
صديق البادي يكتب: لماذا السلحفائية والولادة القيصرية للفترة الانتقالية الجديدة؟!
لماذا السلحفائية والولادة القيصرية للفترة الانتقالية الجديدة؟!
صديق البادي
الجيش السوداني الباسل ناف عمره على القرن من الزمان وتاريخه حافل بالأمجاد والانتصارات الباهرة وصفحاته ناصعة البياض وظل على مدى أكثر من سبعة وعشرين شهراً يواجه حرباً اجرامية انتقامية شرسة تعتبر من أقذر وأحط الحروب في تاريخ البشرية وليس لها مثيل في العالم كله في الحاضر أو الماضي. ولم تكن حرباً بين الجيش ومتمردين عليه ولكنها حرب بين الجيش الباسل المنتصر والشعب السوداني الصابر الصامد المحتسب من جهة وبين جهة أخرى هي قوى اجنبية خبيثة لئيمة اطرافها عديدة اتخذت من الأدوات الداخلية ارجوزات ومخالب قط مسمومة لتنفيذ مخططها الإجرامي الشيطاني الابليسي الآثم.
وتدرك تلك القوى الأجنبية الخبيثة أن السودان بإمكانياته الهائلة وثرواته المتعددة المتنوعة الضخمة وأراضيه الشاسعة الواسعة الخصبة الصالحة للزراعة ومصادر مياهه المتنوعة العديدة وسواعد مهنييه وعماله المهرة القوية وخبراته وعلمائه في كل المجالات ومختلف العلوم والتخصصات يسدون عين الشمس وقد أفادوا ورفدوا العالم بعلمهم وخبراتهم والسودان بهذه المزايا والصفات مؤهل ليكون سلة غذاء المنطقة كلها ومن أهم سلال الغذاء في العالم ومؤهل ليكون مارداً اقتصادياً ويصبح قمة سامقة وذروة شاهقة على المستوى الاقليمي والدولي، وهو يملك من الخامات الطبيعية ومصادر الثروة المتعددة ما لا تملكه اليابان ولا تملكه النمور الاقتصادية الآسيوية ومنها ماليزيا التي لا تملك ما يملكه السودان. ولكن!! (وآه من لكن هذه) اقعدته التمردات والحروب المختلقة والصراعات السقيمة العقيمة على كراسي السلطة واختصار البعض للوطن كله في ذواتهم وتلك قمة الأنانية. والمؤسف أن القوى الأجنبية ظلت تكيد له وتصب الزيت على نيران تلك التمردات والصراعات ليزداد اشتعالها ليصبح الوطن كسيحاً قعيداً ضعيفاً طمعاً في موارده وثرواته الضخمة. واستغلت التيه وفترة الضياع والهرج والمرج الانتقالية التي كان السودان فيها شبه مستعمر بالتدخل الأجنبي السافر وأخذ الأجانب يتدخلون حتى في تغيير بعض المناهج الدراسية وفي وضع وتعديل القوانين وفي توجيه وتسيير سياساته الاقتصادية وأوضاعه المالية وعلاقاته الخارجية وبلغ بهم الاستخفاف (والحقارة) درجة إعداد دستور دائم للسودان في الخارج أعده قانونيون أجانب وتم تمريره في الداخل وأقيم احتفال للتوقيع على ما سموه الاتفاق الإطاري وكان الخواجات بوجودهم الكثيف في القاعة هم أهل العرس في ذلك الاحتفال. واتخذت القوى الأجنبية في الخارج وأدواتهم وأذنابهم في الداخل كل ذلك غطاءً خادعاً وتحته دبروا وخططوا وجهزوا لتفجير حرب انتقامية اجرامية استنزافية واحداث تغيير يفقد السودان سيادته الوطنية وعزته وكرامته ويصبح الوطن مسلوب الإرادة وذيلاً ذليلاً تابعاً لهم ويقوده ويديره الأجانب الذين يحركون أدواتهم التي تحكم مظهرياً بالوكالة عنهم (بالريموت كنترول) ليظل السودان