
عصام جعفر يكتب: ليلة خسوف القمر
مسمار جحا
عصام جعفر
ليلة خسوف القمر
بالأمس كان خسوف القمر.
بعيداً عن التفسير العلمي والديني لظاهرة الخسوف، اتخذ بعض الناس منهجاً آخر للتفسير، حيث قالوا: إن القمر استحيا وغاب وانخسف خجلاً مما يقترفه البشر من ذنوب وآثام وجرائم يندى لها جبين القمر.
أحد الشعراء القدامى من كسّاري الثلج مدح الأمير الذي حدثت في عهده ظاهرة خسوف كبيرة ومرعبة، فعلّلها الشاعر المنافق بقوله:
أرى بدر السماء يلوح حيناً ثم يلتحف السحاب …
كأنما حين أبصر وجهك استحيا وغاب …
وكثيرون وجدوا في ظاهرة الخسوف تفسيراً غير ما جاء به العلم أو الدين، مثل شاعر الحقيبة الذي عزا الأمر إلى تفسير غريب حيث قال:
= البدر لو شافك يذوب من الأنوار الجيدة ..
أما الشمس لو شافتك ترجع أسيرة مقيّدة ..
القمر معشوق ومحبوب العشاق والرومانسيين، وعندما يأبى الطلوع ويسفر بوجهه الجميل ينتاب الناس الهلع والفزع ويعجزون عن تفسير الظاهرة. لكن السنة والهدي النبوي يقول لهم: أفزعوا إلى الصلاة حتى ينقشع الخسوف. غير أن بعضهم عندنا في القرى والأرياف يفزعون إلى الصفائح والحلل والأواني الفارغة يقرعونها حتى نهاية الخسوف.
الشعراء والكتاب يشبهون ملهماتهم وحبيباتهم بالقمر ليلة تمامه، لذلك فإن خسوف القمر يصيبهم بالخوف والخذلان وخيبة الأمل.
الخسوف كان ظاهرة نادرة يُؤرَّخ بها لبعض الأحداث الجليلة والعظيمة، مثل الشاعر أبو تمام في قصيدته فتح عمورية التي سخر فيها من الذين تشاءموا بالنجم ذي الذنب وكرهوا الخروج في ذلك التوقيت.
ما كتب عن القمر ونوره وبهائه لا يمكن الإحاطة به في مجلدات .. ويكفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم شُبّه بالقمر وصاحب الجبين الأزهر.
الدكتور أنور محمد عثمان المفكر المعروف رسم المشهد التالي لخسوف القمر بعيداً عن تخصصه العلمي:
= الرجل طلع البلكونة ليشاهد ظاهرة الخسوف ..
= شافته جارته فسألته: (خير يا جاري في إيه؟) قال لها: طالع أشوف القمر … زوجته كانت وراه وسمعته ..
باقي التفاصيل أفتكر واضحة ..
الأطباء قالوا: (حالته مستقرة)، وسنوافيكم بمواعيد الزيارة إذا خرج من العناية المركزة.