السودان والاتحاد الأفريقي .. استيفاء شروط العودة

السودان والاتحاد الأفريقي .. استيفاء شروط العودة
أمدرمان: الهضيبي يس
تحركات يقودها الاتحاد الأفريقي نحو السودان بعد قطيعة امتدت لعامين نتيجة لموقف الاتحاد اتجاه السودان بعد اندلاع حرب 15 من شهر أبريل لعام، من ناحية سياسية وعسكرية مما شكل خطاً موازياً لرؤية الجيش والاصطفاف الشعبي المؤيد لحرب “الكرامة” والتي أفضت لدحر تمرد مليشيا الدعم السريع من العاصمة الخرطوم وولايات وسط السودان “سنار، والجزيرة” وتأمين بقية الأقاليم النيل الأزرق، وشمال السودان. والآن، ووفقاً لمراقبين، فقد تغيرت وجهة نظر الاتحاد الأفريقي عقب ترجيح كفة “الجيش” ووصفت تلك التحركات بأنها مسعى لإعادة السودان لمقعده في الاتحاد الأفريقي بعد تجميده نتيجة لموقفه الناقد لسياسات الاتحاد المعيبة في وقت من الأوقات بصورتها الإقليمية.
لقاء البرهان وبلعيش
وقبل أيام إلتقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ممثل الاتحاد الأفريقي بالسودان محمد بلعيش بحضور وزير الدولة بوزارة الخارجية السفير عمر صديق والسفير أحمد يوسف مدير الإدارة الإفريقية بالإنابة. وقال محمد بلعيش في تصريح إنه نقل إلى رئيس مجلس السيادة تحيات رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، السفير علي محمود يوسف، مؤكداً دعمه واهتمامه بوحدة السودان واستقراره، مضيفاً أن زيارته للسودان تأتي في إطار استكشاف سبل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في السودان. وأعرب بلعيش عن أمله في أن يكون السودان نموذجاً في مجال تسوية الأزمات في إفريقيا، منوهاً إلى أن تشكيل حكومة مدنية مستقلة ذات كفاءات وطنية خطوة مهمة لتخفيف معاناة أهل السودان وتجويد الخدمات والشروع في عملية إعادة الإعمار والبناء بشكل تدريجي لتمكين النازحين واللاجئين من العودة إلى ديارهم. وقال ممثل الاتحاد الأفريقي: “هذه محاولة جادة لاستئناف دور السودان في الاتحاد الأفريقي، وأن تستمر القوات المسلحة في دحر التمرد وإعادة الاستقرار إلى ربوع السودان”، داعياً إلى أهمية انتهاج الحوار لتسوية الخلافات وتجاوز مرارات الماضي وفق ما تم التوقيع عليه في جدة في 11 مايو 2023، الذي يشكل أرضية لوقف الحرب وإعطاء انطلاقة إلى حوار جاد بين أبناء السودان.
استيفاء شروط العودة
من جانبه دعا رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كامل إدريس، الاتحاد الإفريقي إلى التعامل مع مسألة رفع تعليق عضوية السودان كـ”حق مكتسب”، وبحيادية ومهنية، بعيداً عن أي تدخلات، مشيراً إلى أن السودان قد استوفى كافة متطلبات استعادة عضويته، من خلال تعيين رئيس وزراء مدني، وتشكيل “حكومة الأمل” من كفاءات وطنية مستقلة. وأكد الدكتور إدريس أن الاتحاد الإفريقي هو الجهة الأكثر حاجة لعودة السودان كعضو فاعل، نظراً لإسهاماته الممتدة في العمل الإفريقي، منذ ما قبل تأسيس الاتحاد نفسه. وجدد رئيس الوزراء خلال لقائه ببلعيش تأكيد استعداد حكومة الأمل للتعاون الكامل مع الاتحاد في كافة الملفات التي تهم القارة. وتناول رئيس الوزراء خلال اللقاء الأدوار التاريخية التي اضطلع بها السودان ضمن المنظومة الإفريقية، مشدداً على ضرورة صون واحترام سيادة البلاد، وحفظ هيبة الدولة وكرامة الشعب، مؤكداً أن ذلك “خط أحمر” في التعامل مع جميع الأطراف. كما شدد على أهمية أن يكون الحوار سودانياً – سودانياً، ومن داخل البلاد، معلناً استعداد حكومة الأمل لبذل كل ما يلزم لتهيئة المناخ الملائم لعقد وإنجاح هذا الحوار.
من جهته، أكد السفير محمد بلعيش أهمية استعادة السودان لعضويته في الاتحاد الإفريقي، مشيراً إلى أن الاتحاد يدعم عودة السودان إلى موقعه الطبيعي ضمن المنظومة القارية.
وكشف عن اجتماع مرتقب لمجلس السلم والأمن الإفريقي في الرابع من أغسطس المقبل، لمناقشة ملف السودان. ونوه بلعيش بدعم الاتحاد الإفريقي للشرعية في السودان، ومساندته لمؤسساته الوطنية، إلى جانب اهتمامه ببرامج إعادة إعمار ما دمرته الحرب، ودعم العودة الطوعية للنازحين واللاجئين.
سياسات جديدة
ويشير الكاتب الصحفي مكي المغربي إلى أن الاتحاد الأفريقي الذي كان يحتاج لمراجعات، ووفقاً للدعوات الداخلية، بدت بعض الدوائر تستجيب بضرورة انتهاج سياسات جديدة اتجاه القارة الأفريقية، وذلك بعد تراجع دور “الاتحاد الأفريقي” خلال السنوات الماضية في توفير وصفات لحل أزمات الأفارقة بصورة اجتماعية واقتصادية وسياسية. ويضيف “المغربي” أن خطوة إعادة مقعد السودان للاتحاد الأفريقي مهمة للغاية لإحداث إصلاحات داخلية، باعتبار أن موقف البلاد كان ضمن تعزيز تلك السياسات الإصلاحية، وكذلك الاستفادة من المنبر الإقليمي لصالح جملة سياسات السودان الخارجية دعماً لدور حرب 15 من شهر أبريل لعام 2023.
إعادة الثقة
ويذهب المحلل السياسي ناصر يوسف إلى أن الاتحاد الأفريقي أمامه تحدي أساسي يتمثل في إعادة الثقة في شخص “السودان”، أيضاً مسألة تشكيل الموقف السياسي الأخير أمر يوضح مدى تغيير طبيعة التفكير داخلياً عند دوائر الاتحاد الأفريقي بعد ضغوط بضرورة انتهاج مسلك جديد اتجاه قضايا القارة. وبينما يتراجع دور الاتحاد الأفريقي، بات واضحاً الفراغ والمساحات التي تتحرك الآن فيها بعض المجموعات لتشكيل سياسات، وهو ما ظهر جلياً مؤخراً نتيجة للتحركات القطرية ولعب دور الوساطة مثلاً لحل أزمة الكنغو ورواندا، ومن قبل الدور التركي في حل أزمة الخلافات الإثيوبية الصومالية.