فنانون مدرسون .. تغذية العقول والوجدان بالعلوم والغناء والألحان

فنانون مدرسون .. تغذية العقول والوجدان بالعلوم والغناء والألحان

بقلم: أمير أحمد حمد

بعد أن كتبوا بأناملهم خطوط زاهية على سطح لوحات التدريس داخل الفصول لتنمية ونشأة العقول لإعداد جيل المستقبل وتغذيتها بالعلوم النافعات ذات هذه الأنامل خطت على سطح العود لتغذية الوجدان السوداني بأعذب الألحان فكانوا كما كانوا في حجرات التدريس إبداعا وامتاعا نقلوا هذا الإبداع والإمتاع الى آفاق أرحب فإمتهنوا الى جانب التدريس مهنة اخرى وهي الترقيص للوجدان وكانوا على ثقة بنجاحهم لأن المدرس لابد أن يكون فنان في توصيل مادته الى تلاميذه حتى يتم استيعابها بكل حب
ولذلك كل الفنانين الذين كانت نواتهم مهنة التدريس قد أدوا المهمة بكل نجاح واقتدار ساعدتهم ثقافتهم باختيار النصوص الجيدة وحسن مخارج الحروف لهذه النصوص واكتسابهم الشجاعة الأدبية. ويقيني أن معظم هؤلاء الفنانين كان لهم تأثير وجداني كبير على طلابهم ومحبوبين وسطهم. الوسط الفني به عدد مهول من هؤلاء المبدعين وأول ما يتبادر الى الذاكرة منهم العملاق الكبير الأستاذ محمد عثمان وردي الذي أبدع في فنه وأتى بمخزون لحني كبير في مسيرة الفن السوداني. مارس الفن والتدريس في وقت واحد وخلقت له وظيفة بمدرسة الخرطوم ومن أوائل المدارس التي عمل بها مدرسة بري الدرايسة (الآن الطيب شيخ إدريس) فكان مثالا للمدرس الناجح وسط تلاميذه فاصطحب عدد من تلاميذ الدرايسة ليكونوا كورال معه في نشيد (يقظة شعب) الذي كتب كلماته الشاعر النوبي مرسي صالح سراج وهو الآن مسجل بالإذاعة السودانية.
ومن المدرسين الفنانين نجد الفنان والشاعر والملحن الطيب عبدالله وقد جاء إلى الخرطوم في مسابقة المديريات وقد كان سببا بفنه وابداعه في فوز المديرية الشمالية فقد كتب ولحن وغنى أجمل وأحلى الكلمات ولمع نجمه في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي.
وكذلك نجد فنان ابتدر حياته بالتدريس فسار في درب الفن وهو الفنان الدكتور عبدالقادر سالم القادم الى العاصمة بتراث كردفان فقد أبدع فيه الى جانب تغنيه بالأغنية الأمدرمانية الجامعة لكل الكيانات السودانية وكذلك الفنان صديق عباس الذي سار على نفس الدرب. كذلك لابد أن نذكر في هذا المقام الفنان الاستاذ محمد ميرغني فقد كان رياضيا أيضا (كفر ووتر) وتغنى ببديع الأغنيات فقد كانت بدايته الأولى بأغنية كبيرة الكلمة واللحن وهي أغنية (الشوق والحبيب) كتبها له الشاعر السر دوليب ولحنها الملحن حسن بابكر الذي ربطته به ثنائية كبيرة نتجت عنها مجموعة من الأعمال القيمة. ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر الفنان والمادح الأستاذ الأمين عبدالغفار الذي سطع نجمه في مهرجان الثقافة ومن أشهر أغنياته التي عرفه بها الجمهور أغنية أشيل الريد وربيع وردو كلمات الأستاذ سيد أحمد مكي وألحان عبد اللطيف خضر، ثم توالت أغنياته النواضر.
وكذلك نذكر الفنان الشعبي الكبير عبدالله الحاج صاحب أغنية (زهرة السوسن) التي كتب كلماتها الشاعر عبد العال السيد. وعبد الله الحاج يتمتع بصوت طروب ومتمكن في أداء أغنياته التي وضع معظم ألحانها إن لم يكن كلها وهو الفنان الشعبي الوحيد خريج معهد الموسيقى. وقد تشرفت بتدريسه لشخصي بمدرسة حي العرب الابتدائية،
وما أوردته في هذا المقال قليل من كثير في الوسط الفني يحمل صفات المدرس الفنان. وكذلك عدد من الشعراء والموسيقيين ونفرد لهم مقال في مقبل الأيام بإذن الله.