الفاشر .. صمود على حصار المليشيا وتخاذل الأمم المتحدة

رئيس الوزراء نبه لكارثية الأوضاع
الفاشر .. صمود على حصار المليشيا وتخاذل الأمم المتحدة
تقرير: مجدي العجب
غافل من ظن أن المنظمات الحقوقية والإنسانية في العالم تعمل دون أجندة بعض الدول، وإن كان في بعض الأحيان، ولكن الحقيقة الماثلة أمام أعين الجميع فقد فشلت هذه المنظمات التي تتبع للأمم المتحدة في كثير من الدول، وآخرها السودان. ولو اتخذنا من الفاشر مثالاً. الفاشر التي تحاصرها مليشيا الدعم السريع منذ قرابة الثلاث أعوام حصاراً أرهق كاهل المواطن. ومع العالم أن الهدف من هذا الحصار لأن من يفكر للمليشيا يعلم علم اليقين بأن القوات المسلحة السودانية لا تتحمل أو تحتمل أذية المواطن، لذلك الكفيل الإقليمي يمد المليشيا حتى لا تفك حصار الفاشر. ففي منتصف يوليو من العام 2024م، مرر مجلس الأمن قراراً بإنهاء حصار الفاشر نسبة للمآسي الإنسانية التي أفرزتها هذه المليشيا بحصارها للمدنيين، ولكن المحزن ليست هنالك آلية واضحة لتنفيذ القرار، وما زالت المليشيا وحتى يومنا هذا تحكم الحصار والعالم يتفرج إلا من بعض الإدانات. وقد أشار إلى ذلك رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس ونبه الوفد الأممي إلى كارثية الأوضاع في الفاشر بحكم الحصار الذي تفرضه مليشيا الدعم السريع.
+ قرار مجلس الأمن
وكان مجلس الأمن الدولي قد اعتمد قراراً يطالب بأن توقف قوات الدعم السريع حصارها للفاشر – عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان – ودعا إلى وقف فوري للقتال وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين. القرار، الذي قدمت مشروعه المملكة المتحدة، طالب بأن تتكفل جميع أطراف النزاع بحماية المدنيين، بما في ذلك السماح للراغبين في التنقل إلى مناطق أكثر أمناً داخل الفاشر وخارجها. ويشير القرار إلى ضرورة حماية جميع المدنيين وفقاً للقانون الدولي، ويطلب من الأمين العام أن يقدم – بالتشاور مع السلطات السودانية والجهات الإقليمية صاحبة المصلحة – المزيد من التوصيات لحماية المدنيين في السودان. ودعا مجلس الأمن في قراره إلى التنفيذ الكامل لإعلان جدة بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان، ويطلب أن تسمح أطراف النزاع وتيسر المرور السريع والآمن وبدون عوائق والمطرد للإغاثة الإنسانية الموجهة لمن يحتاجها من المدنيين. ويشير المجلس إلى التدابير التي اتخذتها السلطات السودانية في هذا الصدد ويحثها على مزيد من التعاون، ويكرر دعوته لجميع الأطراف لأن تعمل في شراكة وثيقة مع وكالات الأمم المتحدة والجهات الأخرى الفاعلة في مجال العمل الإنساني لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجون إليها، بموافقة مسبقة وتنسيق من السلطات السودانية. ويدعو السلطات إلى إعادة فتح معبر أدري الحدودي لإيصال المساعدات الإنسانية، وينادي الأطراف بسحب المقاتلين حسب الضرورة ليتسنى القيام بالأنشطة الزراعية طوال موسم الزرع لتجنب مضاعفة خطر المجاعة.
