د. حسن محمد صالح يكتب: نغني بلسان ونكره بلسان

موقف

د. حسن محمد صالح

نغني بلسان ونكره بلسان

نحن ونحن الشرف البازخ دابي الكر شباب النيل.
وطنا الباسمك كتبنا ورطنا
أحبك مكانك صميم الفؤاد وناسك عزاز.
وطن البي فيه نساوا ننعم نقرا نداوا.
وطن شامخ وطن عاتي وطن خير ديمقراطي.
عازة في هواك عازة نحن الجبال للبخون صفاك عازة نحن النبال.
سوداني الجوا وجداني بريده
عرب نحن حملناها ونوبة عزم ترهاقا وايمان العروبة
مما قمنا من تبينا لا تخاصمنا لا تعادينا.
وطن حدادي مدادي ما بنبيه فرادي ولا بالضجة في الرادي ولا الخطب الحماسية.
بلادي بلادي فداك دمي وهبت حياتي لك فدا فأسلمي (من أناشيد المدارس).
إلى العلا إلى العلا وأبعثوا مجدنا الآفل وأطلبوا لعلاه المزيد.
نحن في الشدة بأس يتجلى وعلى الود نضم الشمل أهلا
ليس في شرعتنا عبد ومولا.
أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باقي.
إلتقى جيل البطولات بجيل التضحيات.
إلتقى كل شهيد قهر الظلم ومات بشهيد لم يزل يبذر في الأرض بذور التضحيات
أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا
يا الذي أصبح شمسا في يدينا.
هذه الأغنيات والملاحم السودانية تضعنا نحن أبناء السودان في حلنا وترحالنا ومقرنا ومهجرنا في المرتبة الأولى من حيث الغناء للوطن وتمجيده. نحن الذين ناجينا في سبيل الوطن الطير والريح والنسيم العليل والشمس والقمر والنيل والسحاب. بالله يا طير قبل ما تشرب تمر علي بيت صغير من بابه من شباكو بلمع ألف نور تلقى الحبيبة بتشتغل منديل حرير لحبيب بعيد.
تقيف لديها وتبوس إديها وأنقل إليها وافايا ليها
وحبي الأكيد.
والنيل بقاوم من زمن كل الظروف شد الضراع النيل بقاوم من زمن كل الظروف
شد الضراع زي المراكبي مع الشراع
لازم تعرف الظلم جاي من وين عليك وأفتح عينيك.
والحق هو النضال والحق في ساحة مجزرة والنصر للفاس والرجال ولي سواقي مدورة.
واشتقت ليك شوق السحابة الراحلة في جوف الشتا حزنانة تحلم بالخريف.
بقيت ضعيف
ومديت معابر شوقي ليك وحنين حنيني الطاغي ليك.
والشوق والحنين يدفعنا لوهادنا وجبالنا واللواري الهايمة والقطار المار وفيه مر حبيبي والراكوبة والحليلة والمراح. لو شفت مرة جبل مرة أعاودك حنين طول السنين. تتمنى ترجع للجبل لنيرتتي ومرتجلو وزالنجي. وفيك يا مروي شفت كل جديد فيك شفت عيون لعبوا بيا شديد. ونسايم عطبرة الحلوة تهدينا وترسينا.
نقابل فيها ناس طيبين فراقكم كان ببكينا.
عروس البحر يا حورية يا بورتسودان يا حنية من قلبي واهب ليك حبي وألف تحية.
وحنتوب الجميلة ومدني السني وكسلا يا أرض المحنة وجبل التاكا. وأرض القاش. القاش رحل ما مشكلة المشكلة شوفتك بقت هي المشكلة.
والفاشر أبو زكريا وجنينة السلطان ونيالا الجمال والأبيض عروس الرمال. ونحن نغني للرواكيب الصغيرة البكرة تصبح أكبر من مدن. ونغني لرمال حلتنا زولا كان بآنسك يا حليلو يا حليلو. ونغني للأم أمي يا دار السلام الله يسلمك. ولا نحتمل فراق الأحبة الركبوا اللواري وقبلوا راجعين لأمهاتهم ونحن مع بهدلة المدينة وعسفها قبل أن تتحول المدن عندنا إلى قرية كبيرة وتحذف عن نفسها بهرجة الحضارة. كل هذا التداعي السوداني والحداء والغناء أين هو من حياتنا؟. هل نحن فعلا نحب وطننا كما نغني له ونتمثله في الأم والأب والولد (وهي أغلي ما لدى الانسان): يا أغلي من أمي بسقيك من دمي؟ هل نحن نغني بلسان ونكره بلسان عندما نقول ألعن أبوك بلد. وبلد لو ربطوا فيها الحمار اقطع الحبل. وديل كرهونا السودان. هذه العبارات وغيرها موجودة في منطقة اللاوعي عندنا وهي تنافي ثقافتنا فالرسول صلى عليه وسلم لم ينزعج ويرد السؤال لورقة ابن نوفل عندما قال له ليتني كنت فيها جذعا لأنصرنك عندما يخرجك قومك. فرد عليه البشير النذير أومخرجي هم؟. يعني من مكة، وقال قولته المشهورة عندما خرج مهاجرا إلى المدينة المنورة وهو ينظر إلى بلدته الحبيبة (مكة) والله إنك لأحب البلاد إلي لولا أن أهلك أخرجوني منك. وطبعا يجوز للإنسان أن يفر بدينه حتى لا يكون من من يستحقون العذاب لهذا السبب يقول تعالي إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جنهم وساءت مصيرا. (الآية ٩٧ سورة النساء). وبالعودة لحب السودان فإن القلب الذي يحب لا يعرف الكره. ألم نقل في أغنياتنا: ما أصلو البزورو الريد حب الناس بزور قلبه؟ اننا يجب نحب ولا نحب إلا في الله والوطن. وللأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق. لا تلمني في هواها بلادي ليس يرضيني سواها نحبها ولا نرضى لها الضعف والإستكانة ولا لإنسانها اضطهاد من آمنوا. ونختم بما قاله الشريف زين العابدين الهندي:
بت الحر وأم الحر وأخت الحر
وست الضنبه مردوم بي وراه أجر
ست الفي الخشش من العصير بنتر
وست الخيل وست الفي القلوب بنقر
وأم الحلفوا بيك وبي العذاب المر
ما بختولك الشينة ومناحة كر
أولادك .. اولادك فضلة الموت وبتلجوبو ودايما سيرتو في لسانهم وبتسلوبوا
وزرعك من زمان المهدي طارح دوبو
واحدين بحصدو وواحدين بفكوا دروبوا. آن لنا أن نغني بلسان ونحب بذات اللسان.