الشاعر قرشي محمد حسن .. (انت الجميل ومدلل)

بقلم: أمير أحمد حمد
من أبرع شعراء الغناء السودانيين، لكنه كان مقلاً. وقد آثر بقصائده الغنائية المطرب الكبير عثمان حسين، الذي زاد الكلمات أناقةً، ولفت إليها الأسماع بما أضفاه عليها من موسيقى عذبة وكبيرة ومتنوعة. وحببتها إلى الأفئدة القدرة والاقتدار اللذين تميز بهما أداء الفرقة الموسيقية الإذاعية. ولد قرشي في مدينة أم درمان بحي ود نوباوي سنة 1915، دفع به والده إلى خلوة القرآن الكريم على يد الشيخ محمد ود أحمد، حيث كانت الخلاوي في تلك الحقبة من الزمان هي أساس التعليم الديني، وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب برواية ورش على يد الشيخ محمد ود أحمد بود نوباوي وكان عمره لا يتجاوز الـ (12) عاماً. قام بكتابة نسخة من المصحف الشريف بخط يده ومشكل وجعل هذه النسخة وقفاً لأبنائه وذرياتهم.
منح قرشي محمد حسن، الأستاذ عثمان حسين كما ذكرنا ثلاث أغنيات وهي أغنية خمرة العشاق والفراش الحائر واللقاء الأول. وأغنية الفراش الحائر من الأغنيات الكبيرة في مسيرة الفنان عثمان حسين، فعندما أتى الفنان التاج مصطفى بأغنية الملهمة، وهي من كلمات عبد الرحمن الريح، فقد أحدثت نقلة كبيرة في مسيرة الغناء السوداني فكان لحن الفراش الحائر محيرا وبديعا أتى به عثمان حسين فإرتقى به مكانا عليا في تصنيف عثمان حسين فأصبح فنانا من الدرجة الأولى:
طاف الفراش الحاير
مشتاق إلى زهراتك
حبيبي آه .. أنا غاير
بخاف على وجناتك
حبيبي طرفي مسهد
أراك قريب وأتنهد
ومرة فيك أتشهد
أنا قلبي آمن ووحد
بجمال صفاك وصفاتك
صدقني بس وحياتك
آمنت بيك يا ناير
لأنو مافي مثالك
أنا حكمي لو كان جاير
حكم سواي في جمالك
للناس عقول وبصائر
عن حكمي غاضب مالك
انت الجميل ومدلل
وأنا قلبي ليك اتذلل
وعيوني فيك تتأمل
ثانية ما بتتحمل
وقرشي محمد حسن يعتبر من أبكار الشعراء الذين تعاونوا مع عثمان حسين، فقد سبق بازرعة في التعامل مع عثمان حسين فأتى تعاونه معه بعد الشاعر محمد بشير عتيق وعلي محمود التنقاري. وقد كان قرشي محمد حسن مقلا في رفد مكتبة السودان بشعره الغنائي، وغنى له عدد قليل من المطربين، منهم الفنان الأمين علي سليمان الذي أدى أغنية (نجوى) وهي من تلحين الأستاذ خليل أحمد وتم تسجيلها بالإذاعة السودانية.
وربما تعود قلة مساهمته في الغناء السوداني لإنشغاله ببرنامجه الشهير الذي قدمه على أثير الإذاعة السودانية وهو برنامج (أدب المدائح)، وذلك في منتصف ستينيات القرن الماضي، حيث بذل فيه قرشي محمد حسن مجهودا جبارا، وطاف بقاع السودان المختلفة تحقيقا وتنقيبا في هذا النوع من الأدب، أدب المدائح، فقدم فيه مجموعة كبيرة من مداح الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان للمستمع السوداني أن يعرفهم لولا هذا البرنامج.
فقد اهتم قرشي في هذا البرنامج بترجمة للكثير من شعراء المدائح وشرحا لمعاني مفرداتها وتحليلا كاملا لما جاء فيها. ويقول قرشي محمد حسن كما ورد في كتاب الأستاذ معاوية حسن يس من تاريخ الغناء والموسيقا في السودان في الجزء الثاني (برنامج أدب المدائح هو أول من أدخل فنون الدفوف مصاحبة لإنشاد المدائح في الإذاعة والتلفزيون وأول مادح قدم لي مدائح الطار هو الحاج ابنعوف سليم من مداح الشايقية وعن طريقه عرفت مدائح الشايقية بدء من على ود حليب إلى حاج الماحي). والواقع أن أولاد حاج الماحي قد عرفهم الناس عبر هذا البرنامج.
كان قرشي محمد حسن إلى جانب اهتمامه بالمدائح كان أيضا مهتما بالأدب الشعبي، وعني عناية خاصة بشعراء المدائح في زمن الدولة المهدية وأصدر في عام ١٩٧٤م كتابه (قصائد من شعراء المهدية). وفي عام ١٩٦٥م الجزء الأول من كتابه (مع شعراء المدائح) وصدر الجزء الثاني منه في ١٩٦٧م.
وقد توقف برنامج مع أدب المدائح بأمر من أحد النافذين في الإذاعة مما ترك أثرا كبيرا في نفس الشاعر قرشي محمد حسن. ونشير إلى أن الشاعر قرشي محمد حسن كان رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون والمسرح.