+ تنبيه رئيس الوزراء
ونبّه رئيس الوزراء، دكتور كامل إدريس، منظمات الأمم المتحدة، بأن الأوضاع الإنسانية بدارفور – خاصة مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور – كارثية، وتتطلب العمل الجاد من أجل إنقاذ العديد من الأرواح ووقف معاناة المواطنين. وشدد كامل إدريس لدى لقائه وفداً إنسانياً برئاسة مستر لوكا ريندا المنسق المقيم للشؤون الإنسانية الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على ضرورة تنسيق الجهود بين الحكومة والمنظمات الدولية لتلافي سوء الأحوال الإنسانية بمدينة الفاشر وبقية المناطق بولاية شمال دارفور. وقال لوكا ريندا في تصريحات صحفية إن اللقاء ناقش كيفية معالجة الأوضاع الإنسانية في الفاشر ووقف معاناة المواطنين بولاية شمال دارفور وبقية المناطق بإقليم دارفور، مشيراً إلى تعاون الحكومة بشأن إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل مهام المنظمات الدولية.
+ إدانات مرسلة
ويقول مساعد الرئيس للشؤون القانونية بحزب الأمة القومي المحامي إسماعيل كتر إن الحكومة السودانية التزمت بكل قرارات الأمم المتحدة وقدمت كل التسهيلات حتى لا يتأذى المواطن في الفاشر. وأضاف كتر في تصريح خص به “ألوان” أن مليشيات الدعم السريع لا تزال تواصل في انتهاكاتها في حق المواطنين وتزيد من حصار الفاشر في انتهاك واضح لحقوق الإنسان. واتهم كتر المنظمات التي تتبع للأمم المتحدة بالتلكؤ والتسويف، فهي تعلم وتشاهد ما تقوم به هذه المليشيات الإرهابية وما فعلته في كل مدن السودان، والآن تسلك ذات النهج وبشكل أبشع في حق مواطني الفاشر. وزاد في حديثه قائلاً: “هذه المنظمات التابعة للأمم المتحدة أصبحت ليست محل ثقة ولن تتقدم خطوة سوى الإدانات الشفاهية المرسلة دون اتخاذ إجراءات واضحة ضد مليشيا الدعم السريع”.
+ رسائل مهمة
ويرى الصحفي والمحلل السياسي عاصم البلال الطيب أن حديث رئيس الوزراء دكتور كامل إدريس تنبيه مهم جداً، ولفت لأن تقوم الأمم المتحدة بدورها بعيداً عن تأثير بعض الدول. وزاد في حديثه لـ”ألوان”: “أعتقد أن اللقاء في نفسه خطوة مهمة، حيث أرسل رئيس الوزراء رسائل مهمة في بريد الأمم المتحدة، وعلى الأمم المتحدة حتى لا تفقد الكثير في دول العالم الثالث أن تقف موقفاً وتتخذ إجراءات واضحة ترفع عن نفسها الحرج”. وأشار إلى أن ما يحدث في الفاشر جريمة حرب مكتملة الأركان، فحصار المواطنين ومنع الإغاثات من أن تصلهم هذه جريمة يعاقب عليها القانون. وقد طالبت الأمم المتحدة من قبل برفع الحصار عن الفاشر، ولكن المليشيا لم تكف عن ذلك. وختم حديثه قائلاً: “في اعتقادي أن لقاء وفد الأمم المتحدة برئيس الوزراء السوداني فيه من الأهمية بمكان، وربما تكن هنالك مردود إيجابي”.
+ أسلحة دبلوماسية
من جانبه قال الصحفي والمحلل السياسي أحمد عمر خوجلي أن تنبيه السيد رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس لمنظمات الأمم المتحدة من خطورة الأوضاع في منطقة الفاشر هو تحرك في ميادين هو وثيق الصلة بها من خلال خبرة طويلة وعلاقات ممتدة ومناهج كان جزءاً منها. وأضاف خوجلي في حديثه لـ”ألوان” أن نداء السيد رئيس الوزراء وإن لم يجد استجابة مباشرة سريعة، لكنه يحقق عملاً دعائياً وإعلامياً يمكن أن يؤتي أكله في مراحل قادمة. ولعل التسريبات الأخيرة التي أشارت إلى نية رئيس الوزراء الاحتفاظ بحقيبة وزارة الخارجية إلى نفسه كانت دليلاً على قدراته في المجال الخارجي. وزاد بالقول إنه يمكن النظر إلى النداء بأنه واحدة من الوسائل المتعددة لإدارة الحرب ضد المليشيا، لكنه هنا بطريقة السيد كامل عبر الأسلحة الدبلوماسية.