حكومة تأسيس .. السقوط في بئر الخيانة

حكومة تأسيس .. السقوط في بئر الخيانة

تقرير: مجدي العجب
حزمة من الأخبار تحملها وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام أمس حول ما يطلق عليها زوراً وبهتاناً حكومة السلام التي قامت مجموعة تأسيس بتكوينها. ويبدو أن الكفيل الإقليمي استغل جهل بعض السياسيين وغباء الدعم السريع وبلاهة الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو في أمر يجهله الكفيل الإقليمي نفسه، بحيث إنه لا يدرك المزاج العام للمواطن السوداني أيا كان موقعه، وأن تواجد وسط سيطرة مليشيا الدعم السريع والتي ديدنها نهب ممتلكات المواطن وقتله في أبسط الأشياء. لذلك، وإن استمر ذلك، فقد يصبح هروب المواطن أمراً حتمياً للنجاة بنفسه وعرضه، وأن ترك ماله خلفه ليتقاتل عليه مجموعة آل دقلو المجرمة. الحكومة التي تسمى مجازاً بحكومة السلام بقيادة قائد المليشيا محمد حمدان دقلو حميدتي مثل فقاعة الصابون سرعان ما تنقشع. وما يؤكد ذلك أن الصراعات داخل المجموعة الآثمة بدأت بسبب الحصص واستوزار البعض في حكومة أمنيات عصابات أكثر من أنها واقع.
ومع ذلك، فإن كل هذه المجموعة التي تجمعت من قبل في نيروبي متواجدة هذه الأيام بمدينة نيالا، حيث بدأ تخرج أسماء الصف الأول للحكومة منها ومن ثم تصبح العاصمة لدولة آل دقلو (المعلقة). ولكن قريباً، وإن تأخر الجيش في تحرير دارفور، لن تجد الحكومة ما تحكمه، حتماً سوف يترك لهم المواطن نيالا وكل دارفور، وحينها لن تجد ما تحكمه سوى “الخيل والجمال والبغال”.

حكومة المنفى

ونقلاً عن موقع دارفور 24، إن مكونات تحالف تأسيس التابعة لمليشيا الدعم السريع اختارت محمد حسن التعايشي رئيساً للوزراء في حكومة المنفى، واتفقت على إسناد وزارات الدفاع والنفط والمعادن بجانب أخرى إلى أشخاص ترشحهم قوات الدعم السريع، فيما ترشح الحركة الشعبية بقيادة الحلو أشخاصاً لشغل مناصب وزراء الخارجية والمالية والتعليم العالي والزراعة والحكم الاتحادي في الحكومة التي يعتزم التحالف تكوينها.
وأضاف الموقع أن رئاسة المجلس التشريعي آلت إلى حزب الأمة القومي بقيادة برمة ناصر، فيما سمي سليمان صندل وزيراً للداخلية والهادي إدريس حاكماً لإقليم دارفور ومبروك مبارك سليم حاكماً لإقليم شرق السودان وفارس النور للخرطوم.

 

الكرت الأخير

 

ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور محمد تورشين: لا شك أن محاولة تشكيل حكومة من قبل قوات الدعم السريع تمثل محاولة أخيرة، أو ما يمكن وصفه بـ”الكرت الأخير” في مسار المناورة السياسية. فقد ظلت هذه المحاولة قيد التداول منذ فترة طويلة، وسعت قيادة الدعم السريع لاستثمارها في إطار مشروعها السياسي.
واستدرك في حديث خص به ألوان قائلاً: لكن تشكيل ما سمي بـ”حكومة التوافق” لن يكون بالأمر السهل، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة التحالف المعلن، والهيئة التي تم تقديمها، والمتمثلة في قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، والناطق الرسمي باسمه، فضل الله برمة.
ولفت إلى أن التحديات كثيرة ومعقدة، بدءاً من نسب المشاركة وتوزيع السلطة، مروراً بمن يحق له المشاركة في هذه الحكومة، وانتهاءً بالسؤال الجوهري: أين ستباشر هذه الحكومة أعمالها؟ وهل تملك القدرة على توفير الأمن والخدمات للمواطنين؟
وزاد بالقول: في تقديري، فإن هذه الحكومة – إن تم تشكيلها – ستُواجه فشلاً كبيراً، لأنها تفتقد للمقومات الأساسية اللازمة لأي كيان حكومي فعال، وعلى رأسها الشرعية والقدرة على بسط الأمن. بل إن هذه المحاولة يجب أن تُحفّز القوات المسلحة والفصائل المتحالفة معها على تسريع خطوات استعادة السيطرة الكاملة على المدن والمناطق السودانية، لإيقاف هذا المشروع الذي يسعى إلى تقسيم السودان، واستنساخ نماذج إقليمية خطيرة على وحدة الدولة السودانية ومستقبلها.

 

محاولة ساذجة

 

أما الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور محي الدين محمد محي الدين فيرى أن التحالف الذي يجمع مجموعة تأسيس والحلو وهي تقف بجانب الجنجويد، فهذا يعني أنهم يتبعون لمليشيا الدعم السريع وليس شركاء له. وأضاف في تصريح لألوان قائلاً: هي تعليمات الكفيل بحيث تكون شراكتهم بهذا القدر.
وزاد: أما فيما يتعلق بتكوين الحكومة نفسها، فهذا يوضح جلياً أنها محاولة ساذجة لابتزاز الدولة من قبل الكفيل. وذهب في حديثه لنا قائلاً: لا يمكن أن تكون حكومة وتطلق عليها حكومة السلام والمواطن لها كاره ومكره، لأن أولى مهام أي حكومة هي خدمة المواطن. وهنا نجد أن المواطن ومليشيات الدعم السريع لا يتساكنان بسبب اعتداءاتهم على المواطن الأعزل، بالإضافة إلى أنه لا يمكن أن تتحدث عن حكومة وحتى الآن لا يعرف لها مقر ولا يعرف لها هدف.
وختم حديثه لنا قائلاً: إذا كانت هي محاولة لابتزاز الدولة فقد انتهى زمن الابتزاز، أما إذا كان الهدف خدمة المواطن كما يزعمون، فهذا أمر فيه حيرة لأنها حكومة لا تملك ما تقدمه ولو اليسير.

 

العبرة

 

ما يؤكد أن حكومة الجنجويد وأذيالها تفتقر لكل شيئ، حتى وربما بقليل من الوقت سوف تفقد حتى المواطن الذي تصرخ باسمه ليلاً ونهاراً وتتحدث بصوت عالٍ بأنها تريد جلب الديمقراطية له، لأنها مجموعات غير مؤتمنة على المال والعرض. أكثر من سقط الآن في بئر الخيانة – وليس هناك أسوأ من خيانة الوطن – هم بعض السياسيين الذين باعوا كل شيء، لذلك أمام محاكمة التاريخ تكتب أسماؤهم بمداد ملوث بدماء الأبرياء وتلاحقهم اللعنات.