حكومة المليشيا .. عزلة محلية وإقليمية ودولية

الخلافات تعصف بمكوناتها

حكومة المليشيا .. عزلة محلية وإقليمية ودولية

أم درمان: الهضيبي يس

تسعى حكومة تحالف ميثاق “التأسيس” انتزاع اعتراف من بعض دول الجوار السودان، بعد أن أحست بعدم الإهتمام بها وصارت معزولة من قبل الشعب السوداني ومن المجتمعين الدولي والإقليمي. فالحكومة التي تم اعلانها قبل أيام لم تحظ حتى الآن بأي تأييد داخلي نظرًا لوقوفها جنبًا إلى جنب مع مليشيا الدعم السريع والاصطفاف معها في إطار ما تعرض له السودانيون من تنكيل وانتهاكات واغتصاب للنساء بمختلف الأعمار. كذلك لعب تحالف صمود دورًا في أحداث شرخ بين المكونات السياسية، بينما هناك مساعي من قبل مجموعة التأسيس بإعادة التموضع وتفكيك الدولة وفقًا لما حدث مع “ليبيا” وفرض واقع جديد على الدولة السودانية والسودانيين كمواطنين.

 

تمثيلية سمجة

وقللت الحكومة السودانية والجيش من خطوة مليشيا الدعم السريع بإعلان حكومة، وطالبت وزارة الخارجية بعدم الاعتراف بها وحذرت الدول من التعامل معها. وقال الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله، إن حكومة المليشيا المزعومة تمثيلية سمجة لخليط مشوه من الجهلة والعملاء ومجرمي الحرب. ورأى في الخطوة محاولة بائسة لشرعنة مشروعهم الإجرامي ولتمرير أجندة من يدعمونهم من الخارج. من جهته، قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن إعلان حكومة ما يسمى بتأسيس لم يحمل جديدًا سوى أن مليشيا الدعم السريع تقوم بتوزيع الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها بالتساوي مع حلفائها. فيما اعتبر المتحدث باسم مجلس الصحوة الثوري السوداني أحمد محمد أبكر إعلان حكومة الدعم السريع محاولة يائسة هدفت لممارسة الضغوط على الحكومة السودانية للعودة لمنبر التفاوض والحفاظ على ما تبقى من القوة بعد فشلها في استلام السلطة بالقوة. وقال التيار الوطني إن تشكيل الدعم السريع ما يسمى بـ المجلس الرئاسي الانتقالي وتعيين رئيس وزراء بصورة أحادية خطوة لا تستند إلى أي شرعية وطنية أو توافق سياسي وتكرس لمزيد من الانقسام والتشظي في الدولة السودانية. وعبرت عدد من الأحزاب والكيانات السياسية عن رفضها لإعلان حكومة المليشيا معتبرين أن الحكومة الموازية افتراضية ولا تستند إلى أي شرعية.

رفض دولي وإقليمي

وفي بيان رسمي صدر بتاريخ 29 يوليو 2025، أعلن الاتحاد الإفريقي موقفًا واضحًا من التطورات السياسية في السودان، مؤكدًا اعترافه بـ مجلس السيادة الانتقالي والحكومة المدنية الانتقالية المُشكلة حديثًا، ورافضًا بشكل قاطع تشكيل حكومة موازية من قبل ما يُعرف بـ تحالف تأسيس. ومن جانبها عبّرت المملكة العربية السعودية عن رفضها الكامل لأي محاولات تُنفذ خارج الأطر الرسمية للدولة السودانية، معتبرة أن اتخاذ خطوات أحادية أو تشكيل كيانات موازية يمثل خرقًا للشرعية ويهدد وحدة السودان ويُخالف إرادة شعبه. وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان رسمي تمسك الرياض بموقفها الثابت والداعم لأمن السودان واستقراره ووحدة أراضيه. ودعت المملكة الأطراف السودانية كافة إلى تقديم مصلحة الوطن على أي مصالح ضيقة أو اعتبارات فئوية، مشددة على أهمية تفادي الانقسام والحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة. كما أعربت عن استمرار دعمها الكامل للجهود الدولية والإقليمية التي تسعى لإنهاء الصراع وتحقيق حل سلمي شامل ومستدام. وجددت السعودية دعمها لاتفاق إعلان جدة، الموقع في 11 مايو 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، باعتباره إطارًا معتمدًا لتحقيق التهدئة والانخراط في عملية سياسية شاملة تعزز الاستقرار في البلاد.

 

خلافات وسط المكونات

 

وقبل إعلان حكومة “التأسيس” دبت الخلافات بين مكونات وعناصر ذلكم التحالف، باعتبار الصراع حول السلطة مما دفع بمجموعة بالانسلاخ والتوجة نحو مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للجيش. بالمقابل رفض عضو الحركة الإسلامية سابقًا والمفصول عنها بقرار قبل نحو عام حسبو محمد عبدالرحمن ما ذهبت إليه آلية مليشيا الدعم السريع بوضع يدها مع بعض القوى السياسية وما نتج عنه من تكوين للحكومة. أيضًا هددت بعض القيادات الميدانية لمليشيا الدعم السريع بالوقوف ضد أي نشاط تسعى حكومة تحالف “التأسيس” تنفيذه على الأرض بإقليم دارفور وولايات كردفان ووصف تكوين الحكومة بخيانة مشروع الدعم السريع. ودعت مكونات عشائرية بعدم التعامل والتعاطي مع هذه الحكومة التي تهدف لتفتيت السودان اجتماعيًا واقتصاديًا وأمنيًا، فضلًا عن لعب دور لتنفيذ مشروع يحمل أطماعًا دولية إقليمية في السودان.

 

تعقيدات

 

ويوضح الكاتب الصحفي علي منصور أن حكومة مليشيا الدعم السريع ولدت وهي محاطة بجملة تعقيدات وأزمات تحمل الطابع الإثني والسياسي معًا، بدءا من عدم وجود أي تأييد شعبي سوداني داخلي، وكذا عدم رغبة المجتمع الدولي بأن يرى حكومتين في الجغرافيا السودانية مما سيكون لها تأثير بالغ الأبعاد. ويضيف منصور: هناك أزمة أخرى تتصل بتحالف حكومة تأسيس بالنسبة للواقع الداخلي، وهو عدم وجود أي تأثير للأشخاص الذين تم تعيينهم على رأس الأقاليم لتولي مهمة حل قضايا المواطنين نتيجة فعل الحرب بخلاف ما يدعي قادة التحالف. وأسوأ ما تعاني منه تلك الحكومة أنها لصيقة بمليشيا الدعم السريع ذلكم الكيان العسكري الذي قام بحرق السودانيين ليل نهار.

البحث عن اعتراف

 

ويشير المحلل السياسي محمد محي الدين إلى أن حكومة مليشيا الدعم السريع ستقوم بتحرك نحو بعض دول منطقة شرق وغرب أفريقيا لانتزاع اعتراف يكفل لها تمرير مشروع بعض الأطراف الإقليمية والدولية التي أوحت لها بفكرة إقامة الحكومة بغرض تشكيل ضغط على الجيش والقبول بتسوية تحمل الشق السياسي والعسكري. وأردف بالقول “بينما مواجهة تلك التحركات بتكوين أكبر جبهة شعبية لتأييد الجيش بدأت، بالإضافة إلى تصميم حملة خارجية بهدف توضيح موقف السودان في الأوساط الخارجية والهيئات والمؤسسات بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بالإضافة إلى تعزيز الموقف “العسكري” بما يدعم موقف الجيش.