ما بينهما .. صلاح أحمد إبراهيم ومصطفى سند

ما بينهما
صلاح أحمد إبراهيم ومصطفى سند
بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ
شاعران أصحاب صولات وجولات في عالم الشعر والشعراء والغنائيات والمواقف السياسية، بل تحريك الساكن في عالم الشعر السوداني. ولد صلاح أحمد إبراهيم في العام 1933، بينما أبصر النور سند في العام 1935.
تعلق الاثنان بإرث أسرتيهما في عالم الأدب والقراءات المختلفة، فصالح وجد نفسه جوار جده لوالدته محمد الفضل، مدير أول مدرسة يتم تأسيسها في السودان، وهي مدرسة الخرطوم الأولية، ومكانها موقع بنك البركة الحالي بقلب الخرطوم. أما سند فكان مع جده لأبيه الفقيه والشاعر سند الأكبر، وهو ما جعل والده محمد سند يسير على منهاج والده الشاعر، فكتب أشعارًا صوفية ضمنها في ديوانه “ملذات الخلود”.
داخل بيتهما، شاهدا فطاحلة المعرفة والكتاب في سودان الأربعينيات والخمسينيات، ومنهم الشاعر عبد الله عبد الرحمن الضرير، وعلي نور، وأولاد عشري الصديق (عبد الله ومحمد)، وعثمان هاشم، وحسن وحسين الكد. تفتحت أعينهما على الأدب وهما في سن مبكرة.
ففي العام 1954، كتب صلاح أحمد إبراهيم أشعارًا أوضحت قدراته الشعرية التي أوصلته لمصاف الشعراء الكبار، ومنها “الحاجة” و”صورة دوريان جراي”، بالإضافة لقصته التي فازت بجائزة الإذاعة السودانية في أكتوبر 1954 بعنوان “خادم الله”. أما مصطفي سند، ففي العام 1954 نشر بصحيفة الصراحة قصته “مأساة الزقاق”، وهي تصوير لمجموعة منازل كانت تعيش على الكفاف والمسغبة.
داخل بدايات أشعارهما، نلحظ الالتصاق بالمجتمع وعذاباته، وبالفقر والعوز، وحياة الضنك والجوع والحوجة. عاني الاثنان من عسف السلطة، فكانا في مواجهة لها، وبل قيادة للمطالب المشروعة، إضرابًا عن العمل والدراسة.
فصلاح تم فصله من مدرسة حنتوب الثانوية في العام 1951، وهو بالسنة الرابعة، فكان أن أكمل دراسته بالاحفاد الثانوية ونجح في الالتحاق بجامعة الخرطوم بكلية الآداب. في حين تم فصل مصطفي سند من العمل بالبريد والبرق مرتين، الأولى في العام 1957 والثانية في العام 1966، لقيادته تنظيمًا مطلبيًا.
كتب الاثنان في مناحي الأدب في سن الثامنة عشر من عمريهما، وهي سن مبكرة للكتابة. للاثنان أعمال شعرية شاهدة على نبوغهما. فصالح كتب خمس مجموعات شعرية، وهي “غابة الأبنوس”، و”غضبة الهبباي”، و”يا وطن”، و”نحن والردي”، و”عازة”. بينما أنتج سند أيضًا خمس مجموعات شعرية، وهي “البحر القديم”، و”بيتنا في البحر”، و”عودة البطريق البحري”، و”بردة الصلاة”، و”درجة القبول في الحب والحلول”.
في جانب الغنائيات، تبرز غنائيات من مستودع الجمال وعذوبة اللغة. فكتب صلاح “الطير المهاجر” التي أحدثت حراكًا في الستينيات، وتغنى بها محمد وردي، زائدًا “مريا” التي جعل منها حمد الريح واحدة من أجمل الغنائيات الفصيحة. زائدًا “الحاجة” التي تغنى بها الفنان أبو عركي البخيت، مع وجود أغنية “يا عازة ولدك فيهو سر” التي كانت من نصيب الفنان صلاح بن البادية، مع وجود أغنية “الاشتراكية” التي كانت من نصيب الفنان عثمان حسين.
تبرز غنائيات سند كحالة من حالات اللغة الغنائية لفن الغناء السوداني، فكانت “بريد الشوق”، و”غالي الحروف”، و”شارع الصبر”، من الأعماق “صدى الاسم” مع أغنية “المبايعة” للفنان عثمان حسين. الاثنان بدآ حياتهما في عالم الكتابة بالقصة القصيرة في بدايات الخمسينيات، وتحولا للشعر فيما بعد، وأصابا نجاحًا واضحًا جعلهما من رموز الشعر السوداني.