قعيداً كسيحاً وتصبح ثرواته وامكانياته الهائلة تحت قبضتهم وسيطرتهم وجهزوا لانقلابهم الذي فشل وحربهم التي هزموا فيها هزيمة ساحقة ماحقة أموالاً طائلة وميزانية ضخمة مفتوحة لكافة المهام (تجييش وتجنيد وتسليح واعلام واعاشة .. والخ) وشراء الذمم في الداخل وشراء ذمم بعض رؤساء الدول الفقيرة المجاورة وتقديم الرشاوي لهم لتمرير ادخال الاسلحة والمرتزقة الأجانب المقاتلين عبر حدودهم وما انفق وجهز كان يمكن أن يقضي على قارة كاملة ويدمرها وبقدرة الله سبحانه وتعالي ومشيئته فشل مخططهم الاجرامي الفاشل وكان السودان بجيشه الباسل وقواته المشتركة ومستنفريه من شتى ألوان الطيف السياسي والمجتمعي وشعبه الصامد الصابر وأبنائه المغتربين الأبرار كناطح صخرة يوماً ليوضحها وماضرها وأوهي قرنه الوعل. والحرب اللعينة كانت مزدوجة وصحبتها من جانب المليشيات المتمردة حرب متفرعة عنها وهي جزء أصيل منها تم التخطيط لها والتنفيذ بدقة ووجهت ضد الشعب السوداني والمواطنين الابرياء العزل من السلاح وسبقها خطاب بغيض لزرع الكراهية والغل والبغضاء في النفوس ولتنفيذ هذه المهمة القذرة عهد القيام بها لمن هم في قاع المجتمع وبعد اندلاع الحرب فتح الباب على مصرعيه لتجنيد المجرمين واللصوص والقتلة والسفاحين الذين اخرجوا من السجون واللصوص والمجرمين المعروفين بتسعة طويلة والنشالين واللصوص وحملة السواطير للسرقة بالإكراه والمخمورين ومدمني المخدرات والمجرمين المرتزقة الذين احضروا من بعض دول الجوار وكانت مهمة كل هؤلاء اهانة الشعب السوداني و اذلاله وما حدث لا يحتاج لتفصيل ويلم به الجميع ولا تكفيه بضع اسطر بل لا تكفيه عدة مجلدات سوداء وهذا النوع من المجرمين لا يفهمون شيئاً في السياسة ولا يهمهم من يحكم أو لا يحكم ولا يفرقون إذا كانت الحرب اللعينة تجري في المهدية أو التركية أو في الفترة الانتقالية ولا يتابعون الفضائيات وما يدور في برنامج الحرب المنسية في قناة الجزيرة على سبيل المثال والحديث عن دولة 1956م وما إلى ذلك من الترهات هو بالنسبة لهم حديث الطير في الباقير ومهمتهم قاصرة فقط على القتل والتعذيب والسلب والنهب والاغتصابات. الخ.
ومع ذلك فإن بعض المترفين في الخارج الذين لا يحسون بما جرى للشعب السوداني من فظائع وحشية يرددون أن الحرب أصلها سياسي وحلها لا يكون إلا بإجراء مفاوضات سياسية والمفاوضات كان يمكن أن تجرى في شهر مايو عام 2023م بموجب اتفاقيات جدة ويضم الطرف الثاني فيها المنتمين للدعم السريع العاملين في الدولة رسمياً ولهم ملفات خدمة ولكن المفاوضات لا يمكن أن تجرى بعد ذلك مع لصوص ومجرمين تسعة طويلة وغيرهم.
والقوى الأجنبية قد تكابر ولا تعترف بالهزيمة وتظل تدعو للمفاوضات الوهمية المزعومة وقطعاً إن هذه القوى الأجنبية ستترك المكابرة حين تدرك أنها وقعت فريسة معلومات وتحليلات وتقارير ممعنة في الكذب والحقد ومدها بها بكل اسف بعض أبناء السودان العاقين لقاء امتيازات واموال قذرة ينالونها ومناصب في السلطة ينتظرون اعتلائها بصبر نافذ (هم ينتظرون السراب وماء الرهاب).
