عصام جعفر يكتب: سد النهضة .. نذر حرب قادمة

مسمار جحا

عصام جعفر

سد النهضة .. نذر حرب قادمة

بكى آبي أحمد، الرئيس الإثيوبي، فرحاً في حفل تدشين وبداية تشغيل سد النهضة العملاق، الذي يُعتبر من أكبر السدود الأفريقية، إذ يحتجز خلفه ٧٤ مليار متر مكعب من المياه.
وحقّ لآبي أحمد أن يبكي فرحاً، فقد نجح في تجاوز كافة العقبات التي وقفت أمام بناء سد النهضة، وتحفظات دولتي المصب مصر والسودان، التي مارس تجاهها آبي أحمد سياسة التسويف والمماطلة طوال ١٤ عاماً هي فترة بناء السد، ولم يخضع خلالها لمطالب الدولتين بضرورة اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث يضمن حصص كل دولة من المياه. لكن إثيوبيا ماطلت وسوّفت حتى أصبح السد واقعاً ماثلاً.
آبي أحمد أرسل رسائل تطمينية في حفل التدشين مؤكداً أن السد مشروع تنموي أفريقي ولن يضر أياً من دولتي المصب مصر والسودان، ولكن ذلك لم يبدّد المخاوف، حيث جاء رد فعل مصر قوياً، فأرسلت رسالة إلى مجلس الأمن الدولي مؤكدة أنها ستدافع بقوة عن مصالحها الوجودية، وطالبت مجدداً بضرورة اتفاق قانوني ملزم يحدد طريقة تشغيل السد وتوزيع الحصص المائية لكل دولة، علماً أن مصر حصتها من مياه النيل الآن ٥٥ مليار متر مكعب، وهي لا تكفي حاجتها للزراعة، مما اضطرها لإنشاء مشروعات لتحلية مياه البحر الأحمر واستعمال المياه الجوفية ومعالجة مياه الصرف الصحي، ورغم ذلك سيؤثر سد النهضة على حصتها من المياه الواردة.
أما ردة فعل السودان حيال تشغيل السد فجاءت بلهجة هادئة، مجدداً الطلب القديم بضرورة إيجاد اتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة يحدد الحصص المائية، وتأمين السد من حيث البنية والتأسيس وعدم تعرضه للانهيار.
مصر تشعر أنها المتضرر الأول من قيام السد لأن مواردها المائية شحيحة، بينما السودان لديه ما يكفيه من الروافد النهرية ومنسوب جيد من الأمطار. وينتاب مصر القلق والشك بأن مشروع سد النهضة ليس هدفه التنمية فقط، وأن هناك أهدافاً سياسية غير ظاهرة، خاصة مع مشاركة إسرائيل في الموضوع، وإعلان ترامب الرئيس الأمريكي مؤخراً أن أمريكا هي من موّلت بناء السد، وعرضه الوساطة لحل أي إشكال بين مصر وإثيوبيا.
سد النهضة أصبح واقعاً، وإثيوبيا مارست سياسة أحادية الجانب ورفضت كل سبل التفاهم السلمي…
ولم تترك للدولتين سوى خيار وحيد: القبول بالأمر الواقع أو الحرب.