ولاية الخرطوم .. صورة عن قرب

ولاية الخرطوم .. صورة عن قرب

أم درمان: الهضيبي يس

يتطلع السودانيون للاستقرار والعودة لديارهم التي هجروها نتيجة لانتهاكات مليشيا الدعم السريع. وتبذل السلطات المختصة جهودا كبيرة لإعادة دوران عجلة الحياة مجددًا بما يكفل للسودانيين الاستقرار بتوفير الاحتياجات الأساسية من تعليم وصحة ومياه شرب وإنسياب السلع الإستهلاكية وتنشيط الأسواق. والخرطوم ليست بمعزل عن بقية المدن والولايات التي عاثت فيها المليشيا فسادا ودمرت البنى التحتية وأهلكت الزرع والضرع. ورغم مرور قرابة الستة أشهر على طرد مليشيا الدعم السريع، ما زال إنسان العاصمة يعاني من الحميات ونقص في الاحتياجات بالمرافق الصحية.

 

وما تزال قضية انعدام خدمات الكهرباء والمياه تشكل عائقًا أمام اتخاذ أي قرار للمواطنين للعودة لمدينة الخرطوم التي كانت في يوم من الأيام تحتضن ملايين الأشخاص. ويقول مواطنون أن بعض المناطق بولاية الخرطوم صارت مليئة بالأشجار والمياه الراكدة نتيجة عدم تعرضها لأي عمليات نظافة، مما فاقم الوضع الصحي وزاد من حجم الإصابات بالأمراض. وأضاف أحد المواطنين ويدعى قصي: صحيح أن هناك مساعي وأعمال تقوم بها الحكومة على مدار الوقت، ولكن نتائجها تظل ضئيلة، مما يجعل وضع المواطنين صعبًا، خاصة مع دخول فصل الخريف وتلوث الأسواق والمحال التجارية وشح الإمكانيات والتوقف شبه التام الذي يشهده دولاب العمل بالنسبة للمؤسسات، مما يتطلب، الإسراع في وضع خطة لسياسات تزيد من حجم إيرادات الدولة وتمويل مشاريع الخدمات وإزالة أوجه القصور.
بالمقابل، أعلنت وزارة الصحة عن إطلاق حملة للحد من تفشي وباء حمى الضنك الذي بات ينتشر بشكل سريع بين مواطني ولاية الخرطوم التي تعتبر الأعلى من حيث الإصابات. بينما تقوم الحملة على رش العاصمة بالمبيدات للمكافحة والقضاء على نواقل الوباء، إذ يوصف البعوض بأنه الأكثر انتشارًا.
وعلى مستوى الوضع المعيشي يشكو سكان الخرطوم، الذين فقد معظمهم سبل العيش ومصادر الدخل بسبب الحرب، من ارتفاع أسعار السلع بمعدلات يصعب مجاراتها، في ظل استمرار انخفاض قيمة العملة المحلية وانعدام فرص العمل.
وأفاد جهاز الإحصاء بأن معدل التضخم شهد ارتفاعًا بنسب متفاوتة خلال أغسطس في 7 من أصل 18 ولاية، حيث ارتفع بنسبة 36.22% في الجزيرة، وبـ 29.90% في جنوب كردفان، وبنسبة 28.30% في شمال دارفور، كما تصاعد بنسبة 22.29% في الخرطوم، وبـ 18.92% في شرق دارفور، وبنسبة 2.26% في البحر الأحمر. وينفق سكان الخرطوم ومعظم السودانيين 52.89% من دخلهم على السلع ضمن مجموعة الأغذية والمشروبات، و14.17% على مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود، و8.34% على مجموعة النقل. وقال مراقبون أن ارتفاع معدل التضخم يزيد من معاناة المواطنين ويفاقم الأوضاع داخل الخرطوم التي لا زالت تتعافى من الدمار الذي أحدثته المليشيا في مرافقها.
ويقول الكاتب الصحفي نذير الحاج: إن ولاية الخرطوم التي تعتبر أكبر المواقع الجغرافية والاستراتيجية في الدولة قد تعرضت لهزة عنيفة على يد مليشيا الدعم السريع، وتحتاج الآن للتفكير خارج الصندوق، سواء لمجابهة التحديات التي تعتلي الولاية بصورة يومية، أو إعادة تخطيط وهيكلة المدينة نفسها، بدءًا من إزالة المساكن العشوائية – وهي منتوج للصراعات الأهلية والتمدد السكاني في وقت سابق – وانتهاءً بتغيير شبكة الصرف الصحي التي بعضها يكاد لم يتعرض للصيانة منذ خمسينيات القرن الماضي.
ويضيف نذير: العاصمة الخرطوم تحتاج لخطة إسعافية آنية للقضاء على الحميات التي باتت تفتك بالمواطنين حد الموت، مما يعيد للسودانيين احساس الطمأنينة والتفاعل بأن هناك جهة تقف من وراء ظهورهم وتشد على أيديهم وحريصة على مصالحهم ما بعد الحرب. وزاد: كذلك تقع على المواطنين عاتق المسؤولية في تبني حملة للوعي والالتزام بمجمل الموجهات الصحية للحد من نواقل الأمراض، سيما وأن حمى الضنك أصبحت تنتشر كالنار في الهشيم وسط أحياء العاصمة الخرطوم، وتسببت في جعل بعض الأسر تهجر منازلها وتتجه ناحية الولايات مجددًا بحثًا عن الأمان الصحي.