د. عمر كابو يكتب: هنا تكمن مشكلة أمير الدويلة الحقيقية
ويبقى الود
د. عمر كابو
هنا تكمن مشكلة أمير الدويلة الحقيقية
لا مشاحة في أن أمير الدويلة مريض يعاني من جنون العظمة الذي خيّل له أنه صار الكون كله بيده يفعل ما يشاء ويستطيع أن يخضع الشعوب لسلطان إرادته، حتى الحرة منها يستطيع شراءها بماله ونفوذه.
لكن ليست تلك أزمته الكبرى الآن التي حولته إلى منبوذ تطارده لعنات الملايين، ووقف عاجزًا أمام كل العالم الذي يتجه وجدانه السليم لتشكيل رأي عام ضده يصعب الفكاك منه، وينتهي به إلى المشنقة مثلما فعل بالرئيس صدام حسين.
والرئيس صدام حسين خطأ واحد ارتكبه يوم استمع لنصيحة إدارة بوش التي أوعزت له باجتياح الكويت، وحين غزاها استجابة لطلب الإدارة الأمريكية سارعت إلى إدانته وشنت حربًا ضده انتهت إلى محاكمته في الساعات الأولى من فجر عيد الأضحى ليروح ضحية الأطماع والانصياع لرغبات أمريكا.
ليس لدي أدنى شك في أن الإدارة الأمريكية ستضحي بهذا المخبول؛ فقد استنفد أغراضه بتفتيت النسيج الاجتماعي في السودان، وتهجير ثلث شعبه، وزرع الفتنة بين مكوناته الاجتماعية والسياسية بحيث يصعب بناء جدار الثقة من جديد بين (زرقة وعرب) دارفور وبين أهلنا في دارفور وأهلنا في ولايات السودان الأخرى.
أجل، فإن كلفة الإبقاء عليه تبدو عالية ستكلف إدارة ترامب المتهم بالرشوة منه مقابل صمته عن جريمة الإبادة الجماعية التي تعرضت لها قبيلة المساليت واغتيال والي غرب دارفور غيلة في أبشع جريمة قتل شهدها العالم.
تابعوا ردّة الفعل القوية ضد فظائع مليشيا الجنجويد وسيدتها دويلة الشر من كل المناحي، ستدركوا أن الأمر خرج عن نطاق سيطرة الحكومات وأصبح بيد الشعوب.
مما اضطر حكومات الدول إلى أن تسارع بتغيير موقفها من حالة الصمت المطبق المثير على انتهاكات وفظائع وعدوان واعتداءات دويلة الشر على الشعب السوداني باستجلابها مرتزقة أجانب، اعترف رئيس دولة كولومبية بمشاركة أعداد ضخمة من المرتزقة الكولومبيين.
فالرأي العام العالمي بدا أكثر تعاطفًا مع إنسان الفاشر الذي تعرض لأبشع صور الظلم لا يمكن أن تصدقه العين أو يخطر على بال بشر، ومن ذلك استهداف المستشفى وقتل المرضى والأطفال الرضع وحرق جثامين الشهداء إخفاءً لجرائم القتل وسفك الدماء.
ما من قطاع من قطاعات المجتمع في محاور الحياة المتشعبة إلا وسارع للتعبير عن تضامنه وتعاطفه مع الشعب السوداني ضد دويلة الشر ومليشياها الجنجويدية الإرهابية.
فجماهير الأهلي المصري والترجي التونسي والرجاء البيضاوي المغربي التي احتشدت بها ملاعبهم المختلفة قالت كلمتها ضد مليشيا الجنجويد مؤازرة لشعب السودان الذي يقف خلف جيشه الوطني الجسور.
إن صورة جماهير الرجاء البيضاوي وهي تحتشد للمرة الثانية تردد أنشودة العملاق حسن خليفة العطبراوي بذات اللحن (الملودي)، تؤكد أن الشعب المغربي يشارك السودان مشاعره وحزنه وآلامه كقوة ناعمة سلاحًا أعظم أثرًا وتأثيرًا.
في المقابل، فإن سفارات وفعاليات دويلة الشر أصبحت تحت التهديد والوعيد المباشر على نحو ما شاهدنا كيف استطاع المتظاهرون الاحتشاد بالآلاف أمام إحدى السفارات مما اضطر سفيرها (للتعريد) بعيدًا عنها.
وذات ما فعله المتظاهرون في لندن الذين اقتحموا جناح معرض خاص بدويلة الشر بطريقة تفضح مشاعر السخط الشعبي العارم ضد هذه الدويلة.
من أجل ذلك، وكما أسلفنا، فإن الحكومات وصلت لقناعة أن مليشيا الجنجويد الوضيعة الحقيرة ليست مؤهلة لا قانونيًا ولا أمنيًا ولا أخلاقيًا للاستمرار، فقد فقدت كل شروط بقائها ولم يعد بالإمكان الدفاع عنها، ناهيك من حلم البقاء عليها وعقد مفاوضات بينها وبين جيشنا المهيب.
الخطر الحقيقي الكبير الذي يواجه شيطان العرب أنه وقع في (الفخ) ولم يعد ممكنًا فعل شيء لإنقاذه أمام استرداد الشعوب لوعيها ثم انفتاحها على معلومات جد كثيفة والجهد الإعلامي الوطني الصادق والمخلص في وضع الرأي العام العالمي أمام شاشة الحقيقة دون زيادة أو نقصان.
ليبقى السؤال الجوهري والمزعج لأمير الدويلة طاغية زمانه: إن كانت الدويلة عضو الرباعية تريد فعلًا وقف الحرب فلماذا لا توقف دعمها ومساندتها لمليشيا الجنجويد وخونتها في قحط (الله يكرم السامعين) حاضنتها السياسية؟
هذا السؤال الذي أفشل ويفشل الرباعية، ويجعل الشعب السوداني كله قلب رجل واحد يدعم ويسند قواته، سعيد جدًا بشعار (بل بس).