عصام جعفر يكتب: كيزان الجيش

مسمار جحا

عصام جعفر

كيزان الجيش

الجيش السوداني مؤسسة عريقة ذات تاريخ ممتد تجاوز المائة عام، وهو أكبر من الدولة السودانية الحديثة حيث سبقها في التكوين منذ أن كان قوة دفاع السودان. وهو الذي حقق استقلال السودان، وليس الأحزاب السياسية، إذ شارك في الحرب العالمية، وبموجب الميثاق أُعطيت الدول المشاركة جيوشها في الحرب استقلالها.
الجيش السوداني تحكمه أنظمة صارمة وتقاليد عريقة، وتقوم بنيته على عقيدة قوية، وتتم فيه الحركة بتراتبية ثابتة.
الجيش السوداني ليس شركة ولا جمعية تعاونية ولا حزبًا سياسيًا يتصارع الناس فيه حول المناصب ويمارسون فيه الإقصاء ببعضهم البعض بحيل ومؤامرات سياسية تخلو من عنصر الأخلاق والنزاهة والالتزام بقيم الواجب والحق ومصلحة الوطن، الذي ما قام الجيش إلا لحمايته وصيانته والدفاع عنه.
الإحالات والترقيات التي تمت في الجيش مؤخرًا هي حركة عادية تتم في الجيش مرارًا وتكرارًا، وليست المرة الأولى ولا الأخيرة. فقد سبق أن أُحيل عدد كبير من الضباط إلى المعاش، ورُقّي آخرون مكانهم. وهذه سنة الحياة في الجيش، وهكذا تمضي التراتبية العسكرية بين إحلال وإبدال: ضباط عظام يُحالون إلى المعاش، وضباط جدد يصعدون إلى الرتب العليا. وقد كان القائد العام البرهان في يوم من الأيام ضابطًا صغيرًا، ولولا أن الحركة في الجيش مستمرة لما وصل إلى مقعد القائد العام.
الحركة الأخيرة في الجيش، وما صاحبها من إحالات وترقيات، حاول العملاء والخونة وقوى المعارضة الفاشلة تصويرها على أنها مؤامرة وفعل سياسي لإقصاء “الكيزان” من الجيش، الذين تحكموا في مفاصله. وقالوا إن البرهان بذلك ينفذ مقررات لقاء سويسرا مع مسعد بولس المستشار الأمريكي، الذي طالب بإبعاد الإسلاميين من الجيش.
صحيح أن البرهان لديه هاجس المجتمع الدولي ورغبة في إرضائه، لكن ليس على حساب مقدرات البلد وسيادتها. أما الكيزان فهم تنظيم قوي ومنتشر، ووجودهم ثابت في كل مكان، ولن يقضي على التنظيم إحالة ضباط منهم إلى المعاش كما يحلم أهل اليسار والعلمانيون.