اللواء بابكر الديب .. بصمات واضحة في البوليس والدبلوماسية

اللواء بابكر الديب .. بصمات واضحة في البوليس والدبلوماسية
بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ
كان ميلاده بمدينة أم درمان في العام 1911م. درس أولاً بمدرسة أم درمان الأولية، والتي من مصادفات حياته أن جعلته زميلاً لعدد من زملائه فيما بعد بسلك البوليس والدبلوماسية والمحاكم الجنائية، بل زميلاً لعدد من أساتذته كذلك. بتجهيزي الكلية القديمة، كان مروره نحو كلية الإدارة والبوليس التي أتى أول دفعته، ويلاحظ أن خمسة من أوائل كلية البوليس وصلوا لمنصب المدير العام، سيأتي ذكرهم بالتفصيل.
تخرج السيد بابكر الديب من كلية الإدارة والبوليس في العام 1934م، وعلى الفور تم نقله لمديرية كردفان، وتحديداً مدينة الأبيض التي بقي فيها لعامين، ومن ثم كانت كورسات التأهيل أثناء الخدمة تتم بمكتب السكرتير الإداري وزارة الداخلية، وهو ما كان نجاحاً لشخصه وزميله محمد السيد الباقر.
على الفور تم تفريغ الاثنين السادة بابكر الديب ومحمد السيد الباقر لدورة متقدمة في الإدارة البوليسية داخل مكتب السكرتير الإداري مدتها ستة أشهر، أشرف عليها كمندان بريطاني.
صادف الانتهاء من هذه الدورة المتقدمة الحوجة لتوسيع عمل بوليس الأمن العام بعد تصاعد المد الوطني والعمل السري ضد المستعمر البريطاني، فكان اختياره مديراً لوحدة الأمن العام (جهاز الأمن) بكلية غردون التذكارية.
حين الحوجة لضباط البوليس في المعاونة الميدانية أثناء الحرب الكونية الثانية، عمل بالحدود الشرقية كسلا لمدة ستة أشهر، ومنها تم اختياره في العام 1944م قبل نهاية الحرب بعام كمدير مناوب لبوليس الشمالية بالدامر.
ما أن حل العام 1946م حتى ابتعث برفقة زميله محمد السيد الباقر إلى بريطانيا للاستزادة من علوم البوليس المتقدمة.
أصبح السيد بابكر الديب أول ضابط بوليس سوداني في عهد الاستعمار البريطاني مسؤولاً قيادياً عن بوليس الأمن العام مناوباً للمدير البريطاني.
قام بتدريب أول مجموعة من أفراد البوليس على أعمال الأمن العام وعددهم 16، ولنا أن نتخيل عدد سكان العاصمة بمدنها الثلاثة التي يحفظ جهاز أمنها هذا العدد المتواضع من رجال الأمن.
وصل بابكر الديب لرتبة العميد في العام 1952م، وفي العام 1956م تم منحه رتبة اللواء بتاريخ 24 يونيو 1956م، وذلك إيذاناً بتقاعده واختياره أول سفير للسودان بمصر.
بعد أن تصاعدت الأحداث السياسية في السودان بعد انقسام الحزب الوطني الاتحادي وتكوين حزب الشعب الديمقراطي، تم اختياره خلفاً للسيد أمين أحمد حسين.
تقول الوثائق وصحيفة الرأي العام الصادرة يوم 15 نوفمبر 1957م إن رئيس الوزراء السيد عبد الله خليل طلب من مدير البوليس السيد بابكر الديب تكوين جهاز مخابرات للدولة، وهو ما لم يحدث لتسارع الأحداث بانقلاب 17 نوفمبر 1958م.
ترك الديب منصب مدير البوليس في ظروف غامضة تضافرت لعزله، ليخلفه السيد اللواء عباس محمد فضل.
يعتبر السيد اللواء بابكر الديب من أوائل ضباط البوليس السودانيين الذين تلقوا تدريباً ببريطانيا. وقائمة هؤلاء بها غرائب سنتعرض لها في مقال آخر.
عرف السيد بابكر الديب وسط السياسيين في عهد الاستعمار بلقب (الدبيب) وهو الثعبان، واللقب أطلقه عليه المرحوم السيد خضر حمد قطب الحزب الوطني الاتحادي.
منذ العام 1958م وحتى وفاته في 26 يناير 1985م ظل مقيماً ما بين الكويت والقاهرة.
من قصصه المشهورة أنه وحين عمله سفيراً في القاهرة في العام 1956م، كان النقيب آنذاك بالقوات المسلحة جعفر محمد نميري في بعثة عسكرية بمصر، فذهب للسفير الديب يطلب عوناً مالياً لشخصه، فرفض الديب مع تعنيفه لجعفر محمد نميري بعدم تكرار ذلك مستقبلاً. وحين استلم الرئيس جعفر نميري السلطة زار مصر كرئيس دولة، فزاره السيد بابكر الديب قائلاً له: إن كنت أعلم أنك ستكون رئيساً لفتحت لك يومها خزانة السفارة.
اشتهر السيد بابكر الديب بأناقته المتناهية، كما ذكر لنا سعادة الفريق أول عبد الوهاب إبراهيم وزير الداخلية ومدير جهاز الأمن القومي الأسبق عليه الرحمة. توفي السيد بابكر الديب في يناير 1985م.