وهل أصبحت من النقاط على الحروف ضرورة

ولألوان كلمة

حسين خوجلي

وهل أصبحت من النقاط على الحروف ضرورة

(1)
* القاهرة ترفض
والخرطوم تتحفظ
وأديس أبابا تمارس البناء والتشييد النهضوي
ولا تبالي
لأن (أمريكا) ترعى وتموّل وللأسف فأن بعض العواصم والبنوك العربية التي أصبحت بامر الأمبريالية الجديدة لا تستحي ولا تناور ولا تتجمل.
وفي الغناء السوداني أطلالة شهيرة فمادها بالأمهرية الفصيحة
القمر ما دام معايا
أعمل أيه أنا بالكواكب!!!
ترى من هو ذلك القمر وما هي تلك النجيمات؟
(2)
في أحد محافل الجزيرة (والدنيا صيام) تحدث الراحل محمود محمد طه حول صلاة الأصالة التي لا يعرف كنهها إلا هو واسقاط صلاة الحركات وكانت الدنيا حر (يفسخ) وبعد إفادته فتح الباب للنقاش فقام أحد الغبش ساخراً متسائلاً وناصحاً (نحن يا محمود الصلاة دي قادرين عليها وشيخ عبد الله كتر خيرو مساعدنا بقصار السور دا حين كان عندك بصارة سويها لينا في رمضان) فضج المحفل بالضحك وضحك محمود بصوت جهير ولم تكن من عادته، وإنهارت المحاضرة، وللغبش في بلادنا فقه وظرف وذكاء.
ودائماً ما كنت أسئلة تلاميذه: (إن كنتم لا تعرفون صفة صلاة الأصالة فحدثونا عن صوم الأصالة وزكاة الأصالة وحج الأصالة)، وبصراحة فانهم كانوا لا يجدون لأسئلتي الحيري جوابا، وكنت أضيف عليهم وما قولكم في الحدود الشرعية بإجابة واضحه من فقه الأستاذ وليس من اجابات الدكتور عبد الله أحمد النعيم الذي (قرح) بعلمانيته الأمريكية حتي تبرأ منه أحد المؤسسين الأستاذ خالد المرابط الأن برفاعة .
(3)
صرح الاستاذ كمال عمر المحامي قائلاً (بأن السياسة كان مرق منها الدين بتبقى شيطان) ومن باب المماثلة يحق لنا أن نقول
(بأن السياسة كان مرق منها الاتجار بالدين بتبقى ملاك) فياتري هل أستاذ كمال على مقولته القديمة أم أنها تجملت بين يدي (صمود) وأين أنت يا كمال في زمانٍ تبدلت فيه الكمال والجمال والخيال؟.
(4)
* من كرامات السودانيين أنهم أصبحوا لا يشعرون بفداحة وغلاء الأسعار لأنهم ببساطة (لا يشترون).
وكيف تدخر النقود وأنت تأكل إذ تجوع
وانت تنفق ما يجود به الكرام على الطعام
(5)
* ما بين قيم المرافعة والمصانعة المخبوءة والمشاعة
وما بين الأزمات والصحافة تغيب الصحافة الورقية إلى الأبد . وأرجو أن تكون (الغيبة) لتيارات الإطلاع وليس لتيار الوعي الكبير والحريات المرتجاة، وما أقسي الألم على الأنامل حين لا تجد الفرصة لتقليب ورق الصحافة ولا تجد الأعين المتطلعة مساحة للتحديق.
(6)
* قديماً كان أحد أهم القادة الأمنيين في بلادي ينصح المسؤولين بالاستقالة حال ظهور فساد بمؤسساتهم وكان حرياً بالرجل بحكم ذكائه وتجربته أن ينصح المؤسسات بتقديم استقالتها حال ظهور فساد بمسؤوليها.. فالمسؤولون هم الأصل يا سعادتك.. بل أكاد أجزم أن بعض المؤسسات صنعت خصيصاً لمسؤوليها. وياتي على زمان يصبح الفساد شطارة والتجاوز تصرف والمال الحرام (حلاوة) .
(7)
* قد يعتلقك ذات مرة لحن أو بيت شعر أو حكمة أو أثر شريف زماناً وقد تعتلقك نكتة وتعتقلك أيضاً وأنا هذه الأيام شديد الاحتفاء بالمحادثة الصغيرة التي جرت ما بين الصحافي والشاعر الراحل فضل الله محمد والراحل الرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر عضو مجلس قيادة ثورة مايو ووزير الشباب والرياضة الشهير فقد قال زينكو لفضل الله معاتباً بعد أن استغرقته أفعال وأقوال التنحي ومغادرة الكرسي:-
إنت يا فضل الله مش كنت ماسك إعلامنا ورئيس تحرير الصحافة فرد عليه فضل الله:- نعم يا سعادتو، قال الزين: طيب ليه يا أخي ما كلمتونا بي قصة (الشفافية) بتاعة اليومين ديل؟.. وضج الرجلان في فاصل من الضحك المايوي العريض. (ولا تعليق).
(8)
* بالأمس كانت الصحافة السودانية هي السلعة الوحيدة في العالم التي تجهز موادها الخام في نفس اليوم وتطبخ في نفس اليوم وتصنع في نفس اليوم وتوزع في نفس اليوم (وتؤجر) في نفس اليوم.. وتدفع طواعية أو قهراً للمطبعة والتوزيع والسريحة ويدخل صاحبها السجن عاجلاً أو آجلاً (هل لاحظتم أنني لم أقل أنها تباع في نفس اليوم) أما اليوم فقد أصبح لا تطبخ ولا تطبع ولا توزع ولا تؤجر فهل أدركتم مستوي التقدم والتطور الذي بلغتة الكلمات المؤودة في بلادنا.
النصحية الوحيدة للأسواق وهي تعاود نشاطها بعد النكبة، إن أردتم البقاء ولا بقاء فاجعلوها منهج التعامل (دا يصر ودا يجر) على الأقل سيخلو السوق من البلطجية والمتاجرين والسماسرة والشيكات المرتدة والذين لا مهن لهم.. ولكن أهلنا قديماً قالوا (المكتولة ما بتسمع الصايحة).
(9)
* ومن الذكريات المحزنة في دفتر صاحبة الجلالة، عندما صودرت (ألوان) ومكاتبها وممتلكاتها وإذاعتها وقناتها ظل (البوليس السري) يطاردنا بشيك الضمان عقاباً جنائياً لا سياسياً، يومها اتصل بي أحد الأقارب حوالي الساعة الثالثة صباحاً بأن لا أحضر أبداً للمنزل لأنه تحت المراقبة بغرض الاعتقال والانتظار في الزنزانة حتى الدفع المستحيل، وأنا يومها بعد المصادرة بلا شيكات ولا رصيد ولا مهنة ولا عنوان ولا كريم يرتجى منه النوال ولا مليح يعشق، فقد فكرت أن ألجا إلى منزل أخ ايديلوجي قمنا بتسويقة قديماً حتي صار في قمة الهرم، لكنني غيرت الفكرة في اللحظات وأنا أمام بوابة قلعته مباشرة فقد غمرتني صفعة بيت التفعيلة الشهير:
قال الهارب وقد ضاق عليه الخناق
يا إلهي أين أختبيء
والمدينة ملآنة بأصدقائي..!!!
(10)
قال لي أحد الأصدقاء معاتباً أراك دائم الحنين والبكاء على مفارقة الخرطوم والعواصم الندية تملأ العالم حولك فقلت له متأسياً لقول الشاعر المشتاق:
قد يهون العمر إلا ساعة
وتهون الأرض إلا موضعا