تصريحات جديدة لإبراهيم جابر

رصد: ألوان

في أعقاب استعادة الجيش السوداني السيطرة على العاصمة الخرطوم، شرعت الحكومة الانتقالية في تنفيذ خطة شاملة لإعادة تأهيل المدينة، بهدف تهيئة الظروف لعودة النازحين واللاجئين إلى منازلهم في الخرطوم، بحري، وأم درمان. وتولت اللجنة العليا لتهيئة البيئة العامة، برئاسة الفريق بحري مهندس إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي، مسؤولية الإشراف على هذه العملية، التي تمثل حجر الأساس في استعادة الحياة المدنية والخدمات الأساسية في العاصمة التي شهدت دمارًا واسعًا خلال الأشهر الماضية.

محوران رئيسيان

أوضح الفريق جابر في حوار مع قناة القاهرة الاخبارية رصده موقع اخبار السودان أن خطة إعادة التأهيل ترتكز على هدفين رئيسيين: الأول أمني، ويشمل إعادة فتح مراكز الشرطة والنيابات، ونشر الارتكازات الأمنية، وتأمين المعابر، وضبط الوجود الأجنبي والتفلتات الأمنية، إضافة إلى إخراج جميع القوات المقاتلة من ولاية الخرطوم، بما في ذلك القوات المسلحة المشتركة والقوات المساندة. أما الهدف الثاني فيتمثل في إعادة الخدمات الأساسية، وعلى رأسها المياه والكهرباء والصحة والتعليم، إلى جانب إعادة تشغيل مطار الخرطوم، بما يضمن عودة المواطنين الذين غادروا المدينة بسبب النزاع.

عودة تدريجية

أشار الفريق جابر إلى أن العاصمة تشهد حاليًا موجة عودة واسعة للسكان، حيث سجلت تقارير الأمم المتحدة وصول أكثر من 2.5 مليون مواطن إلى الخرطوم خلال الأسابيع الماضية. وتُظهر الطرقات حركة مرورية كثيفة، فيما ساهم انتشار الخدمات في تشجيع المواطنين على العودة إلى منازلهم واستئناف حياتهم الطبيعية. كما بدأت المصانع في استئناف نشاطها، وتم توفير متطلبات الحياة الأساسية، ما يعكس تحسنًا ملموسًا في الوضع العام داخل المدينة.

إصلاح المياه

فيما يتعلق بقطاع المياه، كشف الفريق جابر أن الميليشيات المسلحة دمرت 13 محطة نيلية، باستثناء محطة المنارة، إلا أن جميع المحطات أُعيد تشغيلها بعد صيانة المحركات والمولدات. وتم لاحقًا توصيل الكهرباء إلى هذه المحطات، ما أدى إلى استقرار الإمداد المائي بنسبة تجاوزت 97% في ولاية الخرطوم. هذا الإنجاز يُعد خطوة محورية في تأمين احتياجات السكان، خاصة في ظل التحديات التي واجهت المدينة خلال فترة النزاع.

دعم المستشفيات

وفي قطاع الصحة، تم تأهيل 34 مستشفى حكوميًا في ولاية الخرطوم، إلى جانب دخول عدد من المستشفيات الخاصة في الخدمة تدريجيًا. كما أُعيد تأهيل موقع الإمدادات الطبية الذي تعرض لدمار ونهب واسع، حيث تم استعادة أكثر من 70% من قدراته التشغيلية. ونجحت السلطات الصحية في التصدي لموجة الحميات التي ظهرت خلال فصل الخريف، ما يعكس تحسنًا في المؤشرات الصحية العامة. وأكد الفريق جابر أن المنحنى الوبائي في الخرطوم يقترب من نقطة الصفر، وهو ما يُعد تطورًا إيجابيًا في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد.

شبكة الكهرباء

أفاد الفريق جابر بأن العمل جارٍ على توصيل الكهرباء إلى جميع المرافق الاستراتيجية، بما في ذلك المستشفيات ومحطات المياه ونقاط خدمات الجمهور. وتمت إنارة أجزاء واسعة من أم درمان وبحري، وصولًا إلى مناطق شمبات، الحاج يوسف، والعلفون. كما يجري العمل على إعادة تشغيل المحطات التحويلية المتضررة، مثل محطة فاروق، التي تعرضت لدمار كبير. وأكد أن نسبة إنجاز أعمال شد الأسلاك في الأبراج الناقلة تجاوزت 90%، فيما تستمر جهود إصلاح الخط الناقل بين الجزيرة والخرطوم.

