أيام الله السبعة

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
أيام الله السبعة
الاثنين
من كرامات الاتحادي الديمقراطي الأصل وغير الأصل (عند القول الفصل) أنه دائماً ما يختار وزراءه قبل برنامجه، أما حليفه حزب الأمة فإنه لا يختار برنامجه ولا وزراءه إلا عند احتكار الأزمة، وعندما يتحالفان يقبض عبد الله خليل بتلابيب الشيخ علي عبد الرحمن، ويتم التسليم والتسلم، وتذهب الديمقراطية أدراج الرياح.
الثلاثاء
أمريكا رفعت الكارت الأحمر لدول أوروبا القديمة وحلف الناتو، ولكنها جاءت متأخرة، إذ اكتشفت فجأة أن الناتو يقود حكومة أقوى من البيت الأبيض، وأن أصحاب الخبث القديم أذكى بكثير من أصحاب الخبث المعاصر.
وعندما تنافس أوروبا أمريكا في النفط العربي والترليون العربي، يتفقان (تحت الطربيزة) على الغنائم، ويوزعان الخصومات المزيفة على الأغبياء.
الأربعاء
الثلاثاء عطلة رسمية، والأربعاء عقاب شهر، والخميس (صفقة ورقيص)، والجمعة الجامعة، والسبت إجازة ومناصرة لليهود، والأحد مشاركة للنصارى، والاثنين تُرفع فيه الأعمال. وقد صدق التقرير الدولي حول فلسفة الزمن عند الإنسان السوداني، فوجدوه يعمل (عشر دقائق) في اليوم، مع أننا أخفينا عنه (بوش) الصباح وقراءة الصحف ورسائل الميديا، والنقاش قديماً حول الهلال والمريخ، وحديثاً حول الريال وبرشلونة.
الخميس
هنالك الكثير من المنظمات الغربية التي توزع جهراً الساردين والمربى والأدوية التالفة جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً، وتوزع سراً الأسلحة والسموم والعمالة. فإن تحالفت الإغاثة المعطوبة المسمومة والحرب المستعرة المجنونة، فالسؤال الذي ينتظر الإجابة الحائرة: ترى كم من الفور والزغاوة والمساليت والنوبة وقبائل شمال كردفان بقي على قيد الحياة؟.
الجمعة
كان المثقفون والساسة من أهل جنوب السودان في الشمال قبل الانفصال يجيدون الثرثرة والبجاحة والنفخة الكضابة وافتعال المعارك والبطولة، والاستعلاء على الرأي العام الشمالي. واليوم يجيدون الصمت المريب أمام القتل والتهجير والبكاء على حائط مبكى الانفصال.
مارس الساسة الجنوبيون أقصى درجات العنصرية والانتماء الأعمى (للخواجات) وخدعوا جماهيرهم، واليوم جاءوا إلى حيث لا حيث، وعند ولا عند، وفي حيث لا يسألون لئام البشر تبرير شتارة الانقسام، ولا يجدون من أهل الخديعة ولا سترة عابرة ولا كفناً من طرف السوق، حيث لا سوق، ولا شبراً في المقابر حيث لا مقابر، فقد سدت الجثث الأفق. وما زال قطاع الشمال المصنوع يصر على تكرار اللعبة القذرة والسقوط عند السفح!!!
أما الحياء عند الدولة الجديدة فقد تبخر، وهم يفتحون أراضيهم لعصابة دقلو، ومستشفياتهم لجرحاها، ونفطهم لسياراتهم المقاتلة، وأبناءهم (مرتزقة) يحيطون بمدن وقرى طالما اقتسمت معهم اللقمة والكتاب. فيا له من انفصال مؤلم، ويا له من جوار لا يستحق البكاء على أكنافه ولا على أكتافه.
السبت
بلغت مدينة أم درمان درجة من الإهمال وتردي الخدمات بعد دمار وحريق الحرب المصنوعة، بحيث يبدو أن أي حديث عن أي إنجاز مجرد بوماستيك على وجه راكوبة في الخريف.
وكان دائماً الراحل أبو الروس يرفع عقيرته معترضاً على القصائد الهابطة:
(بالله عليك الله يا أبو قرون ما تشكر لي الراكوبة في الخريف). وها هو الخريف ينتصف زمانه وما زالت الراكوبة تترنح، مع أن العائدين يحيطون بالبيادر والبطاح.
الأحد
وكان الإمام علي، عليه الرضوان وتكريم الوجه، يكتب القصة القصيرة، فقد قال يوماً لجلسائه: (إنما مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار ثلاثة كن في أجمة: أبيض، وأسود، وأحمر، ومعهن فيها أسد، فكان لا يقدر منهن على شيء لاجتماعهن عليه.
فقال للثور الأسود والثور الأحمر: لا يدل علينا في أجمتنا (غابتنا) إلا الثور الأبيض، فإن لونه مشهور ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكله صفت لنا الأجمة. فقالا له: دونك فكله، فأكله.
فلما مضت أيام، قال للأحمر: لوني على لونك، فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة. فقال له: دونك فكله، فأكله.
ثم قال للأحمر: إني آكلك لا محالة. فقال: دعني أنادي ثلاثاً. فقال: افعل. فنادى: ألا إني أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض، ألا إني أُهنت ووُهنت يوم قتل عثمان). يرفع بها صوته ثلاثاً. وقد آن الأوان أن تصيح العواصم العربية والإسلامية: أُكلنا يوم أُكلت (طهران).
ومن لطائف الإمام علي، كرم الله وجهه، سرعة بديهته في الإجابة، وتأنّي واقعيته في التقييم، فقد سأله ابنه الإمام الحسن يوماً: لماذا يحب القوم الدنيا ويعلمون أنها فانية يا أبي؟ فصمت الإمام علي هنيهة، ثم قال: وهل يُلام المرء على حب أمه؟.