إسحق أحمد فضل الله يكتب: (هوامش كاتب عجوز)

مع إسحق

إسحق أحمد فضل الله

(هوامش كاتب عجوز)

فاطمة أحمد إبراهيم في نهاية حياتها قالت لنا:
أنا الآن أكتب تفسيرًا للقرآن… كل المفسرين لم يفهموا القرآن.
……
ونقرأ ما يُنشر الآن عن صراع النميري وعبد الخالق. والكتابات تقص كيف رفض كل أعضاء الحزب إيواء عبد الخالق لما كان يهرب من النميري بعد فشل انقلاب يوليو، ثم كتابات عن كيف قام بعض الشيوعيين بكشف مخبأ عبد الخالق.
وفي الهامش، ذاكرتنا تقول:
(الذئاب تصطاد معًا… فإذا تعثّر واحد منها وسقط، فإن معدته تذهب تحت أنياب أقرب رفيق إليه).
والحديث ليس عن ذلك. الحديث هو:
قراءة آلاف الكتب. في كل شيء. فن.. أدب.. سياسة… اقتصاد… فيزياء… الكتابات ترسم وتكشف وتعصر دمامل شيء واحد في العالم كله… في الزمان كله… في المكان كله… الكتابات تكشف أن كل أحد في العالم كله هو شيء يجري في الصحراء ويَلهث ويَجنّ… بحثًا عن (جرعة راحة)… كباية واااحدة… ولا يجد.
البي جيز،
الخنافس،
الهيبيون…
والرقص والصراخ حتى الإغماء،
والعري، والدمامل، والسينما، والصرعات،
والمسرح العبقري… عبقري في إطلاق الألم، السكر، الخوف، الروعة، الأمل، الجنس، اليأس، البكاء…
أشياء تجد أن ما يجمعها هو: المخدرات والفنون… والمخدرات والفنون ما يقودها ويقود إليها هو بحث يشهق ويبحث عن الراحة… ولا راحة.
…….
وضيق الخلق يصنع الاختصار… والحدة.
وفي الرواية:
من يمرّ بمنزل السيد أدلر (في رواية) يرفع صوته يصرخ بسيل من الأرقام والضرب والطرح،
وفي الحال يأتيه الجواب من الداخل:
كان السيد أدلر قد أُصيب بشيء يجعله (عقلًا) فقط… وجسم مثل الحشرة.
وعند الكاتب بركات، الطفل يُولد ويشبّ ويعيش حياته ويموت ويحمل نفسه إلى قبره… كل ذلك في ستين دقيقة.
و…
موجة من كتابات تهرب من الحياة.
موجة من الرسم المجنون… من الفلسفة المجنونة… من السياسات المجنونة… من…
من المنطق الجديد الذي يختصر الحكم على كل شيء في سؤال هو:
هذا الشيء… هل هو ممتع أم لا؟
العالم اليوم هو هذا.
وبالذات في دنيا السياسة…
أما الحق، والدين، والبطولة، والنظافة، و… و…
الأشياء هذه تجدها الآن عند “حبوبتك” فقط…
هذا هو العالم الذي لا مفرّ لنا من التعامل معه.
ثم يأتي الشيء الذي لا يترك الناس، ولا هو يريحهم:
الموت…
والأسئلة المرعبة،
والبحث،
والإرهاق… أشياء تصنع “علم النفس”،
ويفتتن الناس به،
ويصبح أدلر وفرويد أنبياء.
وعلم النفس، الذي يزعم أنه يجوس تلافيف النفس،
يصبح هو البديل لكتب الأنبياء.
ثم يجدون أن أطباء النفس يعترفون بأنهم لم ينجحوا في علاج مريض واحد…
وكتابات من يكتبون تتدفق الآن عن “عالم التفاهة”…
والتفاهة التي تُدير حياة الناس، شواهدها هي حياة الناس كلها:
كرة القدم، السينما، التلفزيون،
الانغماس في العمل دون السؤال الذي هو:
(يقظة… عمل… بيت… طعام… نوم… يقظة… عمل… ثم ماذا؟ وحتى متى؟)
وتحدثنا الأسبوع الماضي عن أنهم يطلقون الرصاص على الحصان الذي يسقط…
وعن أن الناس يجدون أنهم تكرار دائم لذلك.
وأرقام الانتحار الطويلة… تصبح مملة.
يبقى أن يقدموا (الدين) حلًا…
فيجدون أن الناس هناك ينظرون إلى الدين بجمود…
ليس لأنه ليس حلًا…
بل لأنه طعام انتهت صلاحيته.
أحد الباباوات هناك قال:
لو جاء بولس لاختار أن يكون مديرًا للسي إن إن.
والرجل، لو أنه نظر إلى الأمر الآن، لوجد أن بولس لن يشاهد إرساله أحد.
الحمد لله على دين محمد، الذي يزداد كل يوم حلاوة…