
صلاح دندراوي يكتب: الكوادر الطبية .. جنود في قلب المعركة
نقطة ضوء
صلاح دندراوي
الكوادر الطبية .. جنود في قلب المعركة
نعم، قد يكون الجندي حامل السلاح ويقاتل العدو ويتصدى لمطامعه هو من نعدّه حامي الحِمى والزائد عن حياض الوطن والمتفاني في درء المخاطر عنه، لأنه يتواجد في ساحة المعركة، باذلًا روحه ودمه ونفسه فداءً لهذا الوطن وحمايةً للأرض والعِرض.
ولكن أيضًا هناك ساحات أُخَر ومعارك دائرة ضد أعداءٍ أيضًا يتربصون بهذه البشرية وبالوطن.
ومن هؤلاء جنودنا في الكادر الطبي بكل تخصصاته وأقسامه، فهؤلاء الجنود هم أيضًا يخوضون معارك قد تكون أشدَّ مضاءً ضد العدو المرض، أو حتى ضد العدو الإنسان الذي هو أيضًا بات هذا الكادر الطبي، والمشفى الذي يعمل به، هدفًا مشروعًا.
لذا، إذا التفتنا إلى حالات الاستهداف، نجد الكادر الطبي من أوائل المستهدفين بعد جنودنا البواسل، وكذلك المستشفيات والمراكز الصحية التي يعملون بها.
ورغم ذلك لم نجد هؤلاء الجيش الأبيض يتخلّون عن مهنتهم الإنسانية، فتجدهم مرابطين في مواقعهم، رغم أن الموت يرفرف بجناحيه من حولهم من مسيّراتٍ وداناتٍ ووابلِ الرصاص. لم يهمهم كم سقط منهم من شهيدٍ أو جريح، فقط همهم الشاغل هو ذاك المريض الذي لا حول له ولا قوة إلا بالله، فيُخلصون لمهنتهم، بارّون بهذا القسم الغليظ الذي أقسموه حين تخرجهم.
لقد لعبت الكوادر الطبية إبان معركة الكرامة تلك أدوارًا بطولية ومواقف راسخة وتضحياتٍ جسامًا، وسجلوا في سفر التاريخ مواقفهم تلك بمدادٍ من نور.
لقد راح منهم في سبيل تلك القضية أرواحٌ ونُزفت دماء، ولكن بقيت تلك السيرة العطرة لهؤلاء الجنود الذين ظلوا صامدين في قلب المعركة، يذودون عن مهنتهم بأخلاقٍ فاضلة وقلوبٍ صافية وتوكّلٍ على الحي الذي لا يموت، وهم على يقينٍ بقول الله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا).
إنه واجبٌ علينا في خضم تلك الأحداث المتلاحقة أن نعطي تلك الكوادر الحية بعضَ ما يستحقون، ونحن أعلم بأن ما نذكرهم به من خير لا يفي ولو بالقليل مما هم أهلٌ له، ولكن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وهذا بعضٌ مما يستحقون.