سد النهضة .. مخاوف سودانية مصرية وتطمينات إثيوبية

سد النهضة .. مخاوف سودانية مصرية وتطمينات إثيوبية

أمدرمان: الهضيبي يس

افتتحت إثيوبيا، يوم الثلاثاء، رسميًّا سد النهضة الذي يعتبر أكبر سدّ كهرومائي في أفريقيا، ويُقام على النيل الأزرق عند إقليم بني شنقول، بتكلفة بلغت 5 مليارات دولار. وبعد عمليات إنشائية استغرقت نحو 14 عاما، تم افتتاح السد وسط خلاف محموم مع السودان، ومصر اللتان غابتا عن الحضور الأفريقي، في خطوة حسبت بأنها تحفظ على مايجري من قبل الحكومة الإثيوبية التي يرى مراقبون أنها فرضت واقعا أحاديا بإنشاءها لسد النهضة على حساب مصالح جيرانها. ولكن يبقى السؤال المهم هنا ماهي خيارات دولة مثل السودان أمام ماذهبت إليه إثيوبيا بجعل سد النهضة أمرا واقعا حتميا من الصعب تجاوزه بأي حال من الأحوال؟.

 

تطمينات

 

وخلال مشاركته في تدشين المشروع اعتبر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن سد النهضة إنجاز عظيم ليس فقط لإثيوبيا، بل لكل الأفارقة. وقال أحمد إن السد يظهر أننا قادرون على تحقيق كل ما نخطط له، متوجّها إلى دول الجوار بالقول إن إثيوبيا أنجزت مشروع سد النهضة الكبير من أجل المجتمعات السوداء. وهذا لن يؤثر على الإطلاق على تنميتكم.

 

خيارات

 

ووفقا لمراقبين فإن السودان أمامه خيارات غاية في الأهمية بدءا من جمع كافة نقاط الأضرار التي يرى أنها تشكل له مخاطرا وأضرار جراء ماقامت به إثيوبيا وتنفيذ السد بسياسة الأمر الواقع والذهاب بكل ماسبق إلى محكمة العدل الدولية عقب تقديم شكوى بحق إثيوبيا، كذلك تنظيم حملة دبلوماسية لتوضيح موقف السودان من قضية السد عبر المنابر الإقليمية والدولية، أيضا اللجوء للتنسيق السوداني المصري لترتيب مجمل المواقف المشتركة والخروج برؤية موحده جديدة لمجابهة خطوة قيام السد بشكله الحالي.

وساطة

ويقول الباحث في الشؤون الأفريقية ناصر يوسف أن الحقيقة الواقعية والحتمية أن سد النهضة بات أمرا من الصعب تجاوزه ورغبة السودان الدخول في معارك دبلوماسية، أو سياسية قد يكون لها تأثير على قضاياه الداخلية، حيث بإمكانه الإستفادة من هذا الواقع وتحويله لعنصر إيجابي لسد حاجة السودان من الطاقة الكهربائية، وزيادة مستويات المساحات الزراعية الواقعة على نهر النيل الأزرق. ويضيف ناصر أن اللجوء لخيار محكمة العدل الدولية فهو أمر يحتاج لدراسة طبيعة التحالفات الإقليمية والدولية التي تقف مع السودان وتعزز وجهة نظره، حيث بإمكانه اللجوء لخيار آخر وهو لعب دور الوساطة بين مصر وإثيوبيا لإنهاء الخلاف. وأعتقد أنه قد نجح سابقا في ذلك خلال العام 201‪5 م بتوقيع اتفاق المبادى بالعاصمة الخرطوم وإزالة شوائب الخلافات حينها بين الدولتين.

مخاوف

من جانبه قال الخبير والكاتب الصحفي إبراهيم شقلاوي في مقال تم تداوله على نطاق واسع أن أحد أكثر المخاوف شيوعًا هو احتمال انهيار السد. غير أن هذه الفرضية تفتقر إلى أدلة علمية قوية، خاصة أن تصميمه خضع لمراجعات دولية ونفذته شركات متخصصة مثل ساليني الإيطالية، بمشاركة عناصر فنية من السودان ومصر خلال مراحل المتابعة. فهل من الواقعي أن يبنى الموقف السوداني على فرضية فشل محتمل دون بدائل عملية؟. وأضاف شقلاوي: المطلوب اليوم هو أن ينتقل السودان من دور المراقب الحذر إلى دور الفاعل المفاوض، من خلال بناء شبكة مصالح مشتركة مع إثيوبيا. ويمكن أن يشكّل التوسع في الربط الكهربائي مثالًا عمليًا لذلك، إذ أن السعة الحالية البالغة 100- 250 ميغاواط يمكن أن تُرفع تدريجيًا إلى 1000 ميغاواط. هذا التوسع يستدعي تبادلًا منتظمًا للمعلومات الفنية حول التشغيل، مما يعزز الثقة ويمهّد لتعاون مستدام بعيدًا عن التوترات السياسية.

فوائد

 

ويؤكد خبراء سودانيون بارزون، أن السد يمكن أن يقلل الطمي بنسبة تصل إلى 70% في سدود الروصيرص وسنار، ويحُد من الفيضانات الموسمية، ويحسّن التخزين المائي في السدود السودانية. كما أن موقع محطات التوليد الإثيوبية القريب من ولايات سنار والقضارف والنيل الأزرق التي تعاني عدم وجود تيار كهربائي مستقر يتيح للسودان استيراد كهرباء بأسعار تفضيلية تعزز التنمية الزراعية والصناعية في هذه الولايات الواعدة، وربما كافة الولايات السودانية عبر الشبكة القومية.