بيان الرباعية .. السودان يرفض الوصاية

بيان الرباعية .. السودان يرفض الوصاية

أمدرمان: الهضيبي يس

بدعوة من الولايات المتحدة الأمريكية، عقد وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مشاورات موسعة بشأن النزاع في السودان، مؤكدين أن هذا النزاع قد تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويشكل مخاطر جسيمة على السلم والأمن الإقليميين. وقد إلتزم الوزراء بمجموعة من المبادئ المشتركة فيما يتعلق بإنهاء النزاع في السودان. منها إن سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه ضرورية لتحقيق السلام والاستقرار. وأنه لا يوجد حل عسكري قابل للاستمرار لهذا النزاع، والوضع الراهن يسبب معاناة غير مقبولة ويهدد السلم والأمن. ويجب على الجميع تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ودون عوائق في جميع أنحاء السودان ومن خلال كافة المسارات اللازمة، وحماية المدنيين وفقًا للقانون الدولي الإنساني والتزاماتهم بموجب إعلان جدة، والامتناع عن الهجمات الجوية والبرية العشوائية على البنية التحتية المدنية. واكدت الرباعية أن مستقبل الحكم في السودان يقرره الشعب السوداني من خلال عملية انتقالية شاملة وشفافة. وقد دعا الوزراء إلى هدنة إنسانية أولية لمدة ثلاثة أشهر لتمكين دخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى جميع أنحاء السودان، على أن تقود مباشرة إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال تسعة أشهر لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة ذات شرعية ومساءلة واسعة، وهو أمر حيوي لاستقرار السودان على المدى الطويل والحفاظ على مؤسسات الدولة.

 

وقال الوزراء أنه لا يمكن أن يُملى مستقبل السودان من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة. واتفق الوزراء على متابعة تنفيذ هذه الجداول الزمنية عن كثب، وأكدوا استعدادهم لبذل مساعيهم الحميدة والقيام بجميع الجهود اللازمة لضمان التنفيذ الكامل من قبل الأطراف، بما في ذلك إعادة الاجتماع لمناقشة الخطوات التالية. وقال الوزراء أن الدعم العسكري الخارجي يؤدي إلى تأجيج النزاع وإطالة أمده ويسهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي، وعليه فإن إنهاء هذا الدعم الخارجي يعد أمرًا أساسيًا لإنهاء النزاع. أيضًا بذل كل الجهود لدعم تسوية تفاوضية للنزاع بمشاركة فاعلة من القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، والضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، بما يعزز الظروف التي تكفل أمن منطقة البحر الأحمر الأوسع، ومواجهة التهديدات الأمنية العابرة للحدود من قبل المنظمات الإرهابية والمتطرفة والظروف التي تسمح لها بالانتشار.
وأكد الوزراء التزامهم بإحلال السلام وإنهاء معاناة الشعب السوداني، واستعدادهم للتعاون مع الدول والمؤسسات الإفريقية والعربية، والأمم المتحدة، والشركاء الدوليين لتحقيق هذه الغايات.
كما ناقش الوزراء المتطلبات الإنسانية العاجلة واحتياجات التعافي المبكر، وأكدوا ضرورة مواصلة حشد المجتمع الدولي لهذا الغرض والبناء على الاجتماعات الإنسانية الأخيرة. وأكد الوزراء نيتهم مواصلة المناقشات والمشاورات والاجتماعات على المستويين الوزاري وتحت الوزاري لتعزيز جهودهم المنسقة لدعم إنهاء النزاع في السودان، بما في ذلك دعم إقامة وتنفيذ عملية انتقالية شاملة وشفافة.
وفي هذا الصدد، أعرب الوزراء عن دعمهم للجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية عبر عملية جدة من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في السودان، وكذلك لجهود مصر فيما يتعلق بمنتدى القوى المدنية والسياسية السودانية، الذي عقد جولته الأولى في القاهرة خلال يوليو 2024. واتفق الوزراء على مواصلة مشاوراتهم في هذا الشأن خلال الاجتماع الوزاري الرباعي في سبتمبر 2025.

