عصام جعفر يكتب: المشي تحت الحائط

مسمار جحا

عصام جعفر

المشي تحت الحائط

الحرب علمتنا أشياء جديدة وأعادت لنا فهم أشياء اخرى قديمة.
حتى بعض العبارات التي كانت تقال في سياق عادي ضمن الكلام إكتشفنا في زمن الحرب أن لها معنا آخر.
أمشوا على الحيطة أو أمشوا تحت الحيطة. هكذا كان يصيح بنا الأستاذ مصطفى علي حسن وزخات رصاص الدعامة ينهمر علينا ونحن في حالة إنسحاب من الأحياء الأمامية في العيلفون إلى حي الشاطئ الأكثر أمانا. أول مرة أنتبه إلى دلالات ومعنى (أمشي بجانب الحيطة). عندما دونت عصابة المليشيا مسجد سبيل الرشاد في العليفون ونحن في صلاة العصر ولم يتوقف إطلاق الرصاص حتى حل الظلام بعد مغرب الشمس وكنا نحتمي بحوائط المسجد والأعمدة.
المشي تحت الحائط أو إستخدام الساتر في مثل هذه الظروف يعد حماية وينجيك من خطر عظيم.
لكن المشي تحت الحائط وإستخدام الساتر ليس هو الموقف الشجاع والحكيم في كل الأوقات؟!
المشي تحت الحائط في بعض الأوقات نوع من الجبن والخوف وعدم مواجهة التحديات.
مواجهة التحديات بكل شجاعة وصبر وثبات هي القرار الأصوب في بعض الأوقات خاصة في القضايا المصيرية. التي لا تقبل التخفي والدس.
الصمت في وجه الباطل والسكوت عن كلمة الحق والمشي بجانب الحائط طلبا للسلامة وخوفا من المواجهة هو موقف لا يليق بأمة مستهدفة في وجودها وهويتها وأمنها وأرضها وعرضها.
لذلك كانت المواجهة خيار االشعب السوداني الذي لم ينتظر وهب دفاعا عن مكتسباته وتلاحم مع جيشه وقدم ملاحم وبطولات ودماء وشهداء.
إن الفيصل في معركة الكرامة الدائرة الآن هو الشعب السوداني الذي رفض المشي بجانب الحيطة وإختار المواجهة وأجبر قيادته على إتخاذ هذا الطريق ورفض كل المبادرات الخائبة والدعوات المشبوهة لسلام باطل وزائف.
الشعب السوداني سيظل هو العقبة الكؤود أمام مؤامرات الأعداء وإنكسارات الجبناء ودعاوي التخذيل والإستسلام والمشي بجانب الحيط ولا نامت أعين الجبناء.