د. حسن محمد صالح يكتب: إلى جنات الخلد خالي عبد الرازق

موقف

د. حسن محمد صالح

إلى جنات الخلد خالي عبد الرازق

 

تقبله الله قبولًا حسنًا وأورثه جنات المأوى. لم يكن فقد الخال عبد الرازق عبيد الزبير فقدًا واحدًا، ولكنه بنيان قوم تهدم.
لقد كان شهماً جوادًا كريمًا، فتح بيته وداره للغاشي والماشي.
دائمًا “سكينه حمرا”، وعدو سعيته كما يقولون، ابتسامته عريضة، ولا فرق عنده بين ضيف الهجعة الذي يأتي بعد منتصف الليل ليلقاه هاشا باشا، وبين من يأتون على عجل ويجدون أنفسهم في قبضته وقد ذبح ذبيحته وسال دمها. ما لاحظته ورأيته بعيني كان كثير الضيوف في حالة من الوداع والاستقبال، لا يكل ولا يمل.
طويل النجاد، قوي العماد، كثير الرماد، إذا ما شتي.
كان عطوفًا جوادًا نبيلاً، ذو عناية فائقة بأهله وربعه وناسه، حريصًا على تعليم أبناء البادية لدرجة الإقامة معهم في داره والرحيل بهم حيث ذهبوا إلى المدارس التي يتم نقلهم إليها، وقد تعلموا العلم النافع بحمد الله.
لحق اليوم برفيقة دربه وأم أولاده حليمة، ابنة أستاذه المربي الكبير ميرغني الفكي. لقد ترك رحيل زوجته المفاجئ قبل عامين حزناً ملأ قلبه الكبير.
كان الخال عبد الرازق صديقًا حميمًا لناظر الهوارير الراحل آدم حسن نمر أبو قدم، فقد افتتح الأستاذ عبد الرازق مدرسة أبو عروق الابتدائية وأمضى سنوات في تلك النواحي العزيزة من شمال كردفان، وطالت سنواته في أبو عروق، والسبب أن أبو قدم كان متمسكًا به حريصًا على وجوده معهم. ومن أبو عروق إلى نواحي عدة منها تنه، كما عمل باليمن وعاد ليقود التعليم بسودري.
المسلمين الكباشي .. أُنعّي لكم الأستاذ الكبير عبد الرازق عبيد، من الرعيل الأول الذين أنشأوا التعليم في بادية الكبابيش، وهو منهم من منبت حسن، من أولاد عوض السيد، أحد أفرع قبيلة النوراب، وريثة نظارة الكبابيش منذ قرون طويلة.
كان حظي أن التحق بمدرسة حمرة الشيخ الابتدائية عند نهايات الستينات، وقد غادرها الأستاذ عبد الرازق إلى نواحي أخرى في دار الكبابيش، حاملاً مشاعل المعرفة يضيء بها دياجير تلك النواحي من شمال كردفان. ووجدنا سمعته مهارة في التعليم وقدوة في التربية.
رحمه الله رحمة واسعة، والعزاء لأهلنا الكبابيش وخاصة بيت أولاد عوض السيد من النوراب، وعزائي للصديق محمد فضل الله عويضة ابن أخت الأستاذ عبد الرازق عبيد، وللزميل العزيز دكتور حسن محمد صالح.
إنّا لله وإنّا إليه راجعون.