وأعلنت حكومة السودان ترحيبها بأي جهد إقليمي أو دولي يساعدها في إنهاء الحرب ووقف هجمات مليشيا آل دقلو الإرهابية على المدن والبنية التحتية. وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي أن الحكومة لا تقبل أي تدخلات دولية أو إقليمية لا تحترم سيادة الدولة السودانية ومؤسساتها الشرعية المسنودة من الشعب السوداني وحقها في الدفاع عن شعبها وأرضها.
وقال مكتب الناطق الرسمي وإدارة الإعلام بوزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان صحفي أن الحكومة ترفض أي محاولة للمساواة بينها وبين مليشيا إرهابية عنصرية تستعين بمرتزقة أجانب من مختلف بقاع الأرض لتدمير الهوية السودانية وطمسها، وأكدت الحكومة السودانية في هذا الإطار أن إنخراطها مع أي طرف كان في الشأن السوداني يعتمد وبشكل واضح على إحترام سيادتها الوطنية وشرعية مؤسساتها القومية مبدأً وواقعاً. وأضاف البيان: إن حكومة السودان إذ تؤكد رغبتها في تحقيق السلام والأمن والإستقرار وحقن دماء الشعب السوداني والمحافظة على مقدراته، وتأسف لعجز المجتمع الدولي عن إلزام المليشيا الإرهابية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي (2736) و(1591)، ورفع الحصار على مدينة الفاشر وتخفيف معاناة مواطنيها من شيوخ ونساء وأطفال والسماح بمرور قوافل الإغاثة. وأكدت حكومة السودان أن تحقيق السلام في السودان هو مسؤولية حصرية لشعب السودان ومؤسسات الدولة القائمة وأن شعب السودان هو الوحيد الذي يحدد كيف يُحكم من خلال التوافق الوطني الذي تسعى له حكومة الأمل بقيادة رئيس الوزراء الإنتقالي الذي جاء تعيينه وفقاً للوثيقة الدستورية التي تحكم البلاد خلال الفترة الإنتقالية. وشددت حكومة السودان أن الإنخراط في القضايا الداخلية هو حق سيادي تمنحه حكومة السودان وفقاً للمصالح العليا للشعب السوداني دون وصاية من أي جهة أو تحالف.

من جانبه أكد الباحث في الشؤون السودانية عبد الرحيم الزمزمي أن ما ذهبت إليه آلية الدول الأربع ومخرجات الاجتماعات والمطالبات يكاد يكون مرفوضًا للسودانيين بحكم أنه قد تجاوز معطيات الواقع من حيث الشكل والمضمون. ويضيف الزمزمي أن تحفظ السودان حول وجود الإمارات في أي تسوية لن يقبل بها السودانيون نتيجة لعب أبوظبي دورًا سلبيًا اتجاه النزاع المسلح في السودان ومساعدة مليشيا الدعم السريع على تنفيذ عدة انتهاكات، ما يعني غياب عنصر الثقة من قبل السودان بأن تقدم الإمارات على أي دور فعال أو إيجابي لإنهاء الحرب في السودان.
وأضاف: كذلك تحديد الحلول الأحادية هو الآخر يظل محل تحفظ عند السودانيين بصفة رسمية وشعبية، سواء مهلة الثلاث أشهر بغرض توصيل المساعدات الإنسانية ومسألة إيقاف إطلاق النار، وهنا فإن السودان غائب وممثله الجيش بالإضافة إلى أن العملية السياسية في ظرف فترة زمنية مدتها التسعة أشهر، فهل ستكون شاملة أم عبر إقصاء بعض الأطراف، ومن هم المعنيون بإدارة العملية السياسية وقيام الانتخابات باعتبارها وسيلة تفضي للتداول السلمي للسلطة؟.
وعليه، فإن أي عملية سياسية من دون إشراك الطرف السوداني ممثلًا في حكومته الشرعية وتضمين اشتراطاتها قطعًا لن تجدي في توفير أي حل سياسي أو عسكري ينهي النزاع المسلح بأي حال من الأحوال.