
الحاج الشكري يكتب: بارا حرة .. النهود والفاشر على الأبواب
نقطة وسطر جديد
الحاج الشكري
بارا حرة .. النهود والفاشر على الأبواب
يوم أمس ولد فيه الوطن من جديد، وعادت بارا لحضن أهلها ووطنها حرة أبية بعد غيبة طويلة وقاسية. أكثر من عامين خلال تلك الفترة كانت بارا تتألم بالفظائع والمآسي التي لا تسعها أمهات الكتب وتلك قصص ستكشفها الأيام. المهم عادت بارا بعد تضحيات القوات المسلحة والقوات المساندة لها من مخابرات ودرع السودان ومشتركة وبراءون وفدائيين ومستنفرين وأهلها في شوق عظيم لرؤيتها بعد التحرير. أكثر من عامين وأهلها يحنون إليها ويحلمون بها لذلك كانت لحظة إذاعة نبأ التحرير لحظة عجيبة فرح لا يوصف عم البوادي والحضر في كل أنحاء السودان لإدراك الجميع بأن تحرير بارا مفتاح لتحرير الخوي والنهود وأم كدادة ومن ثم كل دارفور. وما أظن أن هناك مدينة أو حي أو قرية لم تحتفل بهذا النصر وفرحهم لبارا يزداد كثافة لأنها تمثل قلب غرب السودان النابض لذلك كان السودانيين متألمين لجرح هذا القلب الذي غرس فيه الأوباش خنجرهم المسموم وكسروا حقدا يد بارا المنتجة ل (الليمون) المنعش لأهل السودان لذلك بالأمس الجميع وهم في غمرة الفرح يرددوا الأغنية التراثية ليمون بارا. لهذا ولغيره كانت لحظة تحريرها فرحة كبيرة خنقت العبرة الكثيرين .. هي لحظات لاتنسى ستحفر في الوجدان والقلب المجروح بل ستبقى مع سفر أيوب إلى الأبد. لن ينسى أي ود بلد أصيل تضحيات القوات المسلحة والقوات المساندة لها وهم يبعثون أطنان من البهجة في قلوب الرجال وأطنان من الزغاريد من أصوات النساء.
فرح أهل السودان لتحرير بارا لأنها مدينة اللبخ الجميلة ومنطقة استراتيجية يعني تحريرها فك شفرة التأخير والتقدم السريع لتحرير كل أرض السودان من يد الخونة والعملاء.
بفضل الله وعزيمة القوات المسلحة وتخطيط قياداتها حررت بارا من قبضة مرتزقة وعملاء. نعم حررت من أناس بلا هوية لايعرفون بكدمولهم فقط بل بقساوة قلوبهم. لايعرفون بلهجتهم فقط بل بالمراوغة والخبث والمكر وكيدهم وحقدهم على الوطن والمواطن.
هلك بعضهم وخرج بعضهم من بارا مهزومين صاغرين ولكن بعد أن نهبوا ودمروا وحاولوا اخضاعها لغواية فاحشة ومارسوا كل ذلك بعيون مشحونة بالحقد، حينها أدرك كل الوطنيين من أهل السودان شرقا وغربا ووسطا وشمالا وجنوبا أن هؤلاء لم يسقطوا في الخطيئة المهلكة فحسب، إنما هم مصرين على الولوغ فيها طوال الوقت، لذلك لم يستفيدوا من عفو القائد العام سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان حتى هلكوا اليوم على يد القوات المسلحة الباسلة. بعد تحرير بارا بهذه الطريقة الذكية والحكيمة أصبحنا على قناعة أنه لا علاج لمصيبتنا الحالية مع الجنجويد إلا الحسم العسكري مع أشرار ومتفلتون بطبيعتهم.
الذين لم يتمكنوا من الخروج من بارا بعد دخول الجنجويد إليها عاشوا ظروفا غير إنسانية قهر واعتداء وإهانة وفقر وعطالة. أما الذين خرجوا فهم خرجوا بعد أن توصلوا إلى يأس كامل من التعايش مع هؤلاء الأوباش الذين لاينفع معهم غير السحق والقتل والحسم العسكري، فلا يمكن أن تدعوا هؤلاء إلى التقيد بمكارم الأخلاق لأنهم لم يتربوا عليها فبالتالي من المستحيل أن يستجيبوا لها فهم تربوا على سلوك منحرف منذ نعومة أظافرهم ومن شب على شيئ شاب عليه، لذلك تجد ما يمارسونه من انتهاكات ليس نشاذا في نظرهم بل هي عندهم هو الوضع الطبيعي تماما. وسوء الأخلاق الذي يتميزون به لايمكن أن ينفصل عن تربيتهم.
في الختام بعد تحرير بارا كمنطقة استراتيجية فإن التمرد قد انتهى إلى مزبلة التاريخ وأن الأيام القادمة ستشهدوا انهيارا كاملا لهذه العصابة وأكرر ثقة في الله وفي قوانتا المسلحة أن هذا التمرد قد انتهى تماما وما يفصلنا من تحرير الخوي والنهود وأم كدادة وفك حصار الفاشر إلا أيام قليلة جدا بإذن الله تعالى. فعلينا بعد اليوم أن نفكر في مرحلة ما بعد الحرب، لكن لابد أن نقول كلمة للتاريخ بأنه لن يسلم وطننا العزيز في المستقبل من تكرار هذه الفتنة والتمرد المشؤوم إلا بإقامة نظام عادل وقانون صارم وحاسم وقاسي يحاسب بشدة كل من يعتدي على الوطن والمواطن وبغير ذلك ستتكرر هذه الفتنة وهذا التمرد مرات ومرات وكل ما عدا ذلك مخاطرة وتهاونا جديدا في حق الوطن والمواطن. اللهم إني قد بلغت فأشهد.