
عصام جعفر يكتب: هدنة بتاع فنيلتك !!
مسمار جحا
عصام جعفر
هدنة بتاع فنيلتك !!
أمضى عبد الوهاب وردي نجل الفنان العملاق محمد وردي عمره كله يبحث عن فرصة لإثبات أنه فنان ومبدع ودارس للموسيقى، ولكن لم تسمح له هذه الفرصة، ولم يخدمه الحظ، ولم تخدمه موهبته للوصول إلى مقام الفنان المسموع. الهرم الكبير محمد وردي نصح ابنه عبد الوهاب بعدم الغناء، وقال له إنك لا تملك إمكانيات الفنان، وهاجم وردي القائمين على الأجهزة الرسمية حول كيف سمحوا لعبد الوهاب بالغناء. لكن عبد الوهاب لم ييأس، ولم يترك حلمه القديم، وأصر على أنه فنان، وحاول الدخول من كل الأبواب حتى وجد أخيراً أحد الأبواب المشرعة، فدخل منها مباشرة وأمسك باللحظة التاريخية، حيث الناس في أجواء الحرب مشدودين ومشوشين، مجروحين الخاطر، مضطربين الوجدان، ومكسورين الخاطر، يحتاجون لمن يواسيهم ويطبطب عليهم بأي فعل ولو كان ساذجاً وبسيطاً يعبر عن الحالة التي يعيشونها والظروف التي يعانونها، وحالة اليأس التي تتملكهم. فأنتج أغنيته الوحيدة الخارجة عن كل الأطر والقوالب والمعاني المعروفة بعنوان (هدنة بتاع فنيلتك) التي ملأت الدنيا منذ الأمس وشغلت الناس وسارت بها الأسافير. واختلف تقييمها بين الناس، فمنهم من رآها (عوارة ساكت)، ومنهم من عدّها فكرة جديدة، ومنهم من قال إنها تهريج فني وليس غناء، ولكن الثابت أن الأغنية، على ركاكة كلماتها ولحنها البسيط الساذج، انتشرت ووجدت تجاوباً مثلها مثل (جميلة ومستحيلة) و(بناديها) و(الود) و(نور العين)، وذكّرت بعبد الوهاب وردي المنسي الذي قال عنه وردي الكبير إنه ليس بفنان. (هدنة بتاع فنيلتك) تعبير مبدع من عبد الوهاب وردي، وهو الأنسب لمخاطبة مسعد بولس مستشار ترامب الساعي وراء الهدنة (هدنة بتاع فنيلتك). وهو التعبير الأنسب لمخاطبة بن زايد الذي يريد الهدنة لتمرير أجندته (هدنة بتاع فنيلتك). وهو التعبير الأنسب في وجه القحاتة وجماعة تأسيس ومليشيا الدعم السريع الذين يؤيدون الهدنة لتمنحهم بعض الأمل للبقاء على قيد الحياة وتكف أيدي الجيش السوداني عنهم، ولكن وردي يقول لهم (هدنة بتاع فنيلتك). جيش واحد شعب واحد. بل بس. (هدنة بتاع فنيلتك).