كمالا إبراهيم إسحق .. قصة إمرأة سودانية مبدعة

كمالا إبراهيم إسحق .. قصة إمرأة سودانية مبدعة

بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ

كمالا إبراهيم إسحق،
من رموزنا الحية فنا وثقافة وروحا مغامرة للبحث عن مؤاطي الجمال والفنون. ولدت كمالا إبراهيم إسحق في بداية عقد الاربعينيات من القرن الماضي فكانت نموذجا للمرأة المثابرة والقادرة على جعل رصيفاتها من النساء يلجن مجال الفن التشكيلي. نالت تعليما نظاميا داخل مدارس السودان القليلة آنذاك فظلت في تحصيل أكاديمي حتى دلفت نحو كلية الفنون الجميلة. ففي العام 1959 دلفت كمالا نحو أولي خطوات مجدها الفني، فتخرجت في العام 1962 ومنذ تخرجها لم تركن لحياة التخرج والعمل، فظلت في بحث دائم لتطوير نفسها، فكان لها ما أرادت، فتم منحها منحة للدراسة في كلية الفنون الملكيةبلندن في لندن (1964–1966 في الرسم الجدارية، و1968–1969 في الطباعة والتوضيح).

المسيرة الفنية والتعليمية

 

من بين أوائل النساء السودانيات اللاتي حصلن على شهادات في الفنون من الخرطوم، مما أهلها لموقع قيادي في التعليم الفني، حيث عملت أستاذة وتصير عميدة كلية الفنون لأكثر من ثلاثين عاما. شاركت في المدرسة الفنية الحديثة المعروفة باسم مدرسة الخرطوم التي جمعت بين التقاليد الإسلامية والأفريقية في لغة تصميم خاصة وهوية بعد الاستقلال السوداني.

 

حركة الكريستاليون

 

في أواخر السبعينيات، أسّست رفقة طلابها محمد حميد شَدّاد ونايلا التايب حركة Crystalist، التي أعلنت “البيان الكريستالي” عام 1978 في جريدة الأيام. وكان هدفهم أن يكون الكون مشروعًا بلوريًّا شفافًا بلا حجاب وذو عمق أزلي، مع لغة فنية تتجاوز البنى التقليدية والتحديدات الهوية، مع تمازج بين الأنثوية والشفافية والمعرفة.

 

الأسلوب والموضوعات الفنية

 

أعمال كمالا متأثّرة بطقوس الزار الروحانية النسائية، حيث تصوّر وجوهًا مشوّهة وأجسامًا عضوية في رؤى تشبه الطقس الاستبطاني في طقوسها العلاجية الروحية. واستخدمت ألوانًا ترابية مستمدة من الشمس والرمال والسماء، مع تداخل رموز الطبيعة والأساطير وتجارب النساء التاريخية في السودان، وبخاصة تلك المرتبطة بجسد المرأة كمساحة للصراع والشفاء والإبداع. تأثرت بأعمال ويليام بليك الروحية وفرانسيس بيكون التشخيصية، اللتين قادتاها إلى استكشاف أنماط تصويرية تعبّر عن الغياب والحضور الروحي معاً
المعارض والمجوْعَات
قدمت كمالا معارض فردية مرموقة منها بعنوان فنون المرأة في عصر الكريستال
معرض أحادي في معهد في معهد لندن للفنون (2022‑23).

 

مناسبات دولية

 

معارض في صالة ساتشي بلندن (2018) والجمعية الملكية للفنو ومتحف المرأة في واشنطن (1994). تُعرض أعمالها في مجموعات رسمية مثل الشارقة بينالي وميوما نيويورك، ومؤسسة بارقل الفنية.

 

الجوائز والتقدير

 

نالت جائزة الأداء الفني المتقدم للثقافة عام 2019، تكريمًا لدورها الريادي في الفن والثقافة.
هذه هي بعض قطوف من مسيرة كمالا إبراهيم إسحق التي تعد واحدة من أهم الفنانات في العالم العربي وأفريقيا، لأنها صنعت لغة بصرية جديدة تتجاوز الحدود التقليدية إلى عوالم الشفافية والتسامي الروحي والأنثوي. لقد واجهت التحيز الفني بأسلوب مبدع ونقدي، واستحقت أن يُكتب اسمها بحروف كبيرة في سجل الفن المعاصر. رسمت كمالا بريشتها طريقًا للشفافية وسط ثقافة الفن السوداني. نبعث إليكِ بتحايا المحبة والتقدير والإجلال، فأنتِ صوت الحرية، والأنوثة التي لا تنثني، والعقل الذي يرى الجمال في الوجود البسيط. شكراً لأنك أعدت للفن معنى لا يرى إلا العيون الحرة