خطاب البرهان في عيد الجيش .. رسائل من أرض الحضارات

خطاب البرهان في عيد الجيش .. رسائل من أرض الحضارات

تقرير: مجدي العجب

قد يبدو جليا لعارفي التاريخ وثقافة الشعوب رمزية خطاب رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان من أرض الحضارات بمناسبة العيد المئة للقوات المسلحة السودانية. ولأن الخطاب من موقعه المعني ليس عبثا وإنما فيه إشارات عدة بحيث أن الموقع عمره آلاف السنين وتجلس على رماله حضارة من أعرق الحضارات الإنسانية وهي تجسد دولة السودان بحقبها المتخالفة منذ فجر التاريخ من لدن كوش وترهاقا بعانخي. وكأنما يقول البرهان للجنجويد ومن تحالف معهم ومن يقف خلفهم: أيها الأغبياء فمثل هذه الحضارات لا تهزم ولن ينكسر إنسانها وبالتالي لا يهادن جيشها في سيادته. وعلى تلال هذه الحضارات الشامخة منذ آلاف السنين لا يدرك كنهها حميدتي أو من يفكر له أو من تحالف معه لأن عمق هذه الحضارات لا يدركها إلا من تتبع خطوات التاريخ وعرف أن الشعوب هذه ميزها الله بالغيرة الوطنية والإقدام دفاعا عن حضاراتهم ومقتنياتهم التاريخية، لذلك من هذا المبدأ تقدمت القوات المسلحة بخطوات ثابتة دون وجل في مواجهة العدو حتى استطاعت كسر شوكة الجنجويد ودحرهم وتحرير معظم الأراضي التي دنسوها، وإفشال المخطط بكل امكانياته المادية واللوجستية. لذلك وقف قائد الجيش أمس الأول شامخا يحكي عن حضارات أنجبت هذه المؤسسة العريقة والرجال الشجعان ولازالت وسوف تظل.

 

الحارس مالنا ودمنا

 

لم يكن الشاعر الفذ عمر البنا أولهم ولن يكن الأخير من الذين غنوا وتغنوا حبا وإعجابا بالجيش السوداني بل حتى ما يسمى بأغاني البنات فقد جاءت متغزلة في تقدير واحترام الجندي السوداني والجياشي السوداني فكان الجندي هذا حلم السنوات، فالذي يقدم روحه فداء للوطن يستحق أن تنسج في حقه القوافي والأشعار ولو حاولنا أن نحصي ما كتب فلن نستطع أبدا.

 

رسائل عديدة

 

ويقول الخبير الأمني والاستراتجي اللواء (م) محمد المصطفى أن خطاب رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان فيه رسالة واضحة بأن السودان دولة عريقة وذات تاريخ وحضارة وارتباط تاريخي قوي يمتد لآلاف السنين. ويضيف في حديث لألوان: الأرض التي أطلق منها رئيس مجلس السيادة خطابه منطقة مروي وأرض الحضارات ومنبع الحضارة السودانية أو المروية كما يسميها كتاب التاريخ لذلك السودان بهي برجاله ومؤسساته وجيشه، وهو دولة ليست وليدة كبعض الدول لكنها عميقة وتليدة وذات بعد تاريخي وهذا له تأثير كبير على إدارة الدولة ومؤسساتها وممارساتها وأنشطتها في جميع المجالات خاصة فيما يتعلق بالقوات المسلحة. وزاد اللواء المصطفى: لذلك رسالة الرئيس واضحة جدا ومضمونها أن دولة السودان ليست كبعض الدول التي تم تشتيت وتفكيك جيشها ولا يمكن أن نتناسى تاريخنا وكلما حلت أزمة عدنا بعدها أقوياء. وذهب في حديثه: الرسالة الثانية التى أرسلها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أكد فيها أنه لا يمكن خيانة دماء شعب السودان التى سفكت بأيدي الجنجويد والحفاظ على وحدة السودان وانتصار الشعب السوداني في هذه الحرب، وكذلك لا يمكن أن يكون لمليشيات الجنجويد أي موقع سياسي في البلاد ولا مهادنة أو مصالحة معها وسوف يتم إخراجها من المشهد كاملا استجابة لرغبة أهل السودان والقوات المسلحة. وكذلك تحدث عن مجاهدات الشعب السوداني مشيرا إلى أن رئيس مجلس السيادة يحقق رغبات الشعب السوداني والقوات المساندة للجيش في إبعاد الدعم السريع عن المشهد كاملا. واستدرك: واضح أن هنالك تلميح فيما يتعلق بإتفاق سلام، ولكن الرئيس أشار إلى أنه لو كان هنالك سلام فمن أساسياته إبعاد الجنجويد عن المشهد وتحقيق الأمن والسلام وإعادة الإعمار وهذا ما سوف يحدث قريبا. ووصف الخطاب بأنه مختصر وله أيعاد وفيه رسائل قوية للداخل والخارج مذكرا بالبعد الحضاري والتاريخي وأن ما تقوم به القوات المسلحة هو امتداد لهذه الحضارة وهذا التاريخ في ميدان القتال. وختم حديثه لنا قائلا: أهم مافي هذا الخطاب يمكن أن تكون هنالك عملية سياسية أو سلمية، ولكنها لا تحوي أي تراجع وفي الغالب تكون إما بتحقيق نصر كبير جدا يبعد المليشيات عن المشهد ومن ثم تقوم عملية سياسية وسلمية مع أطراف أخرى.

 

المكان الصحيح

 

فيما أشار الخبير العسكري العقيد (م) محمد فرح حاج إلى أن رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قصد أن يطلق خطابه من أرض الحضارات حتى يذكر الجميع بأن السودان ببعده الحضاري والتاريخي الذي يمتد إلى آلاف السنين لا يمكن أن يهزم على أيدي مليشيات تقاتل ببندقية الإرتزاق. وأضاف فرح في حديث لألوان: رئيس مجلس السيادة اختار المكان الصحيح الذي أرسل منه رسائله التى تطمئن الشعب السوداني أولا بأنه لا مجال للمهادنة أو التنازل عن سيادة البلاد، وأخرى للمؤسسة العسكرية بأننا ماضون في دحر الجنجويد ودحرهم بصورة كاملة. وزاد في حديثه لنا: الجيش السوداني أكمل اليوم مائة عام وهذا تاريخ قديم مقارنة ببعض الشعوب التى حاولت أن تغمس يدها في السودان ولا يمكن لجيش بهذا البعض التاريخي والحضاري أن تقف في وجهه مليشيا الدعم السريع أو تحقق انتصار عليه وبرغم الدعم المالي واللوجستي الذي تتلقاه هذه المليشيا ولكن تم دحرها بأبناء القوات المسلحة السودانية.
و100 عام كفيلة عبر استصحاب التاريخ أن تزيد الجيش شموخا وكبرياء ومئة عام والجيش السوداني يحبط كل المؤامرات التي حيكت ضد الوطن، فهذا جيش يفي بوعده وقسمه (هذه الأرض لنا .. لن نخن).