
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (الدنيا التي تتبدل)
مع إسحق
إسحق أحمد فضل الله
(الدنيا التي تتبدل)
وفي الفلبين، كانت تجري المظاهرات التي لا يشبهها شيء في الأرض.
ومن يقوم بالمظاهرات ضد ماركوس ليس هو الشعب… من يقوم بالمظاهرات التي تقدم أقصى رفض في الوجود هم الرهبان البوذيون.
ويومًا بعد يوم، يخرج أربعون أو خمسون من الرهبان، يتجهون إلى الميدان الكبير.
ومن يقود المجموعة، التي تمشي في قطعة قماش حمراء، ليس هو الزعيم… من يقود هو من يُقدّم الاحتجاج الأعظم في الوجود.
وفي الميدان، وسط مئات الآلاف، يجلس الراهب، ومن حوله الرهبان.
وبهدوء، يسكب الرجل البنزين على ثوبه… وعلى رأسه الحليق…
ثم يشعل النار، ويتلوى في جنون، ولا أحد تطرف له عين.
مؤلم هذا؟ إذًا اقرأ…
فالسيدة إميلدا، زوجة الرئيس، كان تعليقها على ذلك أنها قالت:
“إنهم لا يعرفون كيف هو الاقتصاد… حتى البنزين الذي يحرقون به أنفسهم مستورد… فالفلبين لا تُنتج شيئًا.”
والجملة هذه، مهما كانت موجعة، إلا أنها تُقرر وتُقدّم تعريفًا حاسمًا لحقيقة الأمر كله: الاقتصاد، والدولة، والشعب، والاحتجاج.
وعندنا، نحن العرب، نحرق نفوسنا وأنفسنا طوال مليون مظاهرة عن فلسطين.
ثم؟؟
ثم ما يحدث… تراه العيون الآن.
(2)
ومن بديع الزمان نقرأ حكاية، وفيها:
خمسة من كبار العلماء، فيهم الطبري المعروف، يهبطون مصر، ويجمعهم بيت واحد.
قال صاحب الرواية:
“نفد ما عندنا، وجاء الجوع… وعرفنا أنه لا مفرّ لنا من أن نسأل الناس…
فاقترعنا على من يخرج غدًا ليسأل.
وقعت القرعة عليّ.
وناموا، وبقيت ساهرًا أسأل الله أن يصرف عني هذا البلاء…
وقريبًا من الفجر، كان الزقاق يرتج بالخيل والمشاعل، وطارق يطرق الباب.
فتحت، فإذا بجند وخيول… والرجل الذي يقف في الباب يقول:
“أهنا الأحامد؟”
وكان هو والي القاهرة.
والوالي يقول لنا:
“ما نِمتُ حتى رأيتُ رسول الله ﷺ يقول لي: إن الأحامد قد أرملوا… فأدركهم.”
يا من أدرك الأحامد…
إن السودانيين قد أرملوا.