حورية حاكم .. مخرجة سينمائية سودانية متفردة

حورية حاكم .. مخرجة سينمائية سودانية متفردة
بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ
لقد كانت المرأة بعيدة عن أفلاك المشتغلين بالفن السابع منذ تأسيس أول وحدة إنتاج سينمائي بالسودان في العام 1949، والتي كانت تتبع لمكتب إتصالات الحاكم العام، وخلال الفترة الأولى للدولة الوطنية كان أغلب الإنتاج السينمائي منحصراً في متابعة النشاط الحكومي والقليل من أنشطة السينما المتجولة في السودان، وكان على السينما في السودان أن تنتظر حتى النصف الثاني من الستينيات والنصف الأول من السبعينيات حيث تمت إعادة إنعاش التجربة السينمائية السودانية على يد جيل كامل من الخريجين الذين درسوا فنون السينما خارج البلاد وعادوا ليساهموا في تأسيس وإطلاق طاقات الفن السابع بالبلاد، جيل الرواد الخريجين سليمان محمد إبراهيم ومنار الحلو وإبراهيم شداد، ومن بينهم كانت المخرجة السينمائية الرائدة حورية حاكم.
الميلاد والتعليم
أبصرت حورية حسن محمد أحمد حاكم النور في مدينة القاهرة في العام 1950، حيث كان والدها حسن حاكم يعمل في سلاح الهجانة، وهو سليل أسرة حاكم المعروفة بمصر، تلقت حورية دراستها الإبتدائية والثانوية بالقاهرة، وتخرجت في المعهد العالي للسينما في العام 1972ـ. وكان ترتيبها الثانية على دفعتها، وتخرجت بفيلم رقصة العروس الذي يتناول طقوس الزواج، وبدأت حياتها الفنية في النصف الأول من السبعينيات حيث أخرجت فيلم (الزار) عن ظاهرة العلاج النفسي عن طريق شيخات وشيوخ الزار. وعملت لفترة بتلفزيون السودان، وخلال تلك الفترة مثلت السودان في مهرجان موسكو السينمائي في العام 1973م.
مسيرة عملية
وإشتغلت حورية بإدارة الإنتاج السينمائي والإذاعة السودانية والتلفزيون كما عملت بمؤسسة الدولة للسينما عقب تأسيسها في بداية السبعينيات، على يد الأديب الراحل علي المك والراحلة سعاد إبراهيم أحمد؛ كما عملت مع كبار المخرجين السينمائيين المصريين، في عقاب تخرجها من المعهد العالي للسينما، وجمعتها علاقة صداقة مع الفنانين الراحلين كمال الشناوي ونور الشريف وصفاء أبو السعود، التي تعتبر رفيقة درب الراحلة في المعهد العالي للسينما.
الكتابة بالصحف
وخلال سنوات السبعينيات كانت حورية شعلة من النشاط والتألق، حيث درجت على الكتابة بالصحف التي كان يصدرها الإتحاد الإشتراكي عقب تأميم الصحف في 1970، عن السينما العالمية وأهم الأفلام المنتجة حديثاً وعن مدارس السينما بأوروبا وإتجاهاتها المختلفة، رفقة كتابات سعدية عبد الرحيم وحسن محمد موسى وآخرين، في الأيام والصحافة.
الفترة الذهبية
وعاصرت حورية الفترة الذهبية للسينما في السودان، حيث كانت تنتشر المئات من دور السينما في مدن وحواضر السودان المختلفة، وبرامج عن السينما في التلفزيون والسينما المتجولة التابعة لوزارة الإعلام ومؤسسة الدولة للسينما التي كانت تشرف على إستيراد وتوزيع الأفلام السينمائية على دور السينما المختلفة.
الزواج والعمل بالكويت
في العام 1982، تزوجت حورية حاكم من الإعلامي والمخرج المسرحي بدر الدين حسن علي، ثم هاجرت بعدها إلى الكويت وإشتغلت بشركة الإنتاج السينمائي الكويتية، وأخرجت هناك مجموعة من الأفلام الوثائقية، ومن أشهر أعمالها التي أخرجتها بالكويت (أوبريت السودان) مع الفنان الكويتي غريد الشاطيء. وعقب الغزو العراقي للكويت في العام 1990م، غادرت حورية وزوجها بدر الدين الكويت، إلى القاهرة حيث عملت براديو وتلفزيون العرب (ART)، مديرةً للبرامج بقناة الأفلام، وقبيل رحيلها في العام 1997 بالقاهرة، كانت حورية تفكر ولسنوات طويلة في إنتاج برامج عن السينمائيين السودانيين الذين أسهموا في تاريخ وصناعة السينما المصرية من قبيل إبراهيم خان وسعيد حامد.
علاقات واسعة
وكانت حورية خلال سنوات إقامتها بالقاهرة، قد خلقت علاقات وصلات إنسانية بالغة الفرادة مع ناشطي الدراما مثل يحي فضل الله والرشيد احمد عيسي. تمكنت منها الفنون فكانت منتشرة في مجالات عديدة منها المساهمة في النشاط المسرحي والسينمائي بالقاهرة للجماعات السودانية. وكانت تولي اهتماما خاصا باليوم العالمي للمسرح باعتباره يوما يسلط الضوء على أهم الفنون الدرامية.
مساهمات كبيرة
ويقول المخرج السينمائي الطيب مهدي بأن حورية حاكم هي أول مخرجة سينمائية سودانية دارسة للفن السابع، وقال بأنها دفعة المخرج المخضرم أنور هاشم في المعهد العالي للسينما الذي تخرجوا منه في العام 1972، وقال بأنها قدمت مساهمات كبيرة ومتفردة إبان عملها بإدارة الإنتاج السينمائي بالسودان، مشيراً إلى أنها تنحدر من أسرة فنية (آل محمد حاكم) وبها العديد من النجوم الفنانين كحسن حاكم ومحمد حاكم وشقيقها محمد حاكم وحورية، وقال بأنها طرحت معالجات فنية متقدمة منذ فيلم تخرجها الأول (عروسة). وشكلت الرائدة الفنية حورية حاكم دفعة معنوية للكثير من الفتيات لولوج الفن الدرامي والسينمائي مما جعلها إحدى ملهمات الفنون الأدبية في السودان.
وفاتها
رحلت السينمائية السودانية حورية حاكم عن عمر لم تجاوز الخمس وأربعون عاماً، وتركت إبنتها الوحيدة مهيرة التي تعمل حالياً مخرجة تلفزيونية بكندا.