ما بينهما .. حسين خوجلي وعبد المحمود الكرنكي

ما بينهما

حسين خوجلي وعبد المحمود الكرنكي

بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ

ينتمي الاثنان لجيل الصحافة الجادة والمسؤولة، وذلك من خلال تتبع أولى كتاباتهما الصحافية في نهايات السبعينيات بعد تجربتهما الجادة والثرة في العمل السياسي بتنظيم الإخوان المسلمون بالجامعات.
فعبد المحمود الكرنكي هو من جيل العمل السري للإخوان المسلمين بجامعة الخرطوم. وهو أحد الكوادر النشطة التي عملت خلال سنوات حكم نميري، فكان أحد الموثوق بهم داخل التنظيم مما جعله قريب الصلة من قيادات الإخوان المسلمين.
في جانب حسين خوجلي فيبرز نشاطه ككادر خطابي بجامعة القاهرة الفرع في سنوات حكم نميري. وهو ما جعله شخصاً معروفاً داخل تنظيم الإخوان المسلمون آنذاك، جمعت بين الاثنين محبة التراث الإسلامي والغوص في أعماق تلك التراثيات الإسلامية. من ضمن ما لا يعرفه الكثيرين عن الصديقين (الكرنكي وحسين خوجلي) أنهما عانيا كثيراً في بدايات ولوجهما عالم السياسة، فيكفي أن عبد المحمود الكرنكي كان قاب قوسين أو أدنى من الإعدام بعد أحداث الجبهة الوطنية حين حاولت الاستيلاء على الحكم في منتصف العام 1976م.
أما حسين خوجلي فقد تم فصله من مدرسة أم درمان الأهلية بعد قيادته لاضراب عن الدراسة في العام 1976م فظل دون دراسة نظامية لعامين حتى كان اصراره دافعاً للنجاح في امتحانات العبور للجامعة ومن ثم الدراسة بجامعة القاهرة الفرع.
عشق الاثنان الصحافة ودهاليزها ومحتواها الإنساني، وهو ما جعل نجاحهما في العمل الصحافي أمراً مفروغاً منه.
تشهد على ذلك كتابات الكرنكي بالصحف وتحديداً صحيفة الأيام منذ مقتبل الثمانينيات وتحديداً بالصفحة الأخيرة داخل قالب الاستراحة اليومية، والتي كان صغير السن وقتها مقارنة بالعظام والمشاهير من كتابها مثل الشعراء محيي الدين فارس ومصطفى سند والكتاب صالح بانقا (ابن البان) والتيجاني عامر والطيب محمد الطيب.
جذب الكرنكي قراء صحيفة الأيام والاستراحة بأسلوبه السهل خفيف التناول لما يود طرحه فكتب استراحات لو نشرت الآن لاستمتع القراء بها مثل: (قاموس جيب) و(إمبراطورية البلاي بوي) وغيرها. أما أكثر مواده الصحافية التي جعلت منه شخصية ذات سعة في الانتشار أيامها فهو الحوار الذي أجراه مع الدكتور لويس عوض بالأيام.
يتكاثر الحديث حول حسين خوجلي وابداعاته الصحافية فمنذ صحيفته ألوان أيام الديمقراطية والحوار الضجة مع الشاعر الديبلوماسي صلاح أحمد إبراهيم والذي نفث فيه هواءً ساخناً حتى كتاباته الحالية بأخيرة صحيفته ألوان مروراً بالقدرة الفائقة التي لم يصلها أحد في التعليق على صورة الصفحة الأخيرة بكلمات قليلات لا تتعدى العشرة كلمات وهي كلمات إن حاول أحد تفكيك معناها لاحتاج لصفحات وصفحات.
يشترك الاثنان في المعرفة الموسوعية للأسر السودانية والأنساب والأصهار والمجموعات المجتمعية في مجتمع الثقافة العربية الإسلامية وهو ما جعل مصادر عملهما الصحافية توصف بأنها مصادر غير طبيعية. فيكفي أن الكرنكي حين يود أن تكون هناك مادة صحافية حول شخصية محددة من شخصيات السودان العريق العتيق يقول للمحرر المكلف وبكل ثقة: (اتصل بهذا الرقم فهو صهره ويسكن الموقع الفلاني وعن طريقه يمكن الحصول على المعلومات وما نحتاجه لكتابة المادة من صور ووثائق).
أما حسين خوجلي وبطريقته المعهودة فكل عمل صحافي لديه فهو من السهولة بمكان، وذلك لمصادره الصحافية التي تبدأ من سائق المركبة العامة وانتهاءً بالمسؤولين داخل دواوين الدولة مروراً بأصحاب القرار السياسي.
الاثنان يمتلكان ذخيرة معلومات حول الغناء السوداني تكفي لانتاج عشرات الحلقات التلفزيونية والإذاعية وفي هذا فكثير ما يقومان من واقع عملهما كرئيسا تحرير بابداء ملاحظات حول الصفحات الثقافية والفنية.