جسر العودة .. قطار الأمل يعيد السودانيين من مصر إلى حضن الوطن مجاناً

مشروع العودة الطوعية للسودانيين
جسر العودة .. قطار الأمل يعيد السودانيين من مصر إلى حضن الوطن مجاناً
القاهرة: خضر مسعود
في مشهد مفعم بالمشاعر، امتزجت دموع الفرح بلهفة الشوق للوطن، وارتسمت على وجوه العائدين من مصر إلى السودان ابتسامات الأمل وهم يستقلون قطار العودة الطوعية المجانية. هذه المبادرة، التي تنفذها منظومة الصناعات الدفاعية ضمن مشروعاتها في المسؤولية المجتمعية، لم تكن مجرد وسيلة نقل، بل جسراً إنسانياً أعاد الأسر المشتتة وجمع الأهل بعد طول غياب، ليبدأوا رحلة جديدة نحو الاستقرار والمشاركة في إعادة إعمار بلادهم.
رحلة الفوج الرابع بالقطار
سير المشروع، ضمن المرحلة الثانية، الرحلة الرابعة بالقطار من محطة مصر (رمسيس) بالقاهرة، في إطار التفويج عبر القطار. وقد انطلق الفوج رقم (23)، وهو الرابع من نوعه بالقطار، حاملاً 1050 راكباً متوجهين إلى أسوان – محطة السد العالي – ومنها إلى داخل السودان عبر البصات إلى محطات مختلفة.
وضم الفوج عدداً من المهنيين المنتمين لجهات متعددة، من بينهم منسوبو السلطة القضائية والمعلمون، بالإضافة إلى مواطنين من مناطق بري والجريف وسوبا شرق وشرق النيل والجزيرة.
معالجات لضحايا الاحتيال
وأوضح القائمون على المبادرة أنهم عالجوا أوضاع بعض الأسر التي تعرضت للاحتيال من قبل مبادرات وهمية، مؤكدين أن التسجيل يتم حصراً عبر الأرقام الموحدة للعودة الطوعية، والتي توسعت لتصبح ثلاثة أرقام لتلقي الرسائل، بغرض التخفيف على الناس وتسهيل الوصول للخدمة. وتشمل متطلبات التسجيل: الاسم، العمر، رقم للتواصل، صورة شخصية، وإثبات الهوية. كما أشاروا إلى أن هناك تفويجاً آخر عبر البصات، حيث ينطلق يوم الإثنين الفوج رقم (24) المكون من نحو 12 بصاً من ميدان عابدين بوسط القاهرة متجهاً إلى مختلف المناطق داخل السودان.
شهادات العائدين
قالت مريا علي، إحدى العائدات: “اتواصلنا مع المنظومة التي تكفلت بترحيل جميع الأسر التي تعرضت لعملية احتيال، وتمت معالجة أوضاع أكثر من 200 شخص نُصب عليهم من قبل أحد الأشخاص، والذي أخذ أموال المواطنين ثم اختفى، وسمعنا لاحقاً بالقبض عليه. وأضافت مريا أن السفرية مجانية حتى الوصول إلى الوجهات، ونحن سعداء بالعودة ونشكر المنظومة على تكفلها بإرجاعنا. هذا عمل كبير ودورها الاجتماعي واضح، وجدنا آلاف الأسر معنا في هذه الرحلات والجميع سعداء بالعودة للوطن”.
أما حاتم الرشيد، فأشاد قائلاً: “هذه المبادرة جميلة جداً وخففت كثيراً عن الأسر العائدة، وأتمنى استمرارها لعودة السودانيين، خاصة الشباب. إذا استمرت لشهرين قادمين، فلا أظن أن يبقى شاب سوداني في مصر. أغلب الشباب يعودون من أجل العمل ورفع البلاد وإعادة الإعمار. أسباب خروجنا لم تكن بحثاً عن الرفاهية أو السياحة، بل بسبب الحرب التي شردت الأسر ونهبت ممتلكاتها. بعد تحرير الخرطوم والجزيرة ومعظم مناطق البلاد، كان لابد أن نعود للمساهمة في البناء”.
وفي السياق نفسه، عبّر عصام مدثر عن شكره للمنظومة، قائلاً: “الإجراءات تمت بسلاسة حتى وصلنا الآن داخل القطار. هذه فرصة للشباب للعودة وإعادة إعمار ما دمرته الحرب. بعض الأسر السودانية تعيش أوضاعاً صعبة في مصر بسبب ضيق المعيشة، لذا فإن تسهيل العودة يفتح آفاقاً جديدة للعمل داخل الوطن”.
كما تحدث الشاب محمد المجتبي قائلاً: “سجلنا عبر الرقم الموحد، وتم الاتصال بنا لتحديد موعد السفر، واستلمنا التذاكر في وقت كافٍ مع ترتيب جميع الإجراءات. لم نجد أي تعقيدات أو بيروقراطية، فالتواصل مستمر حتى لحظة الصعود إلى القطار. منظومة الصناعات رفعت عبئاً كبيراً عن المواطنين الراغبين في العودة من خلال الترحيل المجاني وتوفير الوجبات، وهو أمر غير موجود في أي مبادرة أخرى”.
بدورها، أوضحت أميرة عصام، إحدى العائدات: “سجلنا بالرابط عبر الهاتف، وحددوا لنا مواعيد الحضور واستلام التذاكر. نحن راجعين إلى بري في الخرطوم، وكل الإجراءات تمت بسهولة. أسرتي كانت مقسومة بين مصر والسودان، واليوم أنا وأولادي راجعين، ونتمنى أن تتيسر الأمور. نشكر المنظومة على هذا العمل الكبير، فقد سهلت على كثير من الأسر التي كانت ترغب في العودة لكنها لم تستطع”.