الشرطة وتأسيس الدبلوماسية السودانية

بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ
تتداعى أشجان متتالية داخل حركة التوثيق للشرطة السودانية وهو ما كان عددا من فصول تفرعت منها عناوين بارزة في مسيرتها الممتدة. ومن ضمن هذه الفصول فصل خاص عنوانه الشرطة السودانية وتأسيس الدبلوماسية السودانية. بتاريخ 16 ابريل 1956 أعلن وزير الخارجية الأول مبارك زروق فتح باب التقديم لوظائف الدبلوماسية السودانية بشروط محددة أهمها أن يكون المتقدم خريجا من كلية غردون التذكارية قبل تاريخ يناير 1956م، مع اجادة اللغة الإنجليزية وكتابة التقارير.
قبل ذلك وفي أكتوبر 1955 تم تعيين خمسة دبلوماسيين تحت مسمى وكلاء وقناصل الحكومة وهم ملاحظ البوليس عمر عديل كوكيلا للحكومة بشأن عملية تسليم وتسلم الإدارات البريطانية وتحديدا بكل من مكاتب السكرتير الإداري وزارة الداخلية ومكتب السكرتير المالي وزارة المالية ومكتب السكرتير القضائي وزارة العدل. أنجز ملاحظ البوليس عمر عديل المهمة بنجاح تام وفي وقت وجيز مما جعله حين البدء في تأسيس وزارة الخارجية موجودا بحكم عمله وقبل تأسيس الوزارة وتم اختياره مباشرة لشغل منصب معاون إداري للوزير مبارك زروق. كانت أول مهمة رسمية لضابط البوليس عمر عديل هي تسليم علمي دولتي الحكم الثنائي مصر وبريطانيا لمندوبي الدولتين وتم ذلك بتاريخ يوم 29 ديسمبر 1955م.
عمل عمر عديل بعد ذلك في منصب مساعد وزير الخارجية وسفيرا متجولا وبتاريخ 18 ديسمبر 1959م تم اختياره مندوبا للسودان بالأمم المتحدة وهو ثاني مندوب للسودان بالأمم المتحدة.
من ضمن مفاخر البوليس الشرطة السودانية أنه كان مشرفا على استفتاء هاييتي لتقرير مصيرها السياسي وذلك في العام 1961م.
يذكر أن عمر عديل هو أول سوداني ينال درجة البكالوريوس في القانون بالمراسلة وذلك في العام 1955م. يتكاثر الحديث حول هذا العملاق الذي جعل للدبلوماسية السودانية ذيوعا صيتا وانتشارا وسمعة ممتازة بفضل حنكته ولغته الإنجليزية ذات المستوى الرفيع.
ومن ضمن ما قدمه هذا العملاق للسودان إصراره على استلام ملفات غاية الأهمية وذات خطورة بالغة على أمن وسلامة الدولة، وهي ملفات محاكمات ثوار ثورة 1924 والشخصيات التي قامت بها ومولتها وبل دفعت حياتها لنجاحها. وكذلك الشخصيات والأسر التي تعاونت مع المستعمر البريطاني ونالت امتيازات في شكل أراضي وعقارات وتوكيلات تجارية ما زال أبناءهم وأحفادهم ينعمون ويتمتعون بها. وللأسف المتعاظم فقد قامت وفي العام 1959م أسر معلومة بالسطو على مكتب عمر عديل وسرقة ملفات غاية الأهمية.