذين عاشوا في هذا الحي الشاعر صاحب المفردة الأنيقة يوسف حسب الله الملقب ب”سلطان العاشقين”، رغم أنه مقل ولكن له أغنيات زاهيات طوق بها جيد الحقيبة، ومن أشهرها “ردي حبيبة منام أجفاني أشاهد بس طيفك وكفاني”.
ولا يمكن أن نتخطى أيضًا الشاعر الكبير يوسف الحسن والد الضابط والإداري الشهير بنادي المريخ حسن أبو العائلة، وشقيقه الشاعر تاج السر. الشاعران المذكوران أخيرًا رغم جودة شعرهما ولكن كانا زاهدين في كتابته.
ومن شعراء حقيبة الفن لا بد أن نذكر الشاعر علي محمود التنقاري، والذي تغنى بكلماته الفنان كرومة حين صدح بأغنيتين من أغنياته، وهما أغنية “علشان بحبو” و”سهران دمعي ساكب أنا بهوى الكواكب”. ويعتبر من الشعراء المخضرمين حيث عاصر فترة الحقيبة وتغنى بأغنياته عدد من المطربين الحديثين.
أما شعراء الفترة الحديثة التي أعقبت فترة الحقيبة فهم كثر، منهم سيف الدين الدسوقي ومحجوب سراج والطاهر إبراهيم ومصطفى عبد الرحيم وعثمان عوض عثمان. وكل شاعر من هؤلاء وضع بصمته على خارطة الفن السوداني وجملوا وجدان الشعب السوداني بأعذب الكلمات.
وفي مقال آخر نكتب عن مطربين من هذا الحي.