الطاقة والتعليم

أشار الفريق جابر إلى أن الطاقة الكهربائية المتاحة حاليًا تفوق 600 ميغاواط، ويجري إدخالها تدريجيًا إلى الشبكة. وفي قطاع التعليم، تم فتح جميع المدارس بعد إعادة تأهيلها، بدعم من جهود شعبية وحكومية مشتركة. وبدأ العام الدراسي بصورة مستقرة، مع عودة واسعة للمعلمين والأسر السودانية من الخارج، حيث تم دمج الطلاب العائدين في النظام التعليمي القائم. هذه الخطوات تعكس رغبة حقيقية في استعادة الحياة المدنية، وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومستقرة للأطفال.

تشغيل المطار

أكد الفريق جابر أن مطار الخرطوم الدولي بات جاهزًا لاستئناف الرحلات، مشيرًا إلى وجود تنسيق بين سلطة الطيران المدني وإدارة شركة المطارات. وأوضح أن المطار يستقبل حاليًا رحلات داخلية بشكل طبيعي، وأن العمل جارٍ لاستكمال الإجراءات اللازمة لإعادة تشغيله بالكامل. ويُعد استئناف الحركة الجوية خطوة حيوية في دعم جهود الإغاثة، وتعزيز التواصل الداخلي والخارجي، وفتح المجال أمام عودة الأنشطة الاقتصادية والدبلوماسية.

دعم مصري

وفيما يتعلق بإعادة تأهيل الجسور المتضررة، كشف الفريق جابر عن وصول فريق فني مصري لمعاينة الأضرار التي لحقت بجسر شمبات وجسر الحلفاية. وأوضح أن إحدى الشركات المصرية التي شاركت في تصميم الجسر تمتلك المستندات الأصلية، ما سهل عملية إعداد الدراسات الهندسية اللازمة. ويُتوقع أن يتم استعادة الجزء الشمالي من جسر شمبات خلال 45 يومًا، بعد رفع الحمولة المسموح بها من 10 إلى 30 طن. كما يجري إعداد تصاميم لإعادة تأهيل جسر الحلفاية، بالتعاون مع فريق هندسي سوداني، على أن تُطرح العطاءات قريبًا لتنفيذ المشروع.

فك الحصار

وفي سياق متصل، أكد الفريق جابر أن الحكومة السودانية تعمل على فك الحصار المفروض على مدينة الفاشر، مشيرًا إلى أن عمليات إسقاط جوي للمساعدات الغذائية نُفذت سابقًا في كادوقلي والدلنج، وستُستأنف في الفاشر. وشدد على أن حماية المدنيين داخل الحدود السودانية تُعد مسؤولية دستورية تقع على عاتق القوات المسلحة، التي تواصل تقدمها لاستعادة السيطرة على المناطق المحاصرة. وأوضح أن الحكومة فتحت سبعة معابر لتسهيل دخول المساعدات، منها معابر في شمال السودان، جنوب السودان، طينة، وأدريب، رغم التحفظات على استخدامها في دعم المليشيات.

معابر ومطارات

أشار الفريق جابر إلى أن جميع المعابر والمطارات السودانية باتت مفتوحة، بما في ذلك مطارات كسلا، دنقلا، الأبيض، الفاشر، وكادوقلي. ودعا الجهات الراغبة في تقديم الدعم الإنساني إلى التنسيق مع مفوضية العون الإنساني السودانية، مؤكدًا عدم وجود أي عقبات تمنع وصول الغذاء إلى المناطق المتضررة. هذا الانفتاح يُعد خطوة مهمة في تعزيز الاستجابة الإنسانية، وتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان في ظل استمرار النزاع.

نهاية الحرب

وحول مستقبل الحرب، قال الفريق جابر إن نهايتها مرهونة بتثبيت أركان الدولة، مشددًا على أن القوات المسلحة، بدعم من الشعب السوداني، تواصل أداء واجبها الدستوري في حماية السيادة الوطنية. وأوضح أن السودان سعى منذ بداية النزاع إلى تحقيق السلام، وشارك في اتفاق جدة الموقع في مايو 2023، لكنه أشار إلى أن عدم الالتزام بتطبيق الاتفاقات يُعد من أبرز العوائق أمام إنهاء الحرب. وأكد أن الحكومة السودانية سلّمت رؤيتها مكتوبة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية منذ فبراير الماضي، وتتضمن خارطة طريق واضحة تستوعب تطلعات الشعب السوداني، وتضمن أمنه وسيادته.

رؤية استراتيجية

اختتم الفريق جابر حديثه بالتأكيد على أن السودان ملتزم بطرح رؤيته للسلام والاستقرار أمام المجتمعين الإقليمي والدولي، مشيرًا إلى أن خارطة الطريق التي تم تسليمها تشمل نقاطًا واضحة تستجيب لتطلعات المواطنين، وتؤسس لمرحلة جديدة من بناء الدولة. وشدد على أن أي دعم دولي يجب أن يكون مشروطًا بالالتزام بهذه الرؤية، التي تُعد الإطار الوحيد القادر على ضمان استقرار السودان، وإنهاء معاناة شعبه، واستعادة مؤسسات الدولة على أسس دستورية وقانونية.