الكتلة الديمقراطية .. هل ينجح الحوار السوداني السوداني؟

الكتلة الديمقراطية .. هل ينجح الحوار السوداني السوداني؟
تقرير: مجدي العجب
كل ما اجتمعت كتلة سياسية قفز للذهن السؤال الكبير إلى أي مدى يمكن أن يتوصل المجتمعين إلى رؤية توافقية يلتف حولها الجميع؟. يحدث هذا منذ أن سقط نظام البشير في 2019م. فكلما تحركت كتلة، تحركت أخرى في اتجاه معاكس وكأن الأمور يدور حول منافسة خارج حلبة الوطن أو مصالح الشعب السوداني مع أن كل أخرى تجتمع تتحدث عن مبدأ التوافق وإن كان ذلك بعيدا عنه.
أما الأخير والذي احتوته بورتسودان أمس الأول ولازال فلربما يقود لشئ ما. ولذلك قد ينتظر منه البعض حلا والبعض الآخر يرى غير ذلك ولكن الكل ينتظر ما ستكشف عنه الأيام.
بداية
ابتدرت القوى السياسية المنضوية تحت تحالف قوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية، مشاورات سياسية تحضيرية تمهيداً لطرح رؤية الكتلة للحوار السوداني السوداني، حيث انعقدت فعاليات الجلسة الافتتاحية لورشة المشاورات بمدينة بورتسودان، بالتعاون مع منظمة بروموديشن، بحضور رؤساء التنظيمات الأعضاء في الكتلة الديمقراطية.
التدخلات الخارجية
وقال نائب رئيس الكتلة الناظر محمد الأمين ترك إن الكتلة الديمقراطية ستواصل عقد الورش والمشاورات بغرض الوصول إلى التوافق الوطني وقاعدة مشتركة من أجل تحقيق الاستقرار.
وأشار إلى أن المبادرات والتدخلات الخارجية الكثيرة تفسد فرص الوصول إلى توافق وطني، منتقداً نهج فرض الحلول والمقترحات، وقال إنه نهج لا يؤدي إلى حلول، مبيناً أن هناك مساحة للتوافق السياسي بالبلاد لكنها تهدر بسبب التدخلات السلبية. وأضاف أن على الوسطاء احترام السودان والسودانيين لتسهيل الوصول إلى السلام، منوهاً إلى أن المجتمع الدولي يمكن أن يكون مسانداً وليس فاعلاً في القضايا الوطنية وقضايا السلام، وزاد لو كانت التدخلات إيجابية لانتهت الحرب، وأن أي وساطة إذا لم تحمل الطرف المعتدي على وقف الاعتداء فإن حل الأزمة سيكون صعباً.
تحقيق الاستقرار
وقال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي رئيس اللجنة السياسية بالكتلة إن الأوضاع في البلاد تحتاج إلى مضاعفة الجهود والعمل المشترك بين كل المكونات المدنية والعسكرية للوصول إلى سودان مستقر، مشيداً بدعم بروموديشن لقضايا الاستقرار السياسي والسلام بالبلاد، مؤكداً الترحيب بكل جهد يساعد في تحقيق الاستقرار.
وأضاف أن الورشة تهدف إلى تجميع المبادرات وتوحيد القوى السياسية في رؤية واحدة تدعم الاستقرار، مبيناً أن الوضع يحتاج إلى توحيد المبادرات الدولية، مشيراً إلى أن هناك جهوداً ومبادرة للتوافق يقوم بها الاتحاد الأفريقي، جامعة الدول العربية، الأمم المتحدة، وإيقاد.
توافق أكبر
وتطرق المتحدث باسم الكتلة د. محمد زكريا إلى أجندة الورشة، وقال إنها تستمر لمدة يومين تليها مراحل أخرى للوصول إلى توافق بين أكبر قدر من القوى السياسية بالبلاد، مشيراً إلى أن أهم الموضوعات التي سيتم مناقشتها خلال الورشة هي مسائل كيفية عقد الحوار السوداني السوداني، والأطراف التي ستشارك وقضايا التمويل ومكان الانعقاد والوساطة ودورها. وقال إن الكتلة الديمقراطية من وراء هذه الأنشطة تهدف إلى الوصول إلى سودان آمن ومستقر ومعافى من الصراعات والتجاذبات السلبية، وأن الكتلة ستظل تبذل كل ما في وسعها لتحقيق الاستقرار.
ادراك متأخر
وقال الصحافي والمحلل السياسي عبد العظيم صالح إن تحركات الكتلة الديمقراطية تعكس إدراكاً متأخراً لأهمية الحوار السوداني – السوداني، لكن نجاح هذا الحوار لا يعتمد فقط على عقد الورش أو تبادل الرؤى، بل على النية الصادقة في تجاوز المصالح الحزبية والقبلية الضيقة. وزاد عبد العظيم: السودان اليوم في حاجة إلى توافق وطني حقيقي، لا إلى سباق في من يملك المبادرة أو من يضع الأجندة. وإذا استطاعت الكتلة الديمقراطية أن تطرح رؤية جامعة تمثل كل القوى دون إقصاء أو انتقائية، فقد تكون هذه الورشة خطوة في الاتجاه الصحيح نحو الاستقرار. أما إذا ظلت محصورة في إطارها التنظيمي المحدود، فستضاف إلى سلسلة اللقاءات التي لم تغيّر شيئاً في واقع الأزمة السودانية. وأضاف صالح: بلا شك، هذه الخطوة، وإن جاءت متأخرة، تمثل مؤشراً إيجابياً على أن بعض القوى بدأت تدرك أن الأزمة السودانية لن تُحل إلا عبر السودانيين أنفسهم، مهما كانت الضغوط أو الإغراءات الخارجية. غير أن نجاح هذا الحوار لا يتوقف على عقد الورش أو تبادل الخطابات، بل على توفر إرادة سياسية حقيقية تتجاوز المصالح الضيقة والانقسامات الجهوية والقبلية التي أنهكت البلاد.
واشار إلى أن التحدي الأكبر أمام الكتلة يتمثل في قدرتها على بناء الثقة مع القوى الأخرى، وخاصة تلك التي ظلت ترى في الكتلة مجرد تكتل مضاد أو امتداداً للسلطة السابقة. فالحوار لا يمكن أن يكون مثمراً إن لم يتأسس على قاعدة شاملة تضم الجميع دون إقصاء أو انتقاء.
ولفت إلى أن نجاح الحوار السوداني – السوداني سيعتمد على مدى استعداد القوى السياسية لتقديم تنازلات مؤلمة ولكن ضرورية من أجل مستقبل السودان واستقراره، وليس لتحقيق مكاسب ظرفية. فبلد أنهكته الحروب والانقسامات يحتاج إلى شجاعة في المصالحة أكثر من الحماس في تسجيل المواقف.