أحمد الشريف يكتب: بارا الحرة (مفتاح الخريطة)

كتابات

أحمد الشريف

بارا الحرة (مفتاح الخريطة)

بعد أن حرر الجيش السوداني والقوات المساندة له (بارا)، فمنها سيبدأ العد التنازلي لدحر التمرد بمتوالية هندسية نهايتها في أم دافوق والجنينة والمثلث.
فبارا مفتاح خريطة لدارفور وكردفان. فمن أراد كردفان عسكريًا أو اقتصاديًا، فـ(بارا) هي مقبض السيف وجفيره، وبوابة الدخول والخروج إلى دارفور.
فمن بارا تم تحرير الأبيض بجيش النجومي، ومنها أنهكت (هكس) فانهزم في شيكان.
حرص المليشيا وتمسكها بـ(بارا) جاء بوصفها قاعدة عسكرية أهم من قاعدة (الزرّيق)، ومحطة تشوين، ونقطة هامة في طريق الصادرات، ومنطقة زراعية ومصدر مائي كبير، عطفًا على كونها محطة للدعم العسكري واللوجستي تربطها بالمثلث الصحراوي ومنصة للمسيّرات.
فقد استعاضت بها عن آلياتها التي دُمِّرت وقواتها التي فرت وقُتلت.
فتدمير منصاتها في (بارا) كان خسارتها الكبرى في هذه الحرب. وما بعدها من خسارة.
فتحرير بارا هو (خريطة المفتاح) للجيش وقاعدة انطلاق لفك حصار الفاشر من (كوة) حمرة الشيخ، التي – بحسابات الميدان الحربي – بعد أن (انجغمت) المليشيا في بارا، أصبحت في خبر كان. وكذلك سودري، والمزروب، وأم كريدم، وحمرة الوز، وأم بادر. الطريق المؤدي للفاشر بعد الالتحام مع جيش النهود.
وهي مفتاح (باب) الدلنج وكادقلي، وانهيار لـ(بارليف) المليشيا الذي أقامته لمحور نيالا.
فمن بارا تتحرر الدبيبات، (بارليف)، السنوط، أب زبد، الفولة، الضعين، نيالا، زالنجي، الجنينة. فهذا ما سيكون بإذن الله الواحد الأحد.
ما يدهش بعد هزيمة المليشيا وتحرير بارا هو هذا الصمت المطبق، الرهيب، الذي لاذت به غرف المليشيا وتوارت داخل دهاليزها.
صمت مذهل وغريب، لم يحدث لها حتى أيام هزيمتها في جبل مويه وسنجة والدندر والخرطوم. فقد اختفت كل (صراصيرها) فلا صرير لها، ولا خشخشة، واندست (عناكبها) وخفافيشها المتمثلة في (حرابي) جمع حرباء منظومة (لا للحرب) الزئبقية، التي هي أخطر وأشرس من المليشيا، ولا ينافسها خطرًا إلا (المتعاونون) والطابور الخامس والخونة والمرتزقة والعملاء المأجورون والمرتجفون المنبطحون.
فبارا (المحررة) قد قلبت موازين المشهد داخليًا: سياسيًا، اجتماعيًا، وعسكريًا.
وخارجيًا، فهي (بورت) بضاعة الإمارات المضروبة الكاسدة، و(شاتت) حِلّة حكومة (تأسي) الأسفيرية المأزومة، وضربتها على مؤخرتها مذمومة ومدحورة، و(لخبطت) أوراق الإقليم، سيما الإفريقي.
وأشير هنا إلى الاتحاد الإفريقي، وما أدراك ما الاتحاد الإفريقي تحوراته وتقلباته، تلك السلحفاة المفقوءة العيون، الفاقدة لبوصلة العقل، وهو يتنكب طريق الإمارات ومن ورائها، يبحث في (مكب) النفايات عن إبرة (مترومة) اسمها (صمود حمدوك) وتأسيس (آل دقلو) فما هي إلا إبرة لا تخيط، مكانها (مكبها). فلا حديث عن حوار أو مفاوضات إلا بانتهاء دفن القاذورات المليشيا ودفن (تبيعة) قحت. فقد سبق السيف العزل والصرف أضاع اللبن.
فبارا (المحررة) قد أمخرت (بارجتها) ومرساها.
الجنينة، الطينة، فوربرنقا، أم دافوق …
كما كنت. وللخلف دُر.