
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أوراق تنتظر الكتابة)
مع إسحق
إسحق أحمد فضل الله
(أوراق تنتظر الكتابة)
ونظل نلملم لنعرف ما نحن، وإلى أين نتجه، ونجدهم يقولون: أيام الإنجليز، والبحث عن إظهار السلطة والسلطان. المفتش الإنجليزي يرسل رسالة إلى الشيخ ود بدر يطلب منه أن «يمتثل بين يديه»، والشيخ الذي لا هو عنده جيش للقتال، ولا هو يستطيع المثول بين يدي الكافر، يختلط أمره، وشاعره يقف أمامه ليقول له:
من هاو لي لاو
لملم ولاد الناس
ناس ملك الهوان
جابوا لك القرطاس
وين درب القبيل
في القبلة ختوا الساس
والكوع إن حمى
بيبين الرقاص
الشاعر يشرح للفقيه ما هو الدين، والشيخ يسأل الله:
بركة القيوم… ما أشوف الخرطوم
ويموت في الطريق.
وقالوا إن المك نمر لم يكن قائدًا بل كان شيخًا يعلم القرآن، وحيران عنده يترفهون، وشاعره الغاضب يقول له:
(سعد أبيك بيشربوا
أم بقبق معاها بروك)
المريسة واللحم
وفقرانيك يتورنوا السكر مع المعروك
يا خت الخشب وأبرك مع المبروك
يا اركب عديل خَلّي الرجال يبروك
والشيخ يركب مقاتلًا، وقصته معروفة.
ومن يقصون تاريخ صناعة السودان يركمون الأنغام عن: أبو دنانة جاب سبعة بنات، عاشة جابت عجيب المانجلك — شيخ مجاهد، وزوجها جماع — شيخ مجاهد، وحليمة جابت الشيخ الأغبش، ووديدة حفيدها حامد أبو عصاة سيف، وفاطمة جابت الشيخ إدريس ود الأرباب، ثم… ثم… حتى التي أنجبت القاضي دشين.
السودان إذن: قرآن وجهاد.
والآن، وفي التاريخ الذي يعيشه الناس، السودان لم يجتمع في الزمان كله إلا حول اثنين: الإسلام والجيش… وحتى اليوم.
(2)
وفي نصف القرن الأخير، المثقفون الذين انشبحوا بين ثقافة الغرب التي أفلست، وبين الإسلام الذي يجهلونه، يرسمون إسلامًا من عندهم — إسلام ما يعرفونه منه هو ما تعرفه صاحبة الأنداية.
وفي الحكاية: الخواجة أيام الإنجليز يجلس كل مساء عند صاحبة الأنداية، وهذه تخصه بما يعرف… هيج، وويسكي، وبيرة. ويومًا، الخواجة يطلب عرقي فقط، والمرأة تنظر في دهشة وتصب له كأسًا، والخواجة يبتلع الكأس، والمرأة تطلق زغرودة مصلصلة وتصيح:
أيوو وى… الخواجة أسلم!
المرأة تصورها للإسلام هو هذا، وكثير من مثقفينا تصورهم للإسلام يشبه هذا، حتى جاء الإسلاميون، والناس فتحت.