وفي القلب شيء من حتى

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
وفي القلب شيء من حتى
* الفارق الوحيد ما بين نتنياهو وترامب في المسألة الفلسطينية أن نتنياهو يريد الأبادة في صخب وصفاقة أما ترامب فيريدها في صمت وأناقة، فهل يدرك عرابوا الاتفاقية المؤجلة حتي إكتمال السحل والبتر والتجويع والمذلة أم أنهم مستغرقون في خداع الصليبية الصهيوينة التي ترغب في الإنتماء لملتهم ليس في العقيدة والمنهج ولكن في الركوع والعبودية.
* وفي كل جمعة عبر الرسائل الوسيمة يكتب الفاروق حادثاً أو حديثاً أو عبرة أو اعتباراً. وتتوالى الحكايات الطوالع.
كان الفاروق يطوف بالمدينة ليلاً.. فنظر من خلال الباب، فإذا بشيخ يشرب خمراً.. فصعد إلى جدار البيت ونزل منه. وداهم الشيخ بحضوره الشديد والمهيب، فقال الشيخ العاصي الفقيه:
يا أمير المؤمنين
أني عصيت الله في واحدة وانت في ثلاث.. قال الله تعالى ولا تجسسوا وانت تجسست علينا.. وقال تعالى وآتوا البيوت من أبوابها وأنت تسورت علينا الدار، وقال تعالى ولا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، وأنت لم تفعل ذلك.. صمت عمر وانسحب في يسر وعفا عنه. وظل يتمتم وهو يبكي (ويل لعمر ان لم يغفر الله له).
وكان عالم القانون المصري والفقيه المستشار السنهوري عليه الرحمة يقول فيها (لم أدر لمن أتعجب لفقه هذا المذنب أم لتقوى هذا الخليفة).
وعبر منظومة القيم هذه للشعب أن ذاك وتقوى الأمراء بلغ الاذلاء والقلة من العرب مراقي الصولجان عند الفرس والروم ودقوا أبواب فرنسا وحكموا العالم أخلاقاً ورحمة ومازالوا إذا عادوا إلى جادة الطريق.
* حكى لي أحد الأصدقاء أن أحد معجبي وردي المثقفين بالسكن العشوائي انتظر السيل والأمطار حتى قضت على بيته الصغير فودعه دامعاً بمقطع المستشار جيلي عبد المنعم:
ووداعاً للذي شيدته بين الضلوع
فتداعى
ووداعاً..
ترى هل أصبح بين (الغبش) من يتأسى بمثل هذه العبارات المسافرة خاصة والخريف على الأبواب وأن ليس في تلك الحارات الدافئة من قاطنين ورعايا.
السودان به مليون ميل مربع (إلا) بعد ذهاب الجنوب مأسوف عليه يضربها (الخلاء) والفراغ. ورغم هذا فليحدث أحدكم نفسه يوماً باستثمار زراعي أو صناعي كبير.. غداً ستخرج عليه سكاكين الوثائق التي تثبت بأن هذه الأفدنة الملايين المضاعة، ممهورة بختم الدولة السنارية.. وموقع عليها بادي أبو شلوخ شخصياً ووافق عليها ود حلمي بك في التركية السابقة.. وجددها الراحل محمود الفضلي ما بعد السودنة.
نعم في حصص الجغرافيا السودان به مليون ميل مربع ولكن في حقيقة دولة بني حيازان التملكي، ليس به سوى مليون وثيقة حكي زائفة تنتظر يوم الاحتلال العالمي، حين تصبح أحقية الماء والأرض والمطر حقاً بقرار من الأمم المتحدة، بالسماح للجائعين باستغلال بلاد المتنطعين..
ومازلنا نتشاكس حول الأرض الخصيبة حتي صارت يباباً يزروها الشتات ومجرمي الحدود وعصابة دقلو المشتراة وسنكمل بقية المقال القديم الجديد حين يعلن على مسامعنا الدكتور كامل الطيب إدريس السياسة الزراعية للسيد وزير الزراعة والري الجديد أو بالأحرى مبعوث العناية السودانية للجوعى والمهاجرين واليتامي والأرامل.
* نعم إن للقلوب رسائل لا يقرأها إلا إحساس الأحبة.. وللنفوس حديث لا تسمعه إلا في دعاء الصالحين.
أسأل الله أن يرزق أهل بلادنا الصابرين على الحزن والمؤامرة، فرحاً ما بعده حزن، وسعادة ما بعدها شقاء.. ورزقاً ما بعده حاجة.. وأن يحقق أمانها وسلامها، وأن يجعل القرآن نورها الذي يسعى بين يديها من خلفها ومن أمامها حتى تلقى اليقين، وتطرد القتلة واللصوص والمغتصبين اللهم يا رحمن أنصر عبادك المجاهدين في الفاشر وكردفان.
* شكراً أخي الأصغر النذير ابن شندي الباذخ على المحاولات.. وصلتني البرقية في أول يوم وأنا بالخرطوم الموسومة بقولك:
طلع القمر خلى المعالم ظاهرة
وقوافي القول أمست عصية ونافرة
النشف مدادا وخلاها شبه مشاترة
سفر المنجرح لي مدينة القاهرة
أخي النذير السر الصحفي القادم في شجاعة ووسامة نحن أقل مقاماً ولكن (من أحب الشيء حابى) وقد أسعدتني مفردة (المنجرح) بكل ما فيها من معارف داخل خزينة الوجع السوداني الجواني، وهي تذكرني بعبارة الشاعر الراحل (سماعين حسن ود حد الزين): أنا ما نسيت يا حسين الدعوة لكني مشيت مروي (قالدتها واتكرفت فيها) فأدمعت على كتفي وأدمعت على كتفها “واحدة بي واحدة” …. (ياسلام).
* أما الأخ الأصغر الصحفي والكاتب ود المغربي من لدن الوطن الصغير والكبير فقد أغرانا بعنوان يحرض على المقال حين قال (كيف حال العائد من بلاد البيضان إلى بلاد السودان)؟! وود المغربي يعد نفسه من البيضان وإن كان السودان يرمقه من طرف خفي.
* السودان بخير مادام أولاد نمرة اتنين أصبحوا يقولونها سودانية فصيحة:
إنت جريعة النحل البهتّف سرفو
وإنت مسيكة الخولي اللذيذ في كرفو
الماسكني من تالاكي الله يصرفو
الزول باقي مرضو البكتلو بعرفو
ومما يرددونه فرحاً ونشوة :
البارح بعد كل الخلوق ماصلو
فضلو العاشقين بي سمهن يتقلو
مجنون ليلي والفراش مع الحردلو
ما شافو الشباب ساكت قبيل بتسلو
* أخي الصحفي الشهيد أيها الحي في زمان الموتى، ولأني أعرف ما يسعدك حقاً في مراقيك لصلة قديمة صاغتها صروف الليالي وتقلبات الأيام، فها أنذا أمارس الصمت في أزمنة اللجاج.. ويمضي العام أيها الروح المداد والنفس القلم.
وأخيراً جداً المقام للشعر الهتاف:
ليس هذا وطني الكبير..
يا وطني:
يا أيها الضائع في الزمان والمكان،
والباحث في منازل العربان..
عن سقفٍ، وعن سرير
لقد كبرنا.. واكتشفنا لعبة التزوير
فالوطن المن أجله مات صلاح الدين
يأكله الجائع في سهولة
كعلبة السردين..
والوطن المن أجله قد غنت الخيول في حطين
يبلعه الإنسان في سهولةٍ..
كقرص أسبرين!!..