
د. عمر كابو يكتب: كامل إدريس .. الطريق إلى مكافحة الأوبئة
ويبقى الود
د. عمر كابو
كامل إدريس .. الطريق إلى مكافحة الأوبئة
** يخطيء من يظن أن المؤامرة على الشعب السوداني بدأت في ١٥ إبريل ٢٠٢٣ بإطلاق مليشيا الجنجويد الطلقة الأولى في الخرطوم.
** الحرب ضد الشعب السوداني بتدمير الخدمة المدنية وطرد خبراتنا الوطنية من كافة المؤسسات بواسطة لجنة التمكين تحت مزاعم تفكيك الدولة من قبضة الإنقاذ.
** مزاعم لا يسندها منطق ولا وجاهة ولا سند قانوني ولا عقل وبالتالي أفرغوا كل المؤسسات الخدمية من كوادرها المؤهلة المميزة وأستبدلوها بهوانات لا علاقة لهم بها من الأصل.
** حتى من جاءوا على رئاستها بمن له علاقة جيء به بلا خبرة ولا تجربة ولا ممارسة عملية في فن الإدارة العامة.
** في تلك الفترة الانتقامية كان الهم الأول والشغل الشاغل ليس إصلاح المؤسسات بل تدمير ممنهج منظم لها كخطوة أولى تجبر المواطنين على الهجرة في إطار مشروع افراغ الخرطوم من السكان وتهجيرهم قسريًا خارج البلاد أو على الأقل بعيدًا عنها.
** تلك الحقيقة التي لم يدركها أهل السودان إلا مؤخرًا بعد اشتعال الحرب وجرائم الجنجويد باجبار المواطنين على مغادرة منازلهم قسريًا.
** ما يهمنا في هذا الموضوع هو أنه جيء بفاسد وضيع مجرم خطير خامل ذكر اسمه أكرم وزيرًا للصحة.
** والحق يقال أنه نجح في مهمته التي أوكلت له بتدمير البنية الخدمية للمجال الصحي يوم أفرغ كل المؤسسات ذات الصلة من كوادرها المؤهلة.
** ثم ذهب بعيدًا وحول تلك المؤسسات لباحة من الفوضى الخلاقة فأضحت مرتعًا للأمراض لا للعلاج فلا نظافة ولا مكافحة للبعوض يكفي أن روائح المستشفيات كانت كافية بألا تمكن أحدا من زيارتها.
** ليختم رسالته بإغلاقها جميعًا تحت دعاوى (كورونا) يكفي أن آلاف الأرواح فارقت الحياة عند أبواب المشافي التي أوصدت في وجههم.
** بيد أن أكبر جريمة ارتكبها هذا الفاسد أنه قام بافراغ إدارة الأوبئة من كوادرها المؤهلة وخبراتها الحقيقية التي عملت في هذا المجال أكثر من أربعة عقود من الزمان.
** هذه الكوادر تميزت بأنها كانت تعمل وفق منظومة غاية الدقة وتخطيط سليم ومعرفة بأدق تفاصيل الأمراض وكيفية وضع التدابير لمكافحتها والوقاية منها والحد من انتشارها.
** سأضرب مثلًا بمرض حمى الضنك الذي انتشر انتشارًا واسعًا في معظم ولايات البلاد وراح ضحيته مجموعة خيرة من أبناء السودان وفي مقدمتهم الفنان الشاب المتميز الخلوق محمد الجزار يرحمه الله.
** هذا المرض موطنه الأصلي ولاية كسلا كل الذي كانت تفعله إدارة الأوبئة أنها قبل موسم توالده بفترة كافية كانت تقوم بحملة واسعة في كسلا رشًا للمبيدات وتجفيفًا للبرك وتوعية للمواطنين وردمًا للمستنقعات والعمل ما أمكن وفق خطة إسعافية لعدم انتقال المرض لولايات أخرى.
** يكفي أن ولاية القضارف المجاورة لولاية كسلا ما كانت في ذلك العهد وأنا منها تعرف هذه الحمى ولا أذكر أن مواطنًا منها قد أصيب بهذا المرض.
** أما وقد انتشرت هذه الحمى وأضحت مهددًا للعودة الطوعية لكثير من الأسر التي تريد الرجوع لمنازلها فإن الأمر يحتاج لوضع الترتيبات اللازمة.
** أولى الترتيبات اللازمة هو العمل على إعادة تلك الخبرات التي تم فصلها وهاجرت خارج البلاد بعد أن استوعبتها كبريات المؤسسات الدولية العاملة في مجال الأوبئة واصحاح البئة.
** مالم تتم هذه الخطوة فإنه من العسير امكانية إنقاذ مجال الأوبئة واعادة الحياة إليه بلوغًا لدرجة الكفاءة المهنية المطلوبة التي تمكن من السيطرة على هذه الحميات.
** نحن نعلم أن جهدًا كبيرًا تبذله ولاية الخرطوم في السيطرة والحد من هذه الأوبئة لكن والحق يقال أن هذا الجهد يقابل دائمًا بقلة الخبرة الكافية التي خفيت عليها كثيرا من البيانات والمعلومات والخطوات الازمة لوقف التدهور في هذا المجال.
** صدقوني إن أراد كامل إدريس العبور بالبلاد إلى طوق النجاة فليس له طريق يسلكه غير الاستعانة بأهل الخبرة من ذوي الاختصاص.
** وأهل الخبرة هم الذين صقلتهم الإنقاذ حين بعثتهم إلي الخارج ورجعوا إلي الوطن مذودين بمعارف وتجارب عملية كبيرة لا يعقل أن يدعس عليها بالنعال تصفية لحسابات سياسية أو تنفيذًا لأجندة مؤامرة أجنبية تدرك إرادة مستقلة ميزت معظم الذين عملوا في الإنقاذ في وظائف عليا يرفضون بيع تأريخهم بمال.
** من الآخر إن كان دكتور كامل إدريس جادًا في محاربة الأوبئة فليأت بآخر كادر عمل في عهد الإنقاذ وليشرف عليه بنفسه فليس هناك أهم وأعظم عملًا نعمة العافية التي أول خطواتها التدابير الوقائية ثم أخيرًا البرتوكول العلاجي المناسب.