الإنشقاقات السياسية .. الأحزاب السودانية تتآكل من الداخل

الإنشقاقات السياسية .. الأحزاب السودانية تتآكل من الداخل

أمدرمان: الهضيبي يس

تسببت الحرب في السودان في ضرب نخاع التنظيمات والكيانات والأحزاب السياسية، مما أدى لحدوث انشقاقات وتصدعات داخل هذه الأجسام. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تمر هذه الحالة على القوى السياسية السودانية، فمن أبرز المشاهد التي مرت على السودان خلال السنوات الأخيرة هو الإنقسامات التي جاءت نتيجة لتباين المواقف السياسية. وأبرز النماذج هي ماجرى من انقسام داخل حزبي الأمة القومى، والاتحادي الديمقراطي.

 

فقد إنقسم حزب الأمة القومي ما بين مجموعة الأمين العام الواثق البرير وصديق الصادق ومريم الصادق والتي آثرت البقاء داخل تحالف تقدم المسماه صمود وهي القوى التي إنقسمت هي الأخرى عن الجناح الذي والى مليشيا الدعم الدعم السريع وأيد ما تسمى بحكومة تأسيس. بينما يقف على الضفة الأخرى المساندة للقوات المسلحة نواب رئيس الحزب محمد عبدالله الدومة، والفريق صديق اسماعيل، وعبد الرحمن الصادق، ورباح الصادق.
وبذات النهج والكيفية قرر زعيم الطائفة الختمية ورئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي (الأصل) محمد عثمان الميرغني التخلص من مخالفي توجهات وسياسات الحزب بإقرار فصل كل من نائب رئيس الحزب للشؤون التنظيمية الحسن الميرغني، برفقة الناطق الرسمي بإسم الحزب إبراهيم الميرغني، وصاروا خارج أروقة التنظيم السياسي.
كذلك لم ينج تحالف المعارضة الأشهر ما بعد إندلاع الحرب في السودان هو الآخر من الإصابة بفيروس الانقسام حيث يعتبر تحالف تقدم بقيادة عبد الله حمدوك والذي تكون آثر تقديم رؤية سياسية لحل أزمة الحرب بين الجيش، ومليشيا الدعم السريع والعودة لمسار التحول الديمقراطي في السودان حسب ما تذكر وثائقه الاعلامية، لتتجه بعدها مجموعة من التنظيمات السياسية نتيجة لخلافات حول إدارة شأن التحالف لتكوين ما يعرف بمجموعة ميثاق التأسيس وهو جماعة سياسية تقف جنبا إلى جنب مع مليشيا الدعم السريع لتحقيق عده أهداف.
كافة هذه الإنقسامات كان لها تأثير بالغ حسب مراقبين على مستقبل تلك التنظيمات السياسية التي من المتوقع أن يلعب بعضها دورا مهما في بلورة رؤى وأفكار تحد من تمدد رقعة الحرب في السودان، ولكن تباين الرؤى وتأثر قاعدة التنظيمات السياسية بوقائع المشاريع الخارجية تسبب في اتساع الانقسامات وصولا لمرحلة تبادل الاتهامات بالخيانة والتنكيل والإقصاء.
ويقول الكاتب الصحفي علي منصور أن ما تعيش فيه التنظيمات السياسية في السودان هي بمثابة أمراض متوارثة منها ما يحمل الشق الاجتماعي باعتبار أحقية التوريث للتنظيم كما يحدث الآن مع أحزاب الأمة القومي، والاتحادي الديمقراطي الأصل. وشق سياسي وهو موعود على مر الأزمان بحالة الشد والجذب، نتيجة لعدم التوافق حول مقتضيات الحد الأدنى لمشروع سياسي يحمل أهدافا مشتركة، وهو ماحدث مؤخرا مع تحالف المعارضة تقدم ومن قبلها الخلاف مع حركات الكفاح المسلح وقوى الحرية والتغيير والذي أفرز بعدها تحالف الكتلة الديمقراطية والحديث في هذه النقطة يطول.
إذن فإنه وبحكم التجارب فإن عدم وجود رؤية سياسية، ومحددات للتنظيمات الحزبية والتحالف بعيدا عن الإسقاطات الشخصية كان سببا ومازال في تفاقم أزمة تلك الكيانات السياسية مما إنعكس على الدولة ككل وهو ما يكاد يكون أحد أسباب إندلاع حرب 15 من شهر أبريل لعام 2023.
ويضيف منصور ولحل تلك الأزمة لابد من إعادة هيكلة بعض التنظيمات السياسية وقيام الممارسة الديمقراطية بداخلها بالإستعداد لضخ دماء وشخصيات جديدة وفقا لمتطلبات المرحلة أجتماعيا، وسياسيا، وثقافيا. أيضا صياغة المواثيق والدساتير ووضع الآليات التي تؤهلها للمشاركة في إدارة شؤون الدولة بعيدا عن أي مؤثرات لمشاريع خارجية تحمل المطامع تحت غطاء التعاون والتحالف للتمكين داخليا.