حرب السودان .. مخاوف دولية من انتشار الجرائم العابرة للحدود
حرب السودان .. مخاوف دولية من انتشار الجرائم العابرة للحدود
أمدرمان: الهضيبي يس
أصدرت أكثر من عشرين دولة، بينها المملكة المتحدة، كندا، ألمانيا، أستراليا، النرويج، والسويد، بيانًا أعربت فيه عن قلقها البالغ من التقارير التي تفيد بوقوع أعمال عنف ممنهجة ضد المدنيين خلال وبعد سقوط مدينة الفاشر في يد قوات الدعم السريع، وتصاعد القتال في شمال دارفور ومنطقة كردفان. وأكد البيان أن الاستهداف المتعمد للمدنيين، والقتل الجماعي بدوافع عرقية، والعنف الجنسي، واستخدام التجويع كسلاح حرب، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، تُعد انتهاكات مروعة للقانون الإنساني الدولي، مشددًا على أن هذه الأفعال، إن ثبتت، تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأضاف البيان: نحن ندين جميع الفظائع بأشد العبارات الممكنة، ونطالب بوقف العنف فورًا، كما نُقرّ بأهمية الجهود المبذولة لتوثيق طبيعة الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر. يجب أن تنتهي حالة الإفلات من العقاب، ويجب إرساء مبدأ المساءلة. إن الحماية والعدالة للشعب السوداني ليست واجبًا قانونيًا فحسب، بل هي أيضًا ضرورة أخلاقية عاجلة.
ودعت الدول الموقعة إلى وقف فوري للعنف، وضمان مرور المساعدات الإنسانية دون عوائق، ومنح المدنيين ممرات آمنة تماشيًا مع قرار مجلس الأمن رقم 2736. كما طالبت الأطراف المتحاربة بالاتفاق على وقف إطلاق النار وهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر. وحذر البيان من محاولات تقسيم السودان مجددًا، مؤكدًا دعم الموقعين لوحدة البلاد وسيادتها وسلامة أراضيها، وداعيًا جميع الأطراف إلى الجلوس في مفاوضات سياسية شاملة يقودها السودانيون أنفسهم.
ووقع على البيان وزراء خارجية كل من: النرويج، أستراليا، بلجيكا، كندا، ألمانيا، أيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، هولندا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، السويد، الدنمارك، والمملكة المتحدة، إلى جانب تأييد من النمسا، كرواتيا، قبرص، التشيك، إستونيا، فنلندا، لاتفيا، بولندا، رومانيا، وسويسرا.
ويشهد العالم تحركات مكثفة تجاه السودان عقب أحداث المجازر التي شهدتها مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، مما أسفر عن مقتل آلاف على يد الدعم السريع، من بينهم الأطفال والنساء، بصورة جماعية، مما دعا لتعالي الأصوات وسط منظمات المجتمع المدني والعاملة في الحقل الإنساني بضرورة التحرك لإنقاذ السودانيين نتيجة ما يتعرضون له من مجازر على أساس عرقي وأثني.
ويشير الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد محي الدين إلى أن هذه التحركات ومجموعة الضغوط التي تعيش فيها مليشيا الدعم، من حيث الذهاب بها للتصنيف نحو منظمة “إرهابية”، هي نتيجة طبيعية لمجموعة الانتهاكات الإنسانية والمجازر بحق المدنيين العزل. بينما تعتبر معظم الدول التي أصدرت البيان، أنه تأكيد على توقعات الفترة القادمة بأن “الدعم السريع” سيدخل في مرحلة عزلة إقليميًا ودوليًا. أيضًا، تكاد معظم الدول الموقعة على البيان تتخوف من العيش في ظروف داخلية قد تفرض عليهم واقعًا سياسيًا جديدًا بفعل تحركات الشارع والمنظمات العاملة في الحقل الإنساني.
ويضيف محي الدين: هناك بعض دول الجوار السوداني أيضًا تتخوف من تطورات الأوضاع جراء الحرب في السودان، وما لها من تأثيرات وأبعاد جيوسياسية واقتصادية، سيما وأن مشروع الدعم السريع في السودان بات واضحًا لهدف تقسيم الدولة لشقين، مما يسهل على دول الاستيلاء على الموارد وإعادة تشكيل الواقع السكاني، أو ما يعرف بالتغيير الديمغرافي، وهو بالتأكيد يقلل من الأزمات والأعباء الواقعة على بلدان الساحل الأفريقي وأنظمتها وما تعانيه من فقر ونقص في الخدمات وفرص العمل، وانتشار الجماعات المسلحة.
وزاد: وقتها سيتحول السودان لمساحة فارغة ومترعة بالفوضى، تكثر فيها عمليات الاتجار بالبشر، وتجارة السلاح، والهجرة غير الشرعية بين غرب وشمال القارة الأفريقية، مما ينعكس بمضاعفة التهديدات على منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، فضلاً عن تحويل هذه الكتل البشرية إلى مجموعات لحمل السلاح، وفقًا لخطاب سياسي قد يسود وقتها ويشكل منهجًا للتطرف والدعوة لإسقاط الأنظمة، مما يجعل السودان منصة انطلاق. كل تلك العوامل تجعل العالم يتحرك لإيقاف الحرب في السودان، ولكن لابد أن تكون المعادلة القادمة مستندة على ما وضعه “الجيش” من خارطة طريق.