والوثيقة الدستورية تم التوقيع عليها في شهر اغسطس عام 2019م وتم الاتفاق أن تبدأ الفترة الانتقالية فور التوقيع على الوثيقة ويكون عمرها تسعة وثلاثين شهراً وإذا اضفنا إليها ًالأربعة أشهر التي سبقت التوقيع على الاتفاقية يكون عمر الفترة الانتقالية وانتهاء العمل بالوثيقة الدستورية في شهر نوفمبر عام 2022م وبعد التوقيع على اتفاقيات جوبا عدلت الوثيقة الدستورية وأضيف للفترة الانتقالية عام آخر وبموجب ذلك تنتهي في شهر نوفمبر عام 2023م ومنذ ذلك الوقت كان يفترض أن تنتهي الفترة الانتقالية وتفقد الوثيقة الدستورية صلاحيتها ويصبح (زمانها فات وغنايها مات) ولكن اندلاع الحرب اللعينة في الخامس عشر من شهر ابريل من عام 2023م فرض واقعاً جديداً وأصبحت المؤسسات الحاكمة تحكم استناداً على شرعية الأمر الواقع وكنا ندافع عن هذه الشرعية باستماتة لئلا يحدث فراغ دستوري سيادي وتنفيذي ومن يصفونها بأنها حكومة بورتسودان كنا نرد عليهم بأنها حكومة كل السودان والآن فإن عمر الفترة الانتقالية بلغ ستة أعوام وثلاثة أشهر واسبوعين وهي أطول عمراً من عمرالنظام العسكري النوفمبري الذي بلغ ستة أعوام إلا ثلاثة اسابيع . وبالطبع إن الفترة الانتقالية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد ولا بد من فتح صفحة لفترة انتقالية جديدة توضع لها مصفوفة زمنية تحدد تاريخ بدايتها وتاريخ نهايتها ويكون على رأس اولوياتها اعادة التعمير بعد التدمير ويكون قوامها مجلس سيادة انتقالي ويكون رئيسه وأعضاؤه من القادة العسكريين لأن البلاد خرجت من حرب لعينة تتطلب حزماً وصلابة وقوة ويقتضي هذا أن تعهد السلطة السيادية والمهام الدفاعية والأمنية للقوة ذات الشوكة. وتكوين مجلس وزراء اتحادي من الخبراء والتكنقراط من الوطنيين المستقلين المخلصين المتجردين الذين يكون ولاؤهم للوطن لا لغيره وهؤلاء عددهم كبير ويسدون عين الشمس ولولا المعوقات الخفية والاطماع الشخصية لتم تكوين الحكومة في يسر وفي زمن قياسي وقد تم تعيين رئيس الوزراء وهو دكتور كامل ادريس الذي أخذ (بالقطاعي) في اعلان من يتم بالاتفاق مع الآخرين اختيارهم. والضرورة تقتضي بلا تأخير وتسويف تكوين المجلس التشريعي الانتقالي ليراقب أداء الجهاز التنفيذي وتساهم لجانه المتخصصة في وضع الخطط والسياسات للوزارات المعنية بها مع ضرورة تكوين المحكمة الدستورية التي اختل في غيابها لعدة سنوات ميزان العدالة ويصحب ذلك بالضرورة تكوين الحكومات الولائية والمجالس التشريعية الولائية وتفعيل الحكم المحلي والمجالس التشريعية للمحليات والوحدات الإدارية ومجالسها وتفعيل دور اللجان الشعبية القاعدية الخدمية وتفعيل المناشط المجتمعية (رياضية – ثقافية … الخ) وباختصار فإن اعلان قيام فترة انتقالية جديدة واجب ملح. ولنا كمواطنين عاديين أن نتساءل لماذا السلحفائية والولادة القيصرية للفترة الانتقالية الجديدة؟.