سلطان كيجاب .. عملاق السباحة وموسوعة الفن والثقافة والسياسة

بروفايل

سلطان كيجاب .. عملاق السباحة وموسوعة الفن والثقافة والسياسة

 

بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ

من رموزنا التي لن تنسى وأحد أعظم السباحين في تاريخنا الرياضي سلطان كيجاب الذي بنى مجدًا لا يباري ولكن فقدنا انتصاراته التي كانت تروي حكايات مجد وسط الأمواج وأعاصير البحار. اللقب الذي صار اسمًا
السلطان كيجاب، ذلك الاسم الذي لطالما ارتبط بالتحدي والانتصار في مياه النيل، لم يكن مجرد سباح، بل كان رمزًا لقوة الإرادة التي تخطت الصعاب. قال عن نفسه في إحدى مقابلاته: “اسمي عبد المجيد سلطان كيجاب، وكيجاب لقب بات جزءًا مني. وُلدت في منطقة الغابة بالولاية الشمالية عام 1955م، حيث قضيت طفولتي وصباي. أنا خريج جامعة القاهرة فرع الخرطوم، متزوج وأب لولدين وبنتين”.

الملح ورحلات صيد الأسماك

بداياته مع البحر كانت مغمورة برائحة الملح ورحلات صيد الأسماك التي شكلت جزءًا من حياته الأولى كما قال: “كنت أصيد السمك وأبيعه في قريتي، وهناك تعلمت السباحة على أصولها. حين انتقلت إلى الخرطوم، اكتشفت أبطالًا، تعلمت منهم وأصبحت منافسًا قويًا لهم. وحققت بطولات لا تزال محفورة في الذاكرة.

من هنا بدأت الرحلة

بدأ كيجاب مسيرته الرياضية في السودان باكرًا، حيث انضم إلى نادي الخريجين وشارك في منافسات السباحة وكرة الماء. في عام 1969م، تم اختياره ليمثل السودان في سباق “ماراتونا ديل جولفو” في إيطاليا، ما ساعده على الحصول على شهرة دولية.
بعد ذلك، انتقل إلى كندا في أوائل السبعينات، حيث مثّل بلاده في البطولات العالمية وأصبح من الرواد في السباحة الاحترافية، مشاركًا في سباقات التتابع لمسافات طويلة.
على المستوى العالمي، حقق كيجاب إنجازات بارزة، حيث جاء في المركز التاسع في سباق لاتاك الكندي الشهير عام 1973م، وصُنّف ضمن أفضل 35 سباحًا في سباقات ماراثون السباحة المحترفة.

أطول السباقات في العالم

وفي عام 1974م شارك في سباق جبل أولياء الذي يُعتبر من أطول السباقات في العالم، من سد جبل الأولياء على النيل الأزرق إلى مبنى التلفزيون في أم درمان بمسافة 50 كلم تقريبًا. وتمكن كيجاب من إنهاء السباق في 13 ساعة.
كما أنشأ كيجاب أول مدرسة سباحة للشباب عام 1975م. وطوال مسيرته الرياضية، حصل على 126 جائزة وكأسًا وميدالية ودروعًا وشهادة.

سباق من نوع آخر

استطاع كيجاب أن يبني صداقات قوية مع شخصيات بارزة، بما في ذلك الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري، والملاكم الأميركي الشهير محمد علي كلاي. وأشار كيجاب إلى دوره في إقناع كلاي بزيارة السودان في عام 1988م، وذلك لتسليط الضوء على أزمة المجاعة التي كانت تعاني منها البلاد.
وفي خطوة جريئة، أعلن كيجاب عن خوضه انتخابات رئاسة الجمهورية في السودان ضد الرئيس عمر البشير، وتمكن من إحراز المركز الثاني بين 39 مرشحًا في انتخابات كان يقول. عنها انها انتخابات قهاوي.
كيجاب له علاقات وروابط جميلة، كحال جميع الرياضيين والصحافيين. كان شخصًا لطيفًا وجميلًا وفكاهيًا، يشيع المرح في المكان، ويمنح الصحافيات اهتمامًا أكبر، ويعاملهم معاملة راقية. تعرفت عليه منذ دخولي عالم الصحافة الرياضية، وكنت أسعد جدًا بلقائي به، فهو موسوعة من المعرفة: إذا تحدث في السياسة حسبته سياسيًا بارعًا، وإذا تحدث في الرياضة تخاله الرياضي الأوحد. كان اجتماعيًا ومثقفًا، ولعب كرة القدم لفريق المريخ، أحد ناديي القمة الكروية في السودان، ولديه قصص وحكايات طريفة مع أنصار ناديي المريخ والهلال. وكانت لديه علاقة متميزة مع جميع القادة السياسيين”.
اما الغناء السوداني ودهاليزه فقد كان عليما به حافظا لرموزه وشخصياته وبل دقائق عن تلك الاغاني وتاريخها.
تشرفت به الرياضة السودانية رموز الرياضة السودانية، لاعبًا مجيدًا، ومدربًا بارعًا، وإداريًا متميزًا، فضلاً عن إسهاماته وإنجازاته المتعددة التي خلدها من أجل رفع اسم السودان عاليًا في المحافل الدولية والقارية.
بقي القول انه كان وثائقيا من طينة العمالقة لكل حكومات السودان وتغييراتها الوزارية منذ الاستقلال وحتى رحيله.