رئيس الوزراء .. خطاب قوي للسودان في الجمعية العامة للأمم المتحدة

رئيس الوزراء .. خطاب قوي للسودان في الجمعية العامة للأمم المتحدة
تقرير: مجدي العجب
ما إن أعتلى رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس منبر الأمم المتحدة مخاطبا الجمعية العامة في دورتها ال(80) إلا وعلت الدهشة في القاعة، لحسن الخطاب وفصاحته ووضع المجتمع الدولي أمام خيار واحد هو محافظة هذه المنظومة على نهج العدالة لأن ما يحدث للسودان وشاحت الأنظار عن جرائم الجنجويد وداعميها الدوليين ضاع نهج العدالة حتى داخل أروقتها. ومن ضفاف النيل الذي حمل ذاكرة الحضارات، ومن أرضٍ لم تجف بعد دموعها ولا دماؤها، يقف السودان اليوم، لا لينعى جراحه فحسب، بل ليكتب صفحة جديدة في سفر الإنسانية على متن صفحة عنوانها الأمل، وروحها الصمود، ومدادها شعبٌ أبى الانكسار رغم الخراب.
في هذه اللحظة المفصلية من تاريخه، يتحدث السودان لا بلسان السياسة وحدها، بل بصوت الأمهات اللواتي غلفن الخوف بأغنية، وبنبض المزارعين الذين بذروا الحقول على أمل الحصاد ولو طال الغياب، وبحكمة الشيوخ الذين خبروا أن الليل مهما طال، فإن الفجر آتٍ لا محالة. ها هو رئيس وزراء حكومة الأمل المدنية، الدكتور كامل الطيب إدريس، يمثل وطنًا يتوق للسلام لا الاستسلام، للعدالة لا الانتقام، للحرية لا الفوضى. يخاطب العالم لا طالبًا عطفًا، بل شراكةً في طريق الخلاص، ووعدًا بأن السودان، وإن كبا، فإن فيه من الإرادة ما يعيد له قامته بين الأمم. فليكن هذا الخطاب شاهداً لا على آلام السودان فحسب، بل على عهده الجديد. عهد النهوض.
مطالب مشروعة
وهنا وضع رئيس الوزراء أولى مطالب الدولة السودانية أمام الجمعية العامة وهي مطالب مشروعة وقدمها بأيدي المنتصر الحازم والحاسم حيث قال:
على المجتمع الدولي العمل على وقف تدفقات الأسلحة الفتاكة المتطورة للمليشيا الإرهابية وإدانتها وتجريمها وتصنيفها مجموعة إرهابية ووقف تدفقات المرتزقة. إن انتهاك القرار 1591 يهدد باستمرار الحرب، وإطالة أمدها، ومعاناة المدنيين، ويقلّل من فرص التوصل للسلام ويهدد سلامة ووحدة واستقرار السودان والمنطقة بأسرها. إن تحقيق السلام الشامل في السودان يتطلب مشاركة القوى السياسية السودانية وقطاعات الشعب السوداني في صنع القرار وتحديد مستقبله، لأنه صاحب المصلحة الحقيقة وذلك بعيداً عن التدخلات أو التأثيرات الأجنبية أو الحلول الجزئية المتسرعة أو دعم التطرف السياسي العرقي الذي يخطط لتدمير السودان. نؤكد إلتزام حكومة السودان بخارطة الطريق والتي ساهم في وضعها لفيف من القوى الوطنية والمنظمات المدنية والتي قدمناها للأمم المتحدة والوسطاء، وتتضمن وقف إطلاق النار مصحوباً بانسحاب مليشيا الدعم السريع الإرهابية من المناطق والمدن التي تحتلها ورفع الحصار عن مدينة الفاشر وما حولها تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 2736 الصادر منذ أكثر من عام. وتشمل كذلك العودة الكريمة الآمنة للنازحين واللاجئين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين والمتضررين، ومواصلة العملية السياسية الانتقالية نحو الديمقراطية. وفي هذا الصدد قد تم اتخاذ خطوات متقدمة بالفعل لتنفيذ هذه الخارطة، حيث قمت بتشكيل حكومة مدنية من التكنوقراط والتي ستنخرط في حوار وطني سوداني سوداني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية كي تؤسس للوصول لانتخابات حرة ونزيهة، وتعمل للارتباط الايجابي بالمجتمعين.
فصاحة رئيس الوزراء
ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي أبو القاسم الزبير في قراءته لخطاب رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس: الخطاب كان جيداً في مبناه وشاملاً في سرده تاريخاً ووصفاً لحاضر البلاد، وأضاف الزبير في حديث لألوان أن رئيس الوزراء أشار في خاطبه إلى إزدواجية معايير المجتمع الدولي في التعاطي مع قضايا الشعوب، وموضحاً طبيعة الحرب والعدوان الذي يتعرض له الشعب السوداني من تهديدات وجودية جراء جرائم مليشيا الدعم السريع. ووصف الزبير الخطاب بالقوي وقال: الخطاب كان قوياً بيناً في رسائله دون تلعثم أو غموضٍ. وقد طالب رئيس الوزراء الأسرة الدولية بأن تقوم بالدور المنوط بها في مواجهة تدفقات الأسلحة من دول الجوار والجوار الإقليمي. وختم الزبير حديثه لنا بأن أهم ما في الخطاب تأكيده على استعداد السودان للتعاون مع كافة مكونات المنظومة الدولية دون تفريط في سيادة واستقلالية القرار ورفض الحلول التي تتسم بالوصاية على الشعب السوداني.
خطاب شامل
ووصف المحلل الإستراتيجي والخبير العسكري العقيد (م) محمد فرح الخطاب بالضافي والشامل. وقال في حديث لألوان: قدم البروفيسور كامل إدريس رئيس وزراء حكومة السودان خطابا ضافيا شاملا، تناول كل شاردة وواردة في الأزمة السودانية الحالية وحدد فيها الاخفاقات بوضوح وجرأة، محملا فيها كل جهة أخفقت في مسؤولياتها أسباب الاخفاق مباشرة بما في ذلك الأمين العام ومجلس الأمن حيث وضح لهم مواطن القصور الكبير في قرار فك الحصار عن الفاشر وأسباب استمرارية الحرب في بلاده وعجز المنظمات الإقليمية والدولية في إغاثة المتأثرين بالحرب. وزاد فرح: كما ذهب في سرد مفصل وواضح لواجبات حكومة الأمل والخطوات العلمية المدروسة بعناية فائقة لتنفيذ مطلوبات المرحلة الإنتقالية، كما لم يتجاهل الخطاب الأزمة الدولية والإقليمية في العالم والعالم العربي وطالب المجتمع الدولي بوضع الحلول الناجعة لتقليل المخاطر التي تسببها هذه البؤر الأمنية وعلى رأسها القضية المحورية في الشرق الأوسط وهي الدولة الفلسطينية المقامة على حدود سبعة وستين. وفي ختام حديثه قال: كان الخطاب في مجمله خطاب يمتاز بالوضوح والإشارات الموجهة مباشرة إلى أسباب وموطن الخلل وسبل إنهاء هذه الحروب التي تغض مضاجع البشرية جمعاء.