
د. عمر كابو يكتب: القضارف .. رحيل سراجين منيرين
ويبقى الود
د. عمر كابو
القضارف .. رحيل سراجين منيرين
** يبدو أنه عام الحزن لأهل القضارف، ما تكاد تجف دموعها الهاطلات حزنًا مقيمًا على بر من فرسانها إلا وتعقبه بفقد أشد وأعظم.
** رحل أول أمس أستاذنا العالم المعلم المربي أحد أعظم معلمي الرياضيات بالمرحلة الثانوية أستاذي الجليل الفخيم كمال اسماعيل كساب.
** هاهي بعد أقل من يوم تودع البارحة الفدائي البطل الشهيد اللواء أبوعبيدة فضل الله إبراهيم أعظم فرسان معركة الكرامة والكبرياء.
** كان يومًا محفوظًا في الذاكرة يوم دخل علينا أستاذنا الجميل كمال كساب في السنة الثانية من المرحلة الثانوية بمدرسة القضارف الجديدة.
** منذ اللحظة الأولى شعرنا أننا أمام معلم كامل الحضور والجلال والهيبة: وسامة فارعة ومحيا وضيء وعلم غزير وإلمام تام بفنون ومهارة التدريس..
**انطباع أولي فرط التميز خرجنا به من تلك الحصة ليتكأد لنا بمرور الأيام والشهور أننا أمام قيمة وقامة تربوية باهرة التفوق والتميز والذكاء.
** بكت المدرسة طلابًا ومعلمين وعاملين في ذاك اليوم الذي ودع القضارف مغتربًا معلمًا لطلاب الخليج.
** مخلدًا سيرة حسنة لمعلم حافظ على حق الانتخاب دون تغيير أو تبديل بذات السمت والخلق الرفيع والهيبة المطلوبة والوسامة المرغوبة في بساطة شكلت أبرز ملامح أناقته وجلاله وسماحته.
** يكفيه فخرًا وشرفًا أنه انتمى لأسرة حازت على المفاخر كلها أصلًا وفصلًا وموهبة ودعوة إلى الله وعلمًا وكرم وعزة ونخوة.
** ومن ذلك أنها قدمت للقضارف أفضل ثلاثة معلمين لا تكاد تخطئهم العين: أساتذتنا السلاوي وعبدالمنعم وكمال.
** وفي الرياضة قدمت للقضارف أفضل مدافع عبقري أدمى أيادي المشجعين بالتصفيق إنه الخواض يرحمه الله رحمة واسعة.
** وفي القانون والدعوة إلى الله قدمت العالم مولانا القاضي محمد عروة اسماعيل قاضٍ عارف بأصول الشرع ترك القضائية انتصارًا لدولة القانون في زمن كان مغادرة كرسي القضاء ضرب من الخيال.
** هي الأقدار تأبى إلا أن تصل ليل حزننا عليه بنهار حزننا على فراق بطل جحجاح وفارس (حوبة) قوي شديد البأس عظيم في الهيجاء طربت لاستشهاده مليشيا الجنجويد قيادة وقوات ترى في رحيله راحة بعد أن أوجعها ضربًا واقتحامًا وإقدامًا ومغامرة.
** فاستشهاد فارس في فخامة الشهيد البطل اللواء أبوعبيدة فضل الله إبراهيم رحيل مر في زمن الحاجة إلى رجولته وشجاعته وثباته وتأثيره وأثره على قواته ودفعته ومجاهديه.
** موطأ الأكناف مثل النسمة الباردة لا تكاد تسمع لخطوه جلبة ولا ضجيجًا فقد وطن نفسه على فضيلة الرفق.
** رفيق بأهله وجيرانه وأصدقائه وعزوته أهل القضارف ادخروه إلي قادم المواعيد واليًا عليهم وزعيمًا لأمتهم لكن كان قدر الله نافذ لا راد لحكمه ولا مانع لقضائه.
** فقد عاجلته مسيرة وهو يؤدي واجبه بتجرد ونكران ذات يستعد للالتحاق بركب الصفوف الأمامية ممنيًا نفسه بنيل شرف تطهير الفاشر من دنس الخوارج المتمردين.
** كل شيء يشير لسمو وعلو همته حتى نشأته أبت إلا أن تكتب له العلو من الدنيا فنشأ في كنف والد معلم مربي خرجت على يديه أجيال من التلاميذ الفضلاء البررة.
** وانتمى لحي من أحياء القضارف في أعلى تلالها علو منزلة ومقام فمنحه ذلك بعض من سجايا القوة والنفوذ والمهابة مع تواضع وخفض جناح للناس.
** فإن كانت ألسنة الخلق أقلام الحق أثر باق فينا فإن مواقع التواصل الاجتماعي ضجت بالثناء عليهما تشهد للراحلين بسلامة الطوية وصفاء النية وقوة الشخصية وجلال القدر وسلطان الإرادة.
** رحلا بعد أن نقشا اسمهما بأحرف من نور في سجل الأنقياء الأتقياء الذين لم يغتروا بمنصب أو جاه أو مال.
** آنس الله وحشتهم ورحم غربتهم وقبل حسناتهم وغفر زلاتهم.
** إنا لله وإنا إليه راجعون.