صديق المجتبى يكتب: من قصص الجعليين

من قصص الجعليين

صديق المجتبى

يحكي لي أحد أعمامي إنهم في ليلة  جمعة من ليالي   الصيف في أواخر عقد الستينات من القرن الماضي يعني قبل نصف قرن من اليوم أنهم جلسوا  تحت ضوء القمر في وسط قريتنا وهيب القديمة أمام دكان  محمد علي ود التاي برلمان القرية وقرروا مقاطعة سوق السبت يوم غدٍ نسبة لعدم توفر سيولة في جيوبهم ولخلو المخازن من أي محصول قمح فاصوليا فول دبيكري  (كخلو صناديق الصراف الآلي في أي مصرف في مدينتنا الدامر الجميلة في هذه الأيام).

عليه قرروا عدم الذهاب لسوق السبت لأن كل واحد  محصوله مكوم في التقه ومافي هواء عشان يضري الفول أو الفاصوليا أو القمح

لذا قالوا نقاطع السوق باكر وكل واحد يمشي (يحارس) شبكة  الهواء الطاشة عشان يضري إلى أن تفرج في يوم السبت القادم بإذن الله.

يقول عمي وهنا قال لنا أخونا مصطفى أحمد التاي الهوبلي

ليه مانمشي لازم نمشي أنا عندي عشرة جنيهات بتقضينا كلنا. نمشي علي سوقنا  وأنا سوف أدينكم كلكم حتى يمرق المحصول السبت الجاي.

فعلاَ في الصباح الباكر خرجوا إلى السوق يمتطون صهوات الحمير الريفيات السريعة

مفروشة بالفِرو البيضاء وتهبهب على جنباتها المخلاية الأمدرمانية الجميلة

ووصلوا إلى سوق القنطرة وهناك عندهم دكان كانوا يجتمعون فيه بجوار مطبخي أعمامنا عبد الله السيد وحسن عثمان فاروق.

عمنا مصطفى قال في سره أول حاجة أنا أفطر أخواني ديل من العشرة جنيهات   وبعد الفطور أشتري بي الباقي لي كل واحد كيلو لحمة وملوخية وأسود وبامبي وقرع المهم أملأ ليهو خرجو ونرجع وباقي المقاضي سكر وشاي وزيت وصابون  متوفرة في الحلة في دكان أخوي محمد علي ود التاي يدينن لي مدة سنة.

وطوالي طلب كم طلب فول وكباب لي كل المجموعة وأثناء ماهم منضربين   حلقة حول الأكل وقف رجل بعيدا

وقال لي مصطفى ود التاي ياحاج مصطفى داير لي معاك كلمتين.

يازول إتفضل إتفضل.

قال لا بس داير ود التاي ده.

نفض أخونا مصطفي يديه من الأكل وقال ليهو حبابك.

فقال له والله يا مصطفى يا أخوي أنا زوجتي أسي في المستشفى متعسرة بي جنين متعارض في بطنا والدكتور قال لازم تتحول الآن لي مستشفى عطبرة ويعلم الله أنا ماعندي ولا ملين دحين جيت قاصدك وداير لي عشرة جنيه. (عشرة جنيه؟ كل ماتملك هذه المجموعة).

طوالي عمنا مصطفى مرق العشرة جنيه وأداها ليهو وزول شافوا مافي وقال في سره جماعتي ديل مابكلمن بي قصة العشرة جنيه الطارت   إلا بعد مايشبعوا عشان مايتصدموا. وفعلاً رجع يواصل في الفطور معاهن بعد شوية وقف رجل  آخر بعيد ونادى  مصطفي ود التاي

وقال ليهو ياحاج مصطفى داير لي معاك كلمتين.

هنا قال مصطفى في سره لا حول ولا قوة إلا بالله أسي الزول دا أكان قال داير ليهو ملين واحدة وأنا قلت ليهو ماعندي بصدقني كيفن؟

ثم ذهب إليه

فقال له يا مصطفى يا أخوي أعفي مني أنا سويت لي شغل بلا شورتك نحنا  عٍجلتنا الكنا متشاركين فيها أنا وإنت ولدت وأنا الليلة إحتجت لي قروش لعرس ولدي  وجبتها السوق  وبعتها بي 90 جنيه بدون ما أشاورك  وهاك دي 45 جنيه حقاتك وأعفى مني

عشان بعتها بلا أكلمك.

يقول عمي الذي يحدثني والحكمة مصطفى ذاتو أكان  ناسي العِجلة ومارقة من بالو. ووضع القروش في جيبو

ورجع كمل فطورو معانا. وزول عارف حاجة مننا مافي.

يقول: وطوالي جمع مننا المخالي وساق معاهو وليدات  ومشى علي الجزارات  إشترى لي كل واحد مننا 2 كيلو (كيلو شرموطـ وكيلو أكل) وكل واحد ملأ ليهو مخلايتو لامن دفقت وجابن لينا ونحن

كلنا مخلوعين ومتعجبين من الحاصل كيفن العشرة جنيه بتسوي السوا دي كلها. فسألناه فقام أخونا مصطفى ود التاي الهوبلي قص علينا قصة الرجلين الأول والتاني العجيبة. وقال والله حرمان علي ما ترجع لي ولا ملين واحدة من أي واحد منكم.

بالله شوف قضاء حوائج المحتاجين  واخلاص وصفاء النية بعمل شنو.

أجمل سلام لمن يزرعون الخير ويبدلون الألم بالأمل ويعيدون الابتسامة سلاما. لمن ناديناهم بالروح فردوا علينا بالقلب وهمسوا لنا بالحب سلاما وألف سلام لأرواح حملت الحياة بهم ولهم في قلوبنا مكان وكل المحبة والاحترام سهل الله لكم الخير. ورزقكم غاية السعادة والإنشراح وجعل أيامكم خير وسماح.