قمة شرم الشيخ للسلام .. توقيع وثيقة شاملة بشأن غزة بمشاركة دولية واسعة

قمة شرم الشيخ للسلام .. توقيع وثيقة شاملة بشأن غزة بمشاركة دولية واسعة
القاهرة: خضر مسعود
انطلقت أمس في مدينة شرم الشيخ المصرية فعاليات قمة السلام حول غزة، برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبمشاركة أكثر من 31 من قادة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، في حدث يوصف بأنه الأهم في مسار إنهاء الحرب بقطاع غزة. وخلال الجلسة الافتتاحية، وقع قادة الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر على وثيقة شاملة تُرسّخ الاتفاق المبرم بين إسرائيل وحركة حماس، والذي ينص على وقف دائم لإطلاق النار، وتبادل الأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية، وتشكيل إدارة فلسطينية انتقالية لإدارة القطاع. وفي كلمته أمام القمة، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشكر لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، مشيدًا بدوره القيادي، قائلاً إن مصر “دولة تمتد حضارتها إلى سبعة آلاف عام”، كما شكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واصفًا إياه بـ”الرجل المذهل”، وأثنى على أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووصفه بأنه “قائد رائع” ساهم بفعالية في إنجاح الاتفاق.
وقال ترامب في تصريحات لقناة “فوكس نيوز” قبل انطلاق القمة إن قطر والسعودية والإمارات والأردن ومصر لعبت أدوارًا محورية في التوصل إلى الاتفاق، مؤكدًا أن “الشرق الأوسط يمر بفترة متميزة نحو الاستقرار والسلام”.
من جانبه، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن اتفاق غزة يُعد إنجازًا تاريخيًا، مثمنًا جهود الرئيس ترامب في تحقيقه، وداعيًا إلى ضمان إدخال المساعدات الإنسانية وتسليم جثامين الرهائن إلى ذويهم، مشددًا على أن ترامب هو الوحيد القادر على تحقيق السلام في المنطقة، ومعلنًا دعم مصر لمؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة.
وتُعقد القمة تحت عنوان “قمة شرم الشيخ للسلام”، بهدف ترسيخ التهدئة، وإنهاء الحرب في غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط. ومن أبرز المشاركين فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
ويُتوقع أن تفتح القمة صفحة جديدة من إعادة الإعمار وبناء الثقة بين الأطراف، وتُمهّد الطريق نحو إحياء مسار السلام الشامل في المنطقة، بعد أن أعلن ترامب الأسبوع الماضي عن التوصل إلى المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، برعاية أميركية ومشاركة قطر وتركيا ومصر.
تنسيق دولي واسع
وعقد الرئيس السيسي قبل وصول الرئيس الأمريكي ترامب اجتماعًا تنسيقيًا مع قادة ورؤساء وفود من الأردن وفرنسا وتركيا وقطر وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وكندا والسعودية، لمناقشة تفاصيل تنفيذ اتفاق السلام وخطط الإعمار. وصرّح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الاجتماع هدف إلى توحيد المواقف الدولية لضمان وقف دائم للحرب وتحقيق الاستقرار في غزة والمنطقة.
قلادة النيل لترامب
وفي بادرة رمزية، قرر الرئيس المصري منح قلادة النيل – أرفع الأوسمة المصرية – للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تقديرًا لـ“إسهاماته البارزة في دعم جهود السلام ونزع فتيل النزاعات، ودوره المحوري في وقف الحرب في غزة”، بحسب ما أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية.
ترامب: هذا أعظم إنجازاتي
وفي تصريحات لموقع Axios، وصف ترامب اتفاق غزة بأنه “أعظم إنجازاته السياسية”، مؤكدًا أن “قائمة الحضور في قمة شرم الشيخ تُظهر أن العالم متحد خلف خطة السلام الجديدة”. كما أشاد بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، معتبرًا ذلك “خطوة مهمة نحو مرحلة جديدة من السلام”.
ترامب أمام الكنيست: أنجزنا المستحيل
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال خطاب تاريخي ألقاه أمام الكنيست الإسرائيلي يوم الاثنين، أن وقف إطلاق النار في غزة يمثل “فجرًا تاريخيًا لشرق أوسط جديد”، مؤكدًا أن الدول العربية والإسلامية شريكة في تحقيق السلام، وأن الحرب في غزة قد انتهت. وقال ترامب في كلمته: “اليوم سكتت البنادق، ومستقبل الشرق الأوسط سيصبح مشرقًا. لقد أنجزنا المستحيل وأعدنا الرهائن إلى بيوتهم. لا أحب الحروب، لكن يبدو أنني أنجح في وقفها.”
وأكد الرئيس الأميركي أن اتفاق وقف النار الذي رعته بلاده سيقود إلى نزع سلاح حركة حماس وضمان أمن إسرائيل، مضيفًا أن المرحلة المقبلة ستتركز على إعادة إعمار غزة واستعادة كرامة سكانها وتنميتهم الاقتصادية.
الدول العربية والإسلامية.
شركاء في السلام
وأعرب ترامب عن تقديره للدول العربية والإسلامية التي “مارست ضغوطًا مسؤولة على حماس”، واصفًا إياها بـ”شركاء في السلام”، مشيرًا إلى أن “السلام ليس مجرد حلم، بل واقع يمكن البناء عليه يومًا بعد يوم”.
وتطرق ترامب في خطابه إلى إيران، مؤكدًا أن العملية العسكرية المشتركة مع إسرائيل ضد منشآتها النووية كانت “رائعة”، معلنًا أنه تم “إلقاء 14 قنبلة على منشآت إيران النووية”، مضيفًا أن “قوى الفوضى في الشرق الأوسط هُزمت تمامًا”.
وأشار أيضًا إلى تطورات في لبنان بعد القضاء على حزب الله، وقال إن بلاده تدعم جهود الحكومة اللبنانية لـ”حصر السلاح بيد الدولة”.
الحرب انتهت
وخلال رحلته من إسرائيل إلى شرم الشيخ، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للصحفيين: “الحرب انتهت، وسيصمد وقف إطلاق النار. حصلت على ضمانات من الجانبين ومن شركاء إقليميين رئيسيين.”
وأشار ترامب إلى أن الخطة الأميركية تنص على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من غزة، لتحل محلها قوة متعددة الجنسيات بإشراف أميركي، فيما تُدار شؤون القطاع من قبل لجنة فلسطينية تكنوقراطية تحت إشراف هيئة انتقالية دولية جديدة يرأسها ترامب نفسه.
وختم الرئيس الأميركي كلمته بالقول: “من جيل إلى جيل، سيتذكر العالم هذه اللحظة كنقطة التحول التي بدأ فيها السلام الحقيقي في الشرق الأوسط.”
خفايا اللقاء سري بين مبعوثي ترامب وقادة حماس
كشفت ثلاثة مصادر مطلعة لموقع “أكسيوس” الأميركي، أن اجتماعاً غير عادي عُقد يوم الأربعاء الماضي في منتجع شرم الشيخ بين مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقادة حركة حماس، كان بمثابة الخطوة الحاسمة التي أفضت إلى إتمام اتفاق السلام في غزة.
ووفقاً للمصادر، فقد التقى ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر – مبعوثا الرئيس ترامب – قادة حماس بشكل مباشر، بعد أن حصلا على تفويض خاص من الرئيس الأميركي خلال اجتماعهما معه في المكتب البيضاوي قبل مغادرتهما إلى مصر، حيث أكد لهما ترامب أنه “لن يسمح بانهيار الاتفاق طالما التزمت الحركة بتعهداتها”.
اجتماع استثنائي في شرم الشيخ
عقب وصول الوفد الأميركي إلى شرم الشيخ، أبلغ ويتكوف الوسطاء القطريين والمصريين والأتراك بموافقة ترامب على لقاء قادة الحركة إذا كان ذلك ضرورياً لإبرام الصفقة. وفي مساء الأربعاء، عند حوالي الساعة الحادية عشرة ليلاً بالتوقيت المحلي، أبلغ الوسطاء القطريون المبعوثين الأميركيين بتعثر المفاوضات وسألوهم عما إذا كانوا مستعدين للقاء قادة حماس مباشرة. ونقل أحد الوسطاء القطريين قوله لويتكوف: “نعتقد أنه إذا التقيت بهم وصافحتهم، فسيكون هناك اتفاق.”
وبعد دقائق، دخل ويتكوف وكوشنر إلى إحدى الفلل المطلة على البحر الأحمر، حيث كان في انتظارهم رؤساء المخابرات المصرية والتركية وكبار المسؤولين القطريين، إضافة إلى أربعة من كبار قادة حماس يتقدمهم خليل الحية، الذي نجا قبل أسابيع من محاولة اغتيال إسرائيلية في الدوحة.
الرسالة الأميركية إلى حماس
استمر الاجتماع نحو 45 دقيقة، وأكد ويتكوف خلاله لقادة حماس أن الرهائن أصبحوا عبئاً عليهم أكثر من كونهم ورقة ضغط، مضيفاً: “لقد حان الوقت للمضي قدماً في المرحلة الأولى من الصفقة وإعادة المحتجزين إلى ديارهم على جانبي الحدود.” وسأل خليل الحية المبعوثين الأميركيين عمّا إذا كانت لديهما رسالة مباشرة من ترامب، فأجابه ويتكوف قائلاً: “رسالة الرئيس ترامب هي أنكم ستُعاملون بإنصاف، وأنه يدعم جميع النقاط العشرين في خطته للسلام، وسيتأكد من تنفيذها بالكامل.”
وبعد انتهاء الاجتماع، انتقل قادة حماس إلى غرفة أخرى مع الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك. وبعد دقائق عاد رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد برفقة نظيريه التركي والقطري ليعلن للمبعوثين الأميركيين:
“بناءً على الاجتماع الذي عقدناه للتو، توصلنا إلى اتفاق.”
خلفية اللقاء
ويعد هذا الاجتماع الثاني من نوعه بين إدارة ترامب وحركة حماس، بعد لقاء أول جرى في مارس الماضي بالعاصمة الدوحة، عندما التقى مبعوث واشنطن لشؤون الرهائن آدم بوهلر بقادة الحركة لبحث تحرير رهائن أميركيين، لكن تلك المفاوضات تعثرت بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية التي كانت آنذاك “غير مطلعة على المحادثات المباشرة”.
وأكدت المصادر أن استعداد ويتكوف وكوشنر للقاء قادة حماس وجهاً لوجه، رغم المخاطر السياسية البالغة، أظهر للحركة جدية واشنطن في تنفيذ الاتفاق وضمان استمراره. وختم أحد المصادر بالقول: “لهذا السبب، عندما وعد مبعوثو ترامب بتنفيذ الاتفاق بالكامل، صدقتهم